تتربع جزيرة «أم النمل» على كنز ثمين من الآثار التي دلت على أن الإنسان قصد هذه المنطقة منذ عصور ما قبل الميلاد لكن هذه الأهمية التاريخية العميقة لم تشفع لها دون التعرض لظاهرة الصيد الجائر ، وفق ما قالت صحيفة الرأي العام الكويتية اليوم الخميس (24 ديسمبر / كانون الأول 2015).
وتعد «أم النمل» رابع أكبر جزيرة في الكويت من حيث المساحة بعد جزر بوبيان وفيلكا ووربة إذ تبلغ مساحتها 568 ألف متر مربع ويبلغ محيطها خمسة آلاف متر وأقصى طول بحدود 2000 متر وأقصى عرض 770 مترا تقريبا وامتدادها من الشرق إلى جهة الغرب.
وقال الباحث في التراث الكويتي خالد الأنصاري لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم إن سبب تسمية الجزيرة «أم النمل» عائد إلى كثرة وجود النمل فيها خلال فصل الصيف.
وأضاف الأنصاري وهو مؤلف كتاب «الجزر الكويتية..تاريخها وخصائصها» أن الجزيرة كانت تعرف باسم «جزيرة الغربة» نسبة إلى عائلة تحمل الاسم ذاته وينتمي أفرادها إلى قبيلة العوازم حيث سكنوها قبل 250 سنة وأقاموا في بيوت شعر ثم انتقلوا إلى مكان آخر في الجزيرة واختاروا السكن في الجزء المرتبط بالساحل وبني فيها أكثر من 30 بيتا إضافة إلى مسجد و«حظور» للصيد.
وذكر أن للجزيرة أسماء أخرى مثل «الجزيرة العودة» أو «الجزيرة الكبيرة» لتمييزها عن الجزيرة الصغيرة «جزيرة عكاز» التي كانت تقع على مسافة قريبة منها وعرفت أيضا باسم «جزيرة شويخ» ثم أصبحت ضمن ميناء الشويخ.
وبين أن «أم النمل» تتميز بشواطئها الجميلة حيث تكسو النباتات أرجاءها كما عرفت مياهها منذ القدم بوفرة أسماكها لذا اتخذها أفراد من قبيلة العوازم مقرا لهم يمارسون على شواطئها صيد السمك بطريقتهم المعروفة وهي «الحظور» لتكاثر أنواع عدة من الأسماك والأحياء المائية المختلفة قرب شواطئها خلال معظم أشهر السنة كسرطانات البحر ونطاط الوحل «بوشلمبو» والمحار إضافة إلى أنواع جيدة من الأسماك والكائنات البحرية مثل الميد والصبور والروبيان.
وقال الأنصاري إن أعلى مرتفع في الجزيرة يصل إلى تسعة أقدام تقريبا مشيرا إلى أن معظم قيعانها الشمالية والغربية صخرية صلبة لذلك تبدو متصلة برأس عشيرج أثناء حركة الجزر.
وأوضح أن هناك إنارة ملاحية في زاويتها الشمالية الشرقية مما ساعد كثيرا من الأشخاص على ارتياد الجزيرة سيرا على الأقدام أو عبر سيارات الدفع الرباعي.
وعن الطبيعة البرية للجزيرة أفاد بأن هناك نباتات متنوعة وزهور برية ذات ألوان عدة تنتشر فيها خلال فصلي الشتاء والربيع من أشهرها «النوير) كما تمر بها أنواع من طيور الربيع المختلفة موضحا أن «أم النمل» تعد مستقرا لبعض عشاق البحر والصيد والتنزه الذين يترددون عليها باستمرار خلال فصول السنة ولهم فيها بعض المنشآت المؤقتة مثل «الشاليهات».
وعن مكانتها الأثرية قال الأنصاري إنه رغم صغر مساحتها إلا أنها غنية بالمواقع الأثرية لافتا إلى أنها أقدم من آثار جزيرة فيلكا التي ساعدت اكتشافاتها على معرفة تاريخ الكويت ودلت الآثار التي تم اكتشافها في الجزيرة على أنها كانت مسكونة في عصور ما قبل الميلاد كما اتخذت منطقة عسكرية لأنها تكشف أكبر جزء من اليابسة من موقعها.
وذكر أن فريق آثار من متحف الكويت الوطني منهم باحث الآثار الكويتي فهد الوهيبي زار الجزيرة عام 1985 لرصد ما تحتويه من معالم أثرية تعود إلى فترة مبكرة من العصر البرونزي المعروف بالعصر الدلموني حيث عثر فيها على فخاريات تشبه تلك التي اكتشفت في المدينة الدلمونية بمملكة البحرين.