في عُمان لا تشعر بالغربة أبداً، ليس لأنك في بلدٍ عربيّ وحسب، ولا لأنك على أرض خليجية وأنت ابن الخليج ولا لأن الملامح العربية تشي بصاحبها، أو الدم العربي ينبئك بنفسه، ولكن لأن الطيب العماني والخلق العماني والكرم العماني يغمروك حتى تكاد تشعر أنك بين أهلك ومعارفك الذين تربطك بهم روابط قديمة قدم البحر والنخل والشجر، رغم أنك لم تعرفهم إلا قبل ساعات قليلة.
كنا معاً ستة شعراء من ست دول بما فيها عُمان، وكان هذا الشعور يخالجنا، ويرسم الابتسامة على وجوهنا، وخصوصاً نحن نلمس كل هذا الجمال في المكان والأرواح.
من خلال رحلتي إلى نزوى، ضمن فعاليات «نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية»، لمستُ شيئاً كبيراً من اهتمام الدولة والشخصيات العامة هناك بالثقافة والتراث.
كان هذا الحضور وهذا الاهتمام واضحاً، ابتداءً من الكرم غير المسبوق الذي غمروا به الشعراء مذ دخلنا أرض عمان، وضيافتهم في مسقط ثم نزوى، مروراً باهتمامهم بالإعلان عن الأمسية الشعرية الخليجية المشتركة التي مثلت ختام الفعاليات الثقافية بهذه المناسبة في جل وسائل الإعلام، ومروراً بالرحلات السياحية والثقافية التي رتبوها للضيوف خلال يومين، وتكريم الشعراء عقب انتهاء الأمسية الشعرية. كل هذه الحفاوة وهذا الاهتمام، كان منظماً والمسئولون ليسوا بعيدين عنه؛ فقد كانوا متواجدين ومرافقين ومموّلين.
الأعيان في عمان لا يتوانون عن دعم الثقافة، فها هو معالي محمد بن الزبير مستشار جلالة السلطان قابوس للتخطيط الاقتصادي يؤسس بيت الزبير، المتحف الذي يأسرك بجماله وحميمية ما يحمل واهتمامه بالتفاصيل؛ ليظهر للزائر تاريخ عمان وتراث عمان، إذ احتوى نماذج من اللبس العماني بحسب المكان، واحتوى كثيراً من النماذج للخناجر والبنادق والقلاع والطوابع والعملات والمخطوطات العمانية، بل والقرى والطبيعة العمانية بما تحتويه من جمال تضاريس متنوعة، كما إنه لم يبخل على دول الخليج أيضاً في ذكر بعض تراثها أو ماضيها؛ إذ ضم كثيراً من الطوابع البريدية والعملات النقدية القديمة لدول مجلس التعاون الخليجي.
في جهة أخرى من هذا المكان الجميل، كان البيت العماني القديم موجوداً بعينه؛ إذ يجد الزائر فيه الغرف القديمة والمحتويات التراثية مازالت كما هي. يدخل المكان ويعود ببوصلته إلى ذاك الزمان الذي يفتقد، إلى زمن بعيد كان جميلاً ببساطته وحميمية مكانه، واهتمام أهله بكل ما يوفر لساكنيه سبل الراحة النفسية والاجتماع الدائم ببعضهم بعضاً.
بيت الزبير هو واحد من النماذج التي تظهر اهتمام المسئولين بالثقافة والتراث وهو ما يحسب لهم في ظل جحود كثير من المسئولين بهذا الجانب في كثير من الدول العربية، والنماذج غيره في عُمان كثيرة ربما يأتي وقت آخر لذكرها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4858 - الجمعة 25 ديسمبر 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1437هـ
عمان
لنا احباب واصدقاء عمانيون ينحطون على الجرح يبرى
عمان الطيب والحضارة
اخت سوسن شكرا للموضوع .. عمان يفوح منها الطيب الاخلاقي والاحساس به ، منذ القدم ولنا صلات وثيقة تجمع البلدين في العمل في النسب في الصداقة والعديد من الروابط يغنيك انك لاتشعر بالغربة كما تفضلتي وفعلا شئ لمسناه واما عن التراث فلهم ذلك وثقافتهم العالية وخلقهم الرفيع.. شكرا للموضوع