ضج "الفيس بوك" بمنشور نشرته طالبة أمريكية حول تجربة قامت بها، لكنها لم تكن تدري أن تغيرها هذه التجربة بهذه الدرجة وتؤثر فيمن حولها بهذا الشكل، بل أن تكون رسالة صارخة موجهة للعالم كله مفاداها "أوقفوا الظلم والعنصرية واحترموا حرية الفرد وخياراته في هذه الحياة"، ولم تكرم الفتاة ناتالي ولم تحصد الأوسمة، لكنها لاقت الاحترام والتشجيع من الجميع.
الشابة ناتالي أندريا أرامبورو طالبة أمريكية تدرس في إحدى الجامعات الأمريكية شأنها شأن ملايين الطلاب حول العالم، بدأت تجربتها حين طلب أحد أساتذتها في الكلية أن يقرر كل طالب منهم أن يأتي الجامعة مرتدياً زياً مشابهاً للشخصية التي يفضلها، وقررت أرامبورو أن تقتدي بالباكستانية الحائزة على جائزة نوبل ملاله يوسف زي، وأن ترتدي زياً مشابهاً لزيها، فخرجت من منزلها لجامعتها بحجاب كامل.
البداية كانت مع معارضة والديها وتخوفهما من هذا التصرف ولو كان على سبيل التجربة، إلا أنها أصرت على موقفها، وقامت بتدوين تجربتها خلال هذا اليوم الذي لن تنساه كاتبة: "طلب منا أستاذنا أن نأتي إلى درس اليوم بهيئة الشخصية المشهورة المحببة إلينا، وهكذا كان، فعندما ذهبت إلى الكلية اليوم ارتديت حجاباً وغطيت كل سنتيمتر من جسمي، حيث ارتديت قميص تي-شيرت بأكمام طويلة، وما أن رآني والداي بهذا الزي حتى تملكهما الرعب والخوف على سلامتي، لكنني طمأنتهما وبددت مخاوفهما، ثم تابعت طريقي إلى درسي بهذا اللباس.
كنت بهذا الزي أمثل ملالا يوسف زاي، تلك الفتاة المسلمة ذات الـ18 عاماً التي أطلق النار على وجهها أحد مسلحي طالبان عندما كانت في الـ15؛ لأنها فتاة ترتاد المدرسة، ملالا الآن أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام، إضافة إلى أنها ناشطة في حقوق المرأة والطفل والتربية والتعليم.
يتفطر قلبي لما سأقوله الآن، لكنني بالفعل على طريقي نحو كليتي اليوم، اختبرت بأم عيني الخوف من الإسلام وكراهيته "الإسلاموفوبيا"، مثلاً: بينما أنا أقود السيارة فتح عدة أشخاص شبابيك سياراتهم ورفعوا لي إصبعهم الأوسط في وجهي، وعندما اقتربت من محل "Dunkin Donuts" للحلويات ومن محطتهم لتسجيل طلبيات السيارات المارة ما كان من شابٍ أبيض إلا أن ألقى كوب قهوته على سياراتي، ولم تكن آخر البلايا أن لاحقتني شاحنتا "F-250" على طريق "Jog Rd" وحاولتا أن تدهسا سيارتي "التويوتا كامري" القزمة.
خلال 20 دقيقة استغرقتها رحلتي بالسيارة إلى الجامعة شعرت بتهديد على حياتي وسلامتي، لكن الخطر جعلني أفتح عيني أكثر.
إن الرسالة التي نستشفها من هذه التجربة هي كالتالي:
- من الإجحاف القول أن الإرهاب يمثل دين الإسلام.
- المحجبات يرتدين رمزاً لهذا الدين وليس رمزاً للإرهاب والهجمات والتفجيرات الإرهابية.
- لا يمكننا الحكم على كتاب من غلافه كما فعل الكثيرون معي اليوم.
لعل من رآني مرتدية الحجاب اليوم حملني مسؤولية هجمات "داعش" التي حصلت مؤخراً.
قدت سيارتي وعيناي مليئتان بالدموع، ووصلت إلى صفي والدموع منهمرة من مآقيها، لكن احترامي للمسلمين الحقيقيين ورغبتي في السلام كلها تضاعفت وتعاظمت.
نحن لا ندرك الكم الهائل من الأفكار النمطية السائدة وكيفية تعرض حياة الآخرين للخطر، يقول لي الناس إنني شجاعة، لا لست شجاعة، كل ما أريده أن يدرك الجميع ما تفعله التفرقة بمجتمعنا.
هناك أناس يواجهون هذه الصور النمطية والتحامل والتحيز بشكل دائم، لكنهم محافظون على هويتهم وفخرهم بانتمائهم، أولئك هم الشجعان حقاً وليس أنا".
وفي خلال فترة وجيزة من تدوين هذه التجربة على "فيس بوك" حصدت عشرات الآلاف من المشاركات والإعجابات والتعليقات من العديد من الدول والثقافات والأديان، والتي أكد معظمها على ضرورة مراعاة حقوق الغير وتفهم مشاعرهم ومعتقداتهم بعيداً عن العنصرية المقيتة.