طالب ديوان المحاسبة بضرورة العمل الجاد على تنويع مصادر الايرادات العامة، والعمل على اصلاح الخلل الهيكلي بميزانية الدولة بتقليل درجة الاعتماد على الايرادات النفطية من خلال السعي لزيادة الايرادات غير النفطية، وزيادة معدل مساهمتها في إجمالي الايرادات العامة لتحقيق الاستقرار في أوضاع المالية العامة في حال انخفاض انتاج الكويت من النفط أو انخفاض أسعار تصديره، ذلك وفق ما أفادت صحيفة "القبس" الكويتية يوم الإثنين (21 ديسمبر/ كانون الأول 2015).
وأوصى الديوان في تقرير احاله الى مجلس الأمة بإصلاح النظام الضريبي وزيادة الايرادات الضريبية من خلال اعادة هيكلة النظام الضريبي الحالي، واصدار قانون يمكن للدولة من تحصيل حصة عادلة من أرباح الشركات أو غيرها من أشكال الضريبة غير المباشرة التي تضمن تدفق الايرادات غير النفطية على نحو مستمر، وبمستويات ترفع من قدرة الدولة على تأمين دعم السلع والخدمات العامة.
رسوم الخدمات
كما أوصى «المحاسبة» بتعديل أحكام القانون رقم 79 لسنة 1995 في شأن المرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، لوضع أسعار رسوم للخدمات العامة والسلع تتناسب وتكلفتها الفعلية، فضلاً عن اعادة النظر في تسعير الاستخدامات المختلفة لأملاك الدولة.
وأوضح ان من أهم الموضوعات التي تبدت من نتائج أعمال الديوان الرقابية عن السنة المالية 2015/2014، استمرار انخفاض متوسط أسعار بيع مزيج خام تصدير النفط الكويتي لأقل من السعر التأشيري المقدر بميزانية السنة المالية 2015/2014 وهو 75 دولارا أميركيا للبرميل بفارق كبير، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الإنتاج للبرميل. وأضاف «كان ذلك سبباً رئيسياً في ظهور عجز بالحساب الختامي للوزارات والإدارات الحكومية بنحو 2.7 مليار دينار كويتي، وتوقعات تحقيق عجز كبير في ميزانية السنة المالية المقبلة، الأمر الذي يستدعي الاستعجال في تنويع مصادر الإيرادات غير النفطية بكل أنواعها».
وأكد الديوان أن يحقق القطاع النفطي أهدافه وسياساته بشأن زيادة الطاقة الإنتاجية والتكريرية وتطويرها لإنتاج وقود منخفض الكبريت حماية للبيئة ودعماً للتنافسية في الأسواق العالمية، إضافة إلى تبني مشاريع استثمارية في الخارج، ومنها ما يخص تسويق النفط الخام الكويتي ومنتجاته. وشدد على أهمية العمل على حل مسألة توقف الإنتاج في منطقة العمليات المشتركة لما لها من آثار سلبية على خطط الإنتاج والجوانب الأخرى المرتبطة بها، مؤكداً أهمية استقرار برامج وخطط القطاع النفطي وتقديم الدعم لمشاريعه المختلفة.
نُظم الرقابة
وطالب الديون بالإسراع في تنفيذ عمليات وإجراءات إصلاح الإدارة المالية للدولة، وذلك لتوفير بيئة تنموية فاعلة وشفافة، وتعزيز نظم الرقابة الداخلية وعمليات التقييم والمساءلة والحوكمة السليمة المرتبطة بتنفيذ الموازنة، كما أن التحول لأساس الاستحقاق سيكون له الآثار الإيجابية التي تساهم في إمكانية تطبيق موازنة البرامج والأداء وبالتالي دعم المساءلة والحد من عمليات الفساد في القطاع الحكومي.
وأضاف «كما يوفر ذلك معلومات مهمة عن الوضع المالي للجهات الحكومية ومدى قدرتها على تمويل أنشطتها، وبالتالي وضوح الرؤية لحسم الكثير من القضايا المالية ذات العلاقة بالموازنة، منها الدعم والضرائب على الدخل وعمليات الخصخصة لبعض الخدمات والحجم الأمثل للموازنة الرأسمالية التي تحقق تنمية مستدامة تراعي متطلبات الوضع الحالي وما يخص الأجيال القادمة».
وأشار الديوان إلى تنامي أوجه الصرف على الباب الأول - المرتبات وما يرتبط بها سنة بعد أخرى، حيث بلغت جملتها نحو 8.7 مليارات دينار كويتي خلال السنة المالية 2015/2014 بالمقارنة مع 8.2 مليارات دينار كويتي، 7.8 مليارات دينار كويتي خلال السنتين السابقتين 2014/2013 و2013/2012 على التوالي.
وذكر ان المرتبات وما في حكمها تستحوذ على نحو %43.7 من إجمالي مصروفات الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2015/2014 (بعد استبعاد المصروف لسداد قسط العجز الاكتواري للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والبالغ نحو 1.4 مليار دينار كويتي من إجمالي المصروفات).
وأشار إلى ان الإنفاق الرأسمالي استحوذ على ما نسبته %9.3 من ذلك الإنفاق، ويعد ذلك مؤشراً على اختلالات هيكلية في الميزانية العامة للدولة تحتاج إلى معالجتها والعمل على الحد من تنامي مصروفات الباب الأول.
وقال الديوان إن هناك أعباء ضخمة تتحملها الموازنة العامة تتمثل في الدعم المقدم للسلع والخدمات والأنشطة التي تقدمها الدولة وبلغت جملتها 3.9 مليارات دينار كويتي، وتمثل %18.3 من إجمالي المصروفات الفعلية للسنة المالية 2015/2014 والتي بلغت 21.4 مليار دينار كويتي، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في السياسة والقرارات المنظمة لجوانب الدعم المختلفة وترشيدها.
جهات مستقلة
وبين انه خلال السنتين الماليتين 2014/2013 - 2015/2014 صدرت عدة قوانين بإنشاء بعض الجهات الملحقة والمستقلة ومنها الهيئة العامة للشراكة بين القطاعين العام والخاص وكذلك الهيئة العامة للقوى العاملة وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، وهي جهات ملحقة، فضلاً عن الهيئة العامة للطرق والنقل البري وهيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهي جهات مستقلة.
وأكد الديوان ان إنشاء هذه الهيئات وغيرها يستدعي النظر في الأعباء المترتبة على إنشائها ومدى تداخل الاختصاصات بينها وبين جهات قائمة ومن المهم مراجعة مدى الحاجة لاستحداث جهات جديدة والجدوى من إنشائها حتى لا تكون الإجراءات والقواعد التي تضعها هذه الجهات عاملاً سلبياً يساهم في تعطيل خطط التنمية، كما نشير إلى التأخر في إصدار اللوائح التنفيذية للجهات المشار إليها.
واضاف الديوان «تبين ظهور عجز اكتواري جديد يقدر بمبلغ 8.9 مليارات دينار كويتي اظهره الفحص الثاني عشر للمركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في 2013/3/31 والأمر يستوجب إعادة النظر في الطريقة المتبعة في تقدير هذه المبالغ، ولا يجب التعامل معها كأمر مسلم به لما لذلك من تأثير بالغ على الموازنة العامة للدولة، علماً بانه تم سداد آخر قسط من العجز السابق في السنة المالية 2014/2013.
السياسات الاستثمارية
واوضح انه من الضروري اعادة النظر في الاستراتيجيات والسياسات الاستثمارية في ظل ما تشهده الاسواق العالمية من بوادر أزمة جديدة وتراجع وانكماش في الاقتصاد العالمي غير معلوم مداه وأبعاده على استثمارات الدولة في الداخل والخارج، مما يتطلب وضع الخطط واتخاذ الإجراءات لحماية المال العام، والنظر في التنسيق بين الجهات بشأن إدارة ومتابعة استثماراتها لحماية وتنظيم المصالح المشتركة والتحوط من المخاطر التي تتعرض لها، ودعا الى الاخذ بعين الاعتبار استحداث آليات توحد نظم الرقابة والمحاسبة وكذلك اعمال المتابعة والتقارير الخاصة بذلك، وإعمال مبادئ الثواب والعقاب وتعزيز المساءلة اضافة الى تقييم كفاءة أداء المعنيين بإدارة المؤسسة الاستثمارية في الدولة.
وذكر الديوان انه مع اهمية خطة التنمية متوسطة الأجل (2011/2010 - 2015/2014) وما تعبر عنه من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وكل الأهداف التنموية الواردة بتلك الخطة، إلا ان تقارير ديوان المحاسبة للجهات الحكومية كافة تضمنت العديد من الملاحظات التي شابت تنفيذ مشاريع خطة التنمية للسنة المالية 2015/2014 (إنشائية - تطويرية) أهمها تأخر العديد من الجهات الحكومية في تنفيذ المشاريع المخصص لها اعتمادات في الميزانية العامة للدولة.
واضاف: انعكس ذلك في عدم صرف أية مبالغ من اعتمادات بعض المشاريع أو تدني نسب الصرف، إضافة الى تعثر انجاز البعض الآخر من المشاريع الإنشائية، وكذلك الحال بالنسبة للمشروعات التطويرية التي أدرجت لها اعتمادات بأبواب الميزانية العامة للدولة، مما أدى الى عدم تحقيق الأهداف المرجوة من خطة التنمية في الوقت المناسب وبالوجودة والكفاءة المنشودتين.
أموال مهدرة
،أوضح الديوان انه تبين وجود قصور في أداء الجهات الحكومية عند عرضها مشاريع العقود المختلفة على رقابة ديوان المحاسبة المسبقة، الأمر الذي يساهم في اعتذار صاحب العطاء الأقل سعراً عند تجديد سريان عطائه والترسية على التالي وذلك يحمل المال العام اعباء اضافية كان يمكن تجنبها.
واشار الديوان الى التقرير الذي اعده في يوليو 2015 وبين فيه حجم الأموال العامة المهدرة التي وصلت الى ما يزيد على 53 مليون دينار كويتي، هذا وبلغ عدد الموضوعات التي تمت دراستها برقابة ديوان المحاسبة المسبقة خلال السنة المالية 2015/2014 عدد 2224 موضوعاً تبلغ قيمتها 5.062.095.009 دينار كويتي، حققت دراستها وفورات مالية مباشرة للخزانة العامة بلغت 29.105.296.977 دينار كويتي، وكذا تضمين تقارير وموافقات الديوان المسبقة ملاحظات وتوجيهات ذات أهمية خاصة.
تعطيل وإعاقة
أشار الديوان الى ان قياديين في بعض الوزارات والجهات الحكومية مازالوا يمارسون اعمالا تعطل وتعيق مهام رقابة ديوان المحاسبة على هذه الجهات، وذلك عكس التوجه العام للسلطة التنفيذية.