تطرق خطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور في خطبته أمس (الجمعة) إلى ما نشر من معلومات عن وجود مخطط لاستهداف جامع عالي من قبل مجموعة تضم 24 متهماً يحاكمهم القضاء البحريني حالياً بتهمة الانضمام إلى تنظيم «داعش».

وقال العصفور: «ما نشر قبل يومين من معلومات عن استهداف هذا الجامع والمصلين فيه فإنه بلا شك ألقى بظلاله على واقع البلد، لأنها قضية تستهدف الوطن كله وليس خصوص هذا الجامع، والقضية تتطلب الوقوف والحزم وعدم التساهل في مثل هذه القضايا التي تستهدف الأبرياء والعابدين والمصلين في مساجدهم، وهي قضية أمن بلد وسلامة الأرواح والنفوس عامة، مما يتطلب الاحتراز والاحتياطات المطلوبة في هذا الشأن».

العصفور من منبر جامع عالي: المعلومات عن استهداف هذا المكان تتطلب الحزم وعدم التساهل

عالي - محرر الشئون المحلية

تطرق خطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور في خطبته أمس الجمعة (25 ديسمبر/ كانون الأول 2015) إلى ما نشر من معلومات عن وجود مخطط لاستهداف جامع عالي الكبير من قبل مجموعة تضم 24 متهماً يحاكمهم القضاء البحريني حالياً بتهمة الانضمام إلى تنظيم «داعش».

وقال العصفور: «فيما يتعلق بالموقف من التطورات الأخيرة وما نشر قبل يومين من معلومات عن استهداف هذا الجامع والمصلين فيه فإنه بلا شك ألقى بظلاله على واقع البلد، لأنها قضية تستهدف الوطن كله وليس خصوص هذا الجامع، والقضية تتطلب الوقوف والحزم وعدم التساهل في مثل هذه القضايا التي تستهدف الأبرياء والعابدين والمصلين في مساجدهم، وهي قضية أمن بلد وسلامة الأرواح والنفوس عامة، مما يتطلب الاحتراز والاحتياطات المطلوبة في هذا الشأن، وإننا نحمد الله تعالى جل شأنه على ألطافه ورعايته وحمايته بأن كف أيدي هؤلاء (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)».

وأضاف «يبقى الحذر والحيطة أمر واجب ولا يجوز التساهل في حفظ الأنفس والأرواح ولكن نقول لو ُقدر - لا سمح الله - أن يصاب الإنسان المؤمن أو يذهب إلى الله وهو في بيت من بيوت الله وهو راكع أو ساجد لربه فهي سعادة وشرف وحسن خاتمة للعبد (وما عند الله خير وأبقى)».

وفي خطبته تحدث العصفور عن ذكرى مولد الرسول (ص)، وقال: «وُلِد (ص) وولد النور وأشرقت الأرض بنور ربها في وقت جاهلية يسودها الجهل والفقر والتعصب وسقوط العقل وموت المشاعر والضمائر لينتشل الإنسانية من وضعها المزري المتخلف إلى حياة حقيقية لها قيمة ومعنى وهدف».

وأضاف «عظمة الإسلام وعظمة نبي الإسلام (ص) يفترض أن تنعكس على الأمة وعلى المسلمين وواقع المسلمين على مر التاريخ وأن تكون لهم السيادة والريادة على العالم في كل العصور والأزمان وليس في فترة زمنية محدودة ثم تنحسر قوتهم وتضعف شوكتهم ويتحولون إلى لقمة سائغة لكل طامع وقصعة تتكالب عليها ‏الأمم والقوى الطامعة كما هو الحال الآن وما وصلت إليه من الضعف والهوان، هذا الواقع الذي انتهت إليه نتيجة تراكمات عديدة وأسباب متعددة ومعوقات كثيرة أدت إلى تدهور وضع المسلمين ومجتمعات المسلمين إلى هذا المستوى المتدني في كل مفاصل الحياة وتأخرهم عن ركب الحياة المعاصرة، ومن الأسباب المهمة ‏حسب تصوري هو عدم فهم الدين فهماً حقيقياً وحينما يغلب الفهم القشري والسطحي للدين والغفلة عن جوهر الإسلام وروح الدين الحقيقي يتحول الدين إلى مجرد طقوس وممارسات لا أكثر وبالتالي لا ينعكس الدين على واقعهم بصورة حقيقية، الأمر الآخر هو عدم الالتزام بتعليمات الدين والأخلاق العملية وهذا جانب ‏مؤثر جداً فالدين حينئذ يكون في جانب، والسلوك والممارسة والفعل في جانب آخر مختلف ولعل هذا من جملة الأسباب في تأخر المسلمين وتراجعهم وفقدانهم القدرة على مواكبة الحياة وتطور الحياة المعاصرة، وإذا نظرنا إلى مسألة انتشار الإسلام في العصور السابقة خلال قرن واحد ‏انتشر الإسلام بسرعة عجيبة مذهلة جعل الباحثين والمفكرين في حيرة في تفسير هذه الظاهرة وكان عامل الأخلاق ومبادئ وقيم الدين الجديد والصورة المثالية عن هذا الدين وانضباط المسلمين والتزامهم بقيم وتعاليم الإسلام والأخلاق كلها تشكّل هذه الصورة النموذجية والتي تسبق المسلمين إلى الأمم والشعوب والمجتمعات قبل أن يصلها المسلمون ولا شك أن التأييد الإلهي والتدخل الغيبي عامل أساس ولكن يبقى السلوك والالتزام العملي والفعلي هو الفيصل ولا يكون تأييد الله لأمة وهي بعيدة عن دينها ولهذا فإن بعض المستشرقين يصرح بأن انتشار الإسلام السريع خلال قرن واحد يبقى لغزاً محيراً رغم ما ذكروا من تفسيرات لذلك أو كما تقول باحثة غربية في كتابها بأن هذا أمر إعجازي».

وأضاف «المسلمون والبلاد الإسلامية في وضع لا يحسدون عليه الآن ‏تمر الأمة الإسلامية في أصعب الفترات وأخطر المنعطفات وتواجه التحديات على المستويات كافة لأنها لم تعمل بشكل حقيقي على بناء الإنسان، الحل يكمن في الاهتمام ببناء الإنسان أولاً قبل بناء البنيان والعمران، التنمية الحقيقية للأمة والدول والأوطان تتحقق من خلال الرعاية والاهتمام بالإنسان وبالمواطن في المقام الأول الذي هو الثروة الحقيقية لأي بلد ولأي وطن يسعى إلى النهوض ‏والرقي والمنافسة وأيضاً التركيز والاهتمام بالتعليم وإعطائه الأولوية والالتفات إلى الطاقات والكفاءات الشبابية وصقل هذه المواهب وتطوير القدرات بهذا تبنى الأوطان وترتقي الأمة وتنهض المجتمعات».

ونبه العصفور إلى أن «من أخطر التحديات ‏التي تواجه الأمة هي فتنة الداخل عن طريق الجهات التي تعمل على إثارة الفتن المذهبية والطائفية التي ساقت قطاعات من الأمة في هذه المعركة الخاسرة، وهذا يكشف عن حالة الهشاشة وعدم الحصانة عندما تستهويها أصوات الطائفية في كثير من مواقعها ومع الأسف ‏فإن كل الجهود السابقة من مؤتمرات ومحاضرات ودور الخطاب الديني والتوعوي والجهود المبذولة في سنوات طويلة من محاولات التقريب والوحدة الإسلامية كلها تذهب أدراج الرياح وتتلاشى أمام هبة الطائفية، وفي لحظة انفعالية كان يراد منها أن يغيب العقل وتستحكم العاطفة والغرائزية ‏في الوقت الذي تكون فيه أوطانهم مهددة وبلدانهم مستهدفة وهم يعملون على إثارة الفتن بخطاب الكراهية والتكفير، وهذا هو البلاء المبرم والمصيبة الكبرى في دنيا الإسلام مع الأسف».