العدد 4857 - الخميس 24 ديسمبر 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1437هـ

حق الغذاء في بنغلاديش

تضغط المنظمات غير الحكومية في بنغلاديش من أجل إجراء تعديل دستوري لضمان الحق القانوني في الحصول على الغذاء، أو «قانون إطاري» للأمن الغذائي يحمل الدولة مسئولية ندرة توفره.

وعلى رغم إعلان الحكومة في عام 2012 عن التزامها بتحقيق الأمن الغذائي «لجميع أفراد الشعب في جميع الأوقات»، إلا أن ما لا يقل عن 31 في المئة من السكان مازالوا يفتقرون إلى الطعام المغذي اللازم للحفاظ على الحياة.

ووفقاً لأحدث مسح ديموغرافي وصحي وطني أجري 2011، لكنه نشر مؤخراً، فإن 40 في المئة من الأطفال قصار جداً بالنسبة لأعمارهم (الحالة المعروفة طبياً باسم «التقزم»)، وهو ما يؤشر على تأخير في النمو مدى الحياة، وأحد الأسباب الرئيسية على الصعيد العالمي لتلف خلايا الدماغ. كما يعاني نحو 36 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة الذين شملهم المسح في بنغلاديش من نقص الوزن بالنسبة لأعمارهم (تظهر عليهم علامات التقزم، و/أو «الهزال» - نقص شديد في الوزن مقارنة بالطول).

وبينما طرأ تحسن طفيف على مستويات تغذية الأطفال منذ إجراء المسح الديموغرافي والصحي السابق في عام 2007، لايزال هناك عدد كبير جداً من الأطفال الجياع الذين يعانون من الحرمان التغذوي على الصعيد الوطني، كما أكد عدد من النشطاء.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان الوطنية المستقلة ميزان الرحمن: «يجب أن يؤيد دستور بنغلاديش الحق في الغذاء أو الحق في التحرر من الجوع».

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن هدف البلاد المتمثل في خفض معدل الجوع بين السكان «يحتاج إلى مزيد من الاهتمام».

وفي السياق نفسه، أفادت مديرة السياسات والمناصرة في مكتب منظمة أوكسفام الدولية غير الحكومية في بنغلاديش مونيشا بيسواس، أنه على رغم أن المادة 15 من الدستور تقر بمسئولية الدولة عن تأمين «الضروريات الأساسية للحياة» لمواطنيها، بما في ذلك الغذاء، فإنها لا تعترف بحق الإنسان في الغذاء.

واعتباراً من ديسمبر/ كانون الأول 2010، بادرت 13 دولة في جميع أنحاء العالم بالاعتراف بالحق في الغذاء، أو نصت على التزامات الدولة المتعلقة بالغذاء والتغذية كجزء من سياسة الدولة - وهي بنغلاديش والبرازيل وإثيوبيا والهند وإيران وملاوي ونيجيريا وباكستان وبنما وبابوا غينيا الجديدة وسيراليون وسري لانكا وأوغندا.

وقد شددت بيسواس على أن الاعتراف الدستوري بهذا الحق، أو «الإطار التشريعي الذي يضمن حق الناس في الأمن الغذائي» يمكن أن يصبح أداة لمساءلة الدولة عن تعهداتها.

ويذكر أن القوانين الإطارية تغطي القضايا الشاملة، وتحدد المبادئ والالتزامات العامة، تاركة للتشريعات والسلطات البت في تفاصيل التنفيذ.

وكانت قمة الغذاء العالمية التي أقيمت عام 1996 قد عرفت الأمن الغذائي: «عندما يتمتع البشر كافة وفي جميع الأوقات بالحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومفيدة لتلبية احتياجاتهم الغذائية وأذواقهم كي يعيشوا حياة صحية موفورة النشاط».

وقد تعهدت بنغلاديش بتنفيذ إعلان الأمم المتحدة بشأن الحق في التنمية، الذي نص في عام 1986 على مسئولية الدولة في خلق «ظروف مواتية لتنمية الشعوب والأفراد».

كما وقعت في عام 1993 على إعلان فيينا وبرنامج العمل اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان (اللذان نصا على أن لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على صحته ورفاهه، بما في ذلك الغذاء).

وتلتزم بنغلاديش قانوناً بتطبيق الحق في التنمية بعد أن صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 1998.

ولكن لكي تنفذ الدول المعاهدات، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإنها تحتاج من الناحية المثالية إلى تشريعات مناسبة ومواد دستورية وقانون إطاري يدعم المعاهدة بشكل واضح - ولا يوجد أي من هذا في بنغلاديش.

وفي حين بين مؤشر الجوع العالمي لعام 2012 أن بنغلاديش كانت واحدة من سبعة بلدان حققت أكبر «تقدم مطلق» من بين 120 دولة تم تقييمها من حيث خفض معدلات الجوع خلال الفترة من 1990 إلى 2012، فإن مستواها لايزال في النطاق «المنذر بالخطر».

التقصير

وعلى رغم التزام الحكومة بمكافحة سوء التغذية من خلال الخطة الخمسية السادسة 2011-2015، فإن سياساتها غير فعالة بسبب التوزيع المحدود للمكملات الغذائية، وعدم كفاية رصد النمو، ونقص العمالة الماهرة، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

وقال المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء (IFPRI) في واشنطن العاصمة إن برامج شبكات الأمان الغذائي في بنغلاديش سيئة من حيث استهداف أكثر الفئات احتياجاً، الذين لا يلتحقون ببرامج شبكات الأمان، بما في ذلك «تنمية الفئات الضعيفة» و «تغذية المجموعات الضعيفة».

وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، أكد أ. ك. م. نصر الإسلام، وهو أستاذ مشارك في كلية دكا للاقتصاد، أن من الصعب عليه أن يصدق أن أي قانون أمن غذائي سيحدث فرقاً، حتى يتحسن الحكم في البلاد بشكل عام، بما في ذلك معالجة ما أسماه فساداً في برامج شبكات الأمان.

وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة غير الحكومية المحلية «هيومانيتي ووتش» في مقاطعة كولنا حسن مهدي، التي تبعد 150 كيلومتراً تقريباً عن دكا: إن «قانون الأمن الغذائي يمكن أن يساعد الناس الضعفاء في منطقة معرضة للكوارث الطبيعية على النجاة من التقلبات الجوية المتكررة والمكثفة».

ويشار إلى أن مؤشرات دولية متعددة تضع بنغلاديش على قمة دول العالم الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية.

وقد انضمت بنغلاديش إلى عدد متزايد من البلدان التي تحاول تأييد الغذاء كحق ملزم قانوناً. وحتى ديسمبر 2010، اعترفت دساتير 56 دولة بالحق في الغذاء، ضمناً أو صراحة، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة.

وفي عام 2010، أيدت البرازيل اعتبار الغذاء حقاً من خلال تعديل دستوري، امتداداً لحملتها على مدار ما يقرب من عقد من الزمن للقضاء على الجوع من خلال سياسة (Zero Fome) التي أطلقتها عام 2003.

وفي عام 2001، حاولت المحكمة العليا الهندية التصدي لانعدام الأمن الغذائي بالأمر بتنفيذ ثمانية برامج غذاء وتغذية وطنية لضمان حق الفقراء في الغذاء. وكانت المشكلة تكمن في مخالفات تتعلق بكيفية تحديد الحكومة للمواطنين الفقراء. ويدرس البرلمان الآن مشروع قانون الأمن الغذائي الوطني، الذي تمت صياغته كأحد قوانين حقوق الإنسان لحماية الحق في الحصول على الغذاء، وتخضع جدواه بالفعل للمناقشة العامة المكثفة.

أما في بنغلاديش، فإن عدداً من المنظمات غير الحكومية الدولية، بما في ذلك منظمة أوكسفام وأكشن ايد (Action Aid)، وكذلك المنظمات الحقوقية غير الحكومية المحلية مثل مؤسسة أنغيكار بنغلاديش وحملة سبل العيش الريفية المستدامة، تعقد مؤتمرات وطنية - بما في ذلك جلسات إحاطة مع البرلمانيين - لمناقشة الحق في الغذاء. وتقدم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان المشورة للحكومة بشأن الغذاء كحق من حقوق الإنسان.

ولكن معظم الناشطين يعترفون بأنه قد تمر سنوات قبل أن يتم الاعتراف بالغذاء كحق دستوري أو تشريعي صريح.

وقال المدير العام للمديرية العامة للأغذية في بنغلاديش أحمد حسين خان، التي تخضع لإشراف وزارة الأغذية وإدارة الكوارث: «إذا كان الطلب على حق الشعوب في الغذاء هو إثبات أنه مفيد... للأمن الغذائي في بنغلاديش، فإن الحكومة ستأخذه في الاعتبار، ولكن قبل أن يحدث ذلك، ينبغي (اختبار) هذا الطلب».

العدد 4857 - الخميس 24 ديسمبر 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً