في سورية، كان الفلسطيني - السوري رامي العاشق أمام خيارين في العام 2011، إما أن يكون مع النظام أو مع الناس من حوله، فانحاز لمن حوله. كتب أغانيَ وأشعاراً للثورة، وعمل صحافيّاً أيضاً. غنت من أشعاره الفنانة أصالة نصري مثل أغنية «آه لو هالكرسي بيحكي».
فرّ من مخيم اليرموك في سورية بعد أن أصبح مطلوباً، ووصل إلى الأردن بصورة غير رسمية، وهذا مخالف للقانون في الأردن، لأنه من فئة لا يحق لها الدخول إلا بتأشيرة دخول (فيزا). تم اعتقاله عندما دخل الحدود ووضع في معتقل اسمه «سايبر ستي»، لكنه تمكن من الفرار بعد أربعة أشهر، عاش بعد ذلك في الأردن باسم مستعار لمدة عامين.
وفي عمان أصدر ديوانه الأول تحت عنوان «سيراً على الأحلام». وهو ديوان شعر عن الثورة والشهداء والمعتقلين، وعن خيمة اللجوء وقارب الموت، ولديه الآن ديوانان شعريان يسعى لطبعهما قريباً، الأول بعنوان «لم ينتبه أحدٌ لموتك»، والآخر باللغة الدارجة بعنوان «لابس تياب السفر».
يقول رامي العاشق في حوار نشرته دويتشه فيله في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015: «لم آتِ إلى هنا كلاجئ، وإنما حصلت على حماية من الحكومة الألمانية وتم منحي إقامة لمدة سنتين. لأني كنت مطلوباً في سورية وفي الأردن. حصلت من مؤسسة ألمانية على منحة مخصصة للكتّاب الشباب. وهنا فُتحت لي أبواب أشعرتني بشيء من الإنسانية الموجودة في كوكبنا».
هذه الإنسانية التي تكلم عنها العاشق هي التي مازال الإنسان العربي يبحث عنها في كل بلد عربي غير أنها للأسف غائبة في منطقتنا العربية. ولهذا فإنه من السهل أن يتحول الإنسان العربي إلى مشرد ولاجئ أو أي شيء آخر في ظل استمرار مسلسل السياسات الخاطئة والقبضة الأمنية.
حكاية العاشق لم تتوقف عند هذا الحد، فهو عندما وصل ألمانيا سمع كلاماً مغايراً جعله يشعر بإنسانيته ويعامل بشكل حضاري لأول مرة، إلا أن الحنين إلى الوطن يبقى هاجسه. يقول: «عندما وصلت المطار في ألمانيا لأول مرة، رحب بي الشرطي وقال لي: «أهلاً بك في ألمانيا، التي ستكون وطنك الثاني». ولكني لا أعتقد - على الأقل في الوقت الحالي - أنها وطني. لأن الوطن بالنسبة لي مرتبط بأشخاص وذكريات. لذلك أنا وطني هو سورية رغم أني فلسطيني. في ألمانيا لقيت معاملة حضارية، وهناك أشياء كثيرة تعجبني وتناسب توجهاتي، ولكن يبقى الوطن هناك».
لم تتوقف تجربة هذا الشاب السوري - الفلسطيني عند هذا الحد، إذ أطلق مع مجموعة من الصحافيين العرب مشروعاً لإصدار صحيفة عربية مطبوعة توزع بالمجان على اللاجئين. ولقد تولدت الفكرة،عند مجيئه إلى ألمانيا إذ قرّر أن ينشئ موقعاً ثنائي اللغة (عربي ألماني) بغرض مد الجسور بين المجتمعين وذلك لوجود العديد من الصور النمطية من كلا الطرفين عن الآخر. ولكن الموقع الإلكتروني الذي أسماه بـ «الأجنبي» لم ينجح.
ورأى رامي العاشق أن أسباب ذلك تعود إلى أنه «ليس كل اللاجئين لديهم قدرة على الولوج إلى الإنترنت. وهم بحاجة للمعلومة بلغتهم الأم». ولذا فإن العرض الذي جاء من إحدى الشركات بألمانيا بإطلاق صحيفة مطبوعة باللغة العربية كانت فكرة جيدة، حققت الهدف الذي كان يطمح إليه هذا الشاب، وخاصة أن «أبواب» (اسم الصحيفة) موجهة لمساعدة اللاجئين الجدد. لقد استوحى اسم الصحيفة من أشخاص ألمان، إذ عاش في مدينة كولن عند عائلة ألمانية كانت هي البداية لفتح الأبواب له، ويريد أن يفعل الشيء ذاته بجهوده لأناس تحتاج إلى ذلك. وبالفعل وجد العاشق أن المشروع الذي أقدم عليه هو من أجل فتح الأبواب، ومهمة نبيلة لمساعدة الآخرين على إثبات وجودهم وتحقيق أهدافهم داخل المجتمع الألماني الذي قدم لهم فرصة العيش بأمان وكرامة لا تحط من قيمتهم الإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ
البحريني ليس بعيد
نعم نحن نعتقد أننا قد نكون بعيدين عن فكرة ما يحدث سوريا .ولكن أن استمررنا في تقطيع بعضنا ستنتهي مثل سوريا
قصة انسانية
لازم نتعلم من غيرنا
ابن فلسطين
الفلسطينيون مشردون وغيره...ليس لديهم وطن غير ألمانيا هي من تأخذهم .العاشق قصته مؤثرة
هناك أكثر من قصة للاجئين
نعم هذه واحدة من الحكايات.شكرا ريم