أصدرت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلثاء (22 ديسمبر / كانون الأول 2015) مجموعة من المبادئ التوجيهية لحماية عمال قطاع البناء المهاجرين. على الشركات الدولية والمحلية العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي اعتماد معايير تضمن التزامها، وكذلك المقاولين والمقاولين الفرعيين، باحترام حقوق العمال المهاجرين في مشاريعها، وحمايتهم من الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك الاتجار بالبشر والعمل القسري.
قالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن: "في مواجهة الإساءات المتفشية واستغلال حقوق العمال في دول مجلس التعاون الخليجي، على شركات البناء أن تعزز حماية القوى العاملة لديها. تستعرض هذه المبادئ التوجيهية كيفية ضمان الشركات للحقوق الأساسية للعمال بموجب القانون الدولي، كي تحدث فرقا كبيرا في إنهاء استغلال العمال".
يستعرض "دليل أخلاقيات الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي" معايير محددة، على الشركات معالجتها عند العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل حماية حقوق العمال وتقليص مخاطر الانتهاكات في سلسلة استقدام العمالة. تعكس المبادئ التوجيهية الجديدة المشاكل الرئيسية في مجال المقاولات بدول مجلس التعاون الخليجي.
سلّطت منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الضوء لسنوات عديدة على ظروف المعيشة والعمل المروّعة لذوي الأجور المتدنية من العمال المهاجرين في قطاع البناء بدول مجلس التعاون الخليجي. تستند المبادئ التوجيهية لأكثر من 10 سنوات من البحث من قبل هيومن رايتس ووتش في هذا المجال. تغطي هذه المبادئ قضايا مثل رسوم الاستقدام، ودفع الأجور في آجالها، ومصادرة جوازات السفر، والسكن والصحة والسلامة. توصي هذه المبادئ بالتعويل على طرف ثالث مستقل لمراقبة ضمان التنفيذ الفعال.
رغم بعض الإصلاحات القانونية الإيجابية التي حدثت مؤخرا في الإمارات والسعودية، كثيرا ما يواجه العمال المهاجرون في دول مجلس التعاون الخليجي ظروف عمل خطرة وقاتلة أحيانا، وساعات عمل طويلة، وأجور مستحقّة غير مدفوعة، وسكن ضيق وغير صحي. تمنع حكومات دول مجلس التعاون، باستثناء البحرين، العمال المهاجرين من تشكيل نقابات للمفاوضة الجماعية مع أصحاب الأعمال.
يتكبد كثير من العمال، الذين يشكلون كافة العاملين في قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي تقريبا، ديونا كبيرة لدفع رسوم التوظيف لمستقدِمي العمالة في بلدانهم. تفرض قوانين دول مجلس التعاون الخليجي على أصحاب الأعمال دفع رسوم الاستقدام، إلّا أن الأحكام لا تُطبّق، ولا سيما فيما يتعلق بأصحاب الأعمال الذين يتعاملون مع مستقدِمين خارج دول مجلس التعاون الخليجي، أو لسداد التكاليف للعمال الذين يدفعون هذه الرسوم.
يضطر العمال المهاجرون للعمل في ظل نظام الكفالة الذي يتميز بالاستغلال، ويحد من قدرة العمال على تغيير أصحاب العمل دون موافقتهم. يصادر أصحاب العمل جوازات سفر العمال كممارسة متعارف عليها لضمان السيطرة على تحركاتهم. الوصول إلى سبل الطعون القانونية والقضائية محدود للغاية، ونادرا ما يحاكم أصحاب العمل بتهمة انتهاك قوانين العمل. غالبا ما تستجيب السلطات للعمال المضربين بالاعتقال والترحيل.
على مؤسسات الأعمال احترام حقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية، مثل "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان". لا حاجة لانتظار قوانين جديدة أو إجراءات تنفيذية. الكثير من المؤسسات في مختلف القطاعات، مثل صناعة الملابس والالكترونيات، صار لديها معايير لتحسين معاملة عمالها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على مؤسسات الأعمال وشركات البناء العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي الالتزام العلني بدعم حقوق العمال المهاجرين، والتحقق من تنفيذ ذلك. توضح المبادئ التوجيهية لـ هيومن رايتس ووتش المجالات الرئيسية المستهدفة، لا سيما التوظيف والتعاقد وشروط الصحة والسلامة والمعيشة والنزاعات العمالية.
من بين التوصيات الرئيسية للشركات:
التأكد من دفع جميع رسوم استقدام العاملين في مشاريعها، وكذا المقاولين والمقاولين الفرعيين العاملين معها، بما في ذلك تعويض العمال الذين دفعوا هذه الرسوم مسبقا.
توفير مرافق آمنة للعمال للحفاظ على حيازة جوازات سفرهم.
دفع رواتب العمال في آجالها وبشكل كامل.
تنفيذ الشروط المتعلقة بساعات العمل القصوى، مع الأجر الإضافي.
توفير أماكن سكن لائقة للعمال.
تعيين مراقبين مستقلين يصدرون تقارير علنية لضمان استفادة العمال من الحماية على أرض الواقع، وليس فقط على الورق.
يخضع المطوّرون الحكوميون في الإمارات وقطر إلى رقابة شديدة فيما يتعلق بسوء معاملة العمال المهاجرين في المشاريع الكبرى. كما اعتمدوا قواعد تنظيم ذاتي تُلزم المتعاقدين معهم باحترام معايير تنص أحيانا على وجود مراقبة من طرف ثالث.
قالت سارة ويتسن: "هذا تحد كبير لقطاع البناء، ولكن سيعود بالفائدة على مئات الآلاف من الشبان وأسرهم، ناهيك عن سمعة الشركات".