من المتدارج عليه حين الاختلاف، بما في ذلك الذي منبعه التناقض، أن ينبري واحدهم للقول «الاختلاف في الرأي لا يُفسد للودِّ قضية»، وهذا صحيح في حال كان الاختلاف لا يتجاوز الرأي التفصيلي، حول موضوع أو قضية أساسية، متوافق عليها كقاعدة أو نظرية، ربما كمثال، في تقدير ردات الفعل تجاه فعل بعينه، فتتفاوت تلك التقديرات، ولكن موضوع رد الفعل بحد ذاته وحتميته، ليس موضع خلاف.
والاختلاف في الرأي الذي يحفظ الود، مبني أساساً في طبيعة العلاقة بين الطرفين، التي لا تنطوي على التناقض الفكري، ولا على التنافس المصلحي بينهما، بقدر ما هي علاقة بناؤها مؤسس على، التكامل والتناوب وتوزع الأدوار، بما يحرص كل طرف على الآخر بنفس قدر حرصه على ذاته.
أما الاصطفاف الرافض للآخر، فلا سبيل فيه للاختلاف في الرأي، بقدر ما فيه من التناقضات المتضادة، في الفهم والغاية والمؤدى، ولا ود فيه لكي يفسد أو لا يفسد، ومثال ذلك التناقضات التي يبديها بعض رجال دينٍ بعينه وأتباعه، وانحدار أتباعهم، تجاه دين آخر ورجاله وأتباعه وأتباعهم، فحدود الاصطفاف الرافض للآخر هنا، تصل في أقلها، إلى تناقض أحكام التحليل والتحريم، وعلاقة التباعد والتباغض بالتكفير واللعن والانتقام، وممارسة تلك الكراهية، على منوال ممارسات داعش والقاعدة والنصرة و «بوكوحرام»، كجماعات دينية متطرفة، الى حد نهجها التطرف الإرهابي، أو في تصرفات بعض حكومات الدول تجاه انتفاضات وثورات شعوبها، بتسليط سلاح الحروب الفتاكة ضدهم.
ومن الاصطفافات الرافضة للآخر، عدا عن أصحاب الفكر الديني المتزمت، هناك أصحاب الفكر الطفولي، ولإيضاح التحديد، نعيده تكراراً، أصحاب الفكر الطفولي، من الدينيين والمذهبيين، وأصحاب الفكر الطفولي من اليساريين، والليبراليين، وأسوؤهم أصحاب الفكر الطفولي العلماني.
في الأصل فإن جميع هذه المذاهب الفكرية، هي نتاج طبيعي سَوِي لتطور الفكر الإنساني، وقد ساهمت جميع هذه المذاهب الفكرية، بما فيها المذاهب الفكرية الدينية، في التطور الإنساني والمجتمعي الإيجابي، الخادم للإنسان في علاقاته، بمحيطه الإنساني الفرعي، والمادي الحياتي، الى أن تولَّدت نزعة الطفولة الفكرية، وتلتها للأسف مراهقتها، في انحدار عكسي لكل فكر، فجميع هؤلاء الأفراد كما الطفل العابث، دون ركيزة علمية مبدئية، ودون البناء على تراكم المعلومة والتجربة، بل ودون غاية بعينها عدا عن المشاكسة، يعادون ويشاكسون باللغو في القول، كل من عداهم بالجمع، سواء في أصل المذهب الفكري، الذي تبرعموا عنه نشازاً، أو ضد المذاهب الفكرية الأخرى.
وما بين الفريقين، هناك أفراد وجماعات، يلتقون في أساسيات الغاية، ويختلفون في حدودها وفي وسائل تحقيقها، ففي موضوع مثل مبدأ الكرامة والحرية والمساواة، والتي لا يختلف عليها اثنان، إلا في حالة أن كان أحدهما حراً والآخر عبداً، ممن هم محكومون بآخر مستبد متسلط، وكذلك في حالة التناقض بين الديمقراطي والاستبدادي، إلا أنه من الطبيعي والإنساني، أن يلتقي حول حقوقية هذا المبدأ كل إنسان عاقل سوي، طبيعي المزاج.
قد يختلف الساعون لذات الغاية والهدف، حول الوسيلة وكيفيتها، وحدَّتِها وتوقيتها، والزمان والمكان، وهنا يصح القول، «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، ولكن حين يتسع الشقاق، إلى الاصطفاف الرافض للآخر، بمثل الاصطفاف الديني أو المذهبي أو العرقي، أو الاصطفاف بالفصل ما بين كل ما هو حكومي وكل ما هو شعبي، أو الاصطفاف بالعمر الفكري الطفولي والمراهقي، لأي مذهب فكري كان، فإن هذه الاصطفافات لا تنفيها ولا تخفيها التصريحات، بأن «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية» فلم تعد الحالة المجتمعية بذلك، حالة خلاف فكري، بل تناقض وجودي مصلحي، يحتاج لمساعي الساعين لألفة المجتمع، من أصحاب الرأي والحكمة، الموثوق بهم من قبل جميع الأطراف، أو الاحتكام إلى الرأي الشعبي الحر.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ
الاصطفاف الطائفي لا يقابله إلا اصطفاف طائفي هذا شئ طبيعي كما لبنان
والعراق وهذا لايجلب إلا الخوف بين مكونات المجتمع حتى الدمقراطية لأن هذا مقدمة لمحاصصة مذهبية بغيضة تبعد الأمان عن الوطن المشاركة السياسية بين مكونات الشعب هي الضمان لللحمة الوطنية
كل نفس بما كسبت رهينة= من فعل خيرا يجز به ومن اساء لنا لن ينال منا الا الكراهية
لماذا انت تنال احترامنا وتقديرنا وعندما تدخل مجلسا او تجمعا الكل يبدي ويظهر لك احترامه ومحبته .
بينما الآخرون ينالون الكراهية؟ لماذا هذه الكراهية وهل جاءت هكذا عفوية؟
كلا انها الاعمال التي اقترفت ضد اخوة لهم في الوطن لم يبدو لهم أي فعل يسيء لاحد منهم
عبد علي البصري
مختلف اثنان الا و أحدهم على حق والآخر على باطل , والاصطفاف طبيقي اهل الحق وأهل الباطل . ومن يريد المصلحه الخاصه ومن يريد المصلحه العامه ... وهكذا .
انت لا تملك الشجاعه
انت لا تملك الشجاعة كي تقول الحقيقة الخطأ موجود في كل حركات الاسلام السياسي و كذلك العنف و الاٍرهاب موجود في داعش و حالش و لكنك لا تملك الشجاعة