أولت الصحف البريطانية الصادرة أمس (السبت) عددا من القضايا العربية والشرق أوسطية، من بينها حالة من الخوف من الإسلام في الولايات المتحدة ودعوة إيران للتعاون معها للتصدي لتنظيم داعش. وقد كتبت صحيفة الإندبندنت نقلا عن موقع البي بي سي تحت عنوان «فزع من الإسلام: أميركا في حالة هستيريا ولكنها تفتقر إلى ساسة يمكنهم إعادتها إلى رشدها» إذ أشارت الصحيفة إلى ان الولايات المتحدة الأميركية تقف على حافة هاوية الخوف اللاعقلاني من الإسلام. وتضيف أنه بعد هجمات الشهر الماضي على باريس والهجوم على مركز للرعاية الاجتماعية في سان برنادينو في كاليفورنيا، ازدادت الحوادث ضد المسلمين في الولايات المتحدة بصورة كبيرة. وكان بعضها عنيفا، بينما كان البعض الآخر غريبا مثل قرار ضاحية في فرجينيا إغلاق مدارسها إثر غضب الآباء لأن معلمة طلبت منهم كتابة «الشهادة» باللغة العربية في تدريب على الخط.

ورأت الصحيفة البريطانية بأن رجل الأعمال دونالد ترمب وهو أحد المرشحين عن الحزب الجمهوري يؤجج نيران كراهية المسلمين ويدعو لحظر هجرة المسلمين للولايات المتحدة. وتضيف أن مرشحا جمهوريا آخر، وهو كريس كريستي، حاكم نيوجيرسي، يدعو لرفض أي مهاجرين من سورية، حتى لو كان طفلاً في الخامسة. وقد وصفت الإندبندنت ذلك بأن هذه مبالغات أميركية ناجمة عن قلق غير عقلاني. وتضيف أن الواقع يشير إلى أن التدقيقات الأمنية على الهجرة في الولايات المتحدة فعالة للغاية، إذ قبل 785 ألف مهاجر منذ العام 2001، واتضح أن لنحو عشرة منهم فقط صلة بالإرهاب. وتقول الصحيفة أيضا أن المسلمين في الولايات المتحدة أكثر اندماجا من المسلمين في بريطانيا وفرنسا. ولكن المسلمين في أميركا أقل بكثير من المسلمين في أوروبا، ويعيشون في بلد أكثر إعلانا لمسيحيته، بعيدا عن العالم الإسلامي وفي ثقافة أقل تفهماً للإسلام ومن يدينون به. وتختم الصحيفة بالقول «إن ما لم يفهمه ترمب هو أن عداء المسلمين والخوف منهم يخدم أغراض الإسلاميين المتطرفين بدلاً من التصدي لهم».

وكان أستاذ الديمقراطية وحقوق الإنسان بكلية بارد إيان بوروما، قد حذر من الوقوع في فخ العقلية الفسطاطية، التي ترى العالم من منظور «العدو والصديق»، مشيراً إلى أن أغلب المسلمين ليسوا ثوريين ينتهجون العنف. كما يحذر من سعي تنظيم داعش إلى توسيع قاعدة داعميه، وخاصة بين الشباب المسلمين، من خلال إقناعهم بأن المسلمين الحقيقيين هم أولئك الذين يخوضون حرباً وجودية ضد الغرب. ورأى بوروما أن فكرة أن «الآريين» واليهود منحبسون في صراع أبدي من أجل البقاء. لا ريب أن لا أحد من زعماء الدهماء في الغرب اليوم ــ من دونالد ترامب في الولايات المتحدة إلى مارين لوبان أو خيرت فيلدرز في أوروبا ــ يمكن مقارنته بهتلر. فلم يروج أي منهم للدكتاتورية، ناهيك عن القتل الجماعي. ولكن من المؤكد أنهم يحرضون سياسات الخوف.

سياسات الخوف التي جاء ذكرها قد تعود إلى عدة عوامل في الغرب منها الخوف من المجهول، ويدخل في ذلك الجهل بديانة الآخر وما يروج له المتطرفون عند الحديث عن الإسلام، ولهذا نجد كثيرا ما يخلط البعض بين الإسلام و«الإسلاموية» دون التفرقة بين المصطلحين، كما يوازي البعض بين الإسلام والإرهاب إضافة إلى اتهام المسلمين بالرغبة في «أسلمة» المجتمع الغربي تدريجياً. كما لا ننسى في مراحل سابقة كيف رفضت قضايا مثل بناء المساجد والمآذن في أوروبا مما أثار انزعاج بعض الناس عند رؤية أماكن للعبادة فقط بسبب أشكالها الهندسية المختلفة. هذه المباني بحجمها قد تثير حفيظة البعض من الأوروبيين مع ازدياد مشاعر الخوف من أن يستحوذ الإسلام كاملاً على أوروبا. وبالتالي تأخذ هذه التصورات أشكالاً مشوهة عندما يعلن مسلمون متطرفون في عدد من البلدان الإسلامية عن رغبتهم في نشر الدين الإسلامي في أوروبا وتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية فيها كبديل عن الديمقراطية.

مثل هذه التصريحات يتم نشرها وتوظيفها كاملاً من الجهات المتطرفة الرافضة للإسلام والمسلمين ويتمثل السبيل الوحيد لمحاربة التطرف بكل أشكاله من خلال كسب ثقة المسلمين الذين يحترمون القانون في الغرب. وهي ليست بالمهمة السهلة ولكنها دون شك قد تكون البداية بناء الثقة بين الطرفين.