خلاصة أحد أفلام «يان ارثوس برتراند» كانت: «عندما تريد أن تشتري شيئاً فإنك لا تدفع مقابله المال، بل الوقت المستقطع من حياتك».
وبرتراند، هو واحد من الذين اهتموا ببناء عقلية متقدمة للناس عن طريق جمعه قصص 2000 امرأة ورجل من 60 دولة قضى من عمره ثلاث سنوات في جمعها مع فريق متخصص من إعلاميين ومصورين ومترجمين، واستطاع تصوير مجموعة أفلام تهمنا جميعاً عن أهم القضايا البشرية، كمحاربة الفقر، والحرب، ومعاداة المثلية، وغيرها من الأمور التي تجعل حياتنا أجمل.
يوصل برتراند رسالته في هذا الفيلم بشكل سلس، حين يعطي أمثلة من واقع الحياة حول رغبة أي منا في أن يشتري سلعة بسيطة، استخدامها محدود، ينتهي في زمن قصير، لكن سعرها يتطلب منا العمل لساعات متواصلة، ويقارن بين سعرها وبين وقتنا الذي ضاع هدراً لشراء ما ليس ضروريّاً، فنعيش جلّ وقتنا نعمل ونشقى لكي نوفر حاجات غير ضرورية.
ما أصعب أن يعيش المرء في لهاثٍ دائمٍ وجريٍ مستمرٍّ من دون محطات توقف يأخذ فيها فترات من الراحة تمكنه من الاستمتاع بما عنده. يعيش حياته بوتيرة من يجب أن ينجز أكبر وأعظم الأمور في أقل وقت يمكنه كسر المستحيل، غير منتبهٍ لعمره الذي ينزلق كزئبقٍ من بين يديه. غفلة تصيب أي منا حين يفكر بمستقبله، ملقياً على نفسه عبئاً لا يحتمله جبل، غير ملتفت لحاضره الذي يمضي في شقاءٍ مستمرٍّ، حتى إذا بلغ من العمر مبلغاً تذكر انه لم يعش حياته كما ينبغي.
أتذكر عبارة سمعتها من بطلة فيلم «مدينة من ورق» وهي تعاتب صديقها الذي يعيش إرهاقا وعزلة وروتينا؛ كي يكون كما يريد بعد سن الخامسة والثلاثين من غير اكتراث بنفسه أو بما حوله، فجاءته عبارتها وكأنها الصفعة التي كان من الممكن أن تتأخر حتى بلوغه السن التي ظن أنه بها سيحقق راحته، قالت له: وما أدراك أنك حينها ستكون سعيداً؟ حينها ستخسر سعادة اليوم وسعادة المستقبل.
كانت تريد أن تقول له: عش لحظتك وامضِ في مغامراتك وحياتك كما تحب اليوم، وخطط للغد وأنت ضمن إطار اليوم لا خارجه، إذ كثيراً ما ننسى ذواتنا ونحن نمضي في حياتنا أسرى لمستقبل مبهم قد لا يأتي كما نتصور ونريد.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4856 - الأربعاء 23 ديسمبر 2015م الموافق 12 ربيع الاول 1437هـ
احسنتٍِِـ
بارك الله فيج