العدد 4850 - الخميس 17 ديسمبر 2015م الموافق 06 ربيع الاول 1437هـ

التخلص من القواعد النحوية للغة العربية... مؤيدون يرونها «مقيدة» ومعارضون يطلبون رد اعتبار

مطالباتٌ بانتشال اللغة من واقعها السلبي: الإعلام البحريني يتصدره مَنْ لغته بها أخطاءٌ وخللٌ كبيرٌ

أعرب ما تحته خط... علل... الفاعل... المضاف والمضاف إليه...

كلمات تحتفظ بمكانتها في الذاكرة البحرينية، وموقعها من المناهج الدراسية، رغم ما يحيط بها من تهم تتركز حول الترف، ومن دعوات تنادي بـ «الفلترة»، والتجديد، وحتى الإلغاء.

محمد علي محفوظ، وهو مواطن بحريني ناشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يرى أن الناس بحاجة لمن يفهمها، لا من يعلمها كيف تفهم، مضيفاً «لذلك، أحرص دائماً على أن أدخل الموروث الشعبي في كتاباتي، وهذا من شأنه اختصار المسافات بيني وبين المتلقي».

«الوسط»، في احتفاليتها باليوم الدولي للغة العربية، يصادف اليوم الجمعة (18 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، تسلط الضوء على الدعوة التي أطلقها قبل عقود عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، والتي نادى من خلالها بـ «تقليص قواعد النحو، لأنها كثيرة لا فائدة منها»، رغم تأكيده على قناعته بضرورتها الحضارية والملحة.

بحرينياً، ظل الحديث حول ذلك بين شد وجذب، بين من تضامن مع ما ذهب إليه الوردي، والهدف «إتاحة المنتِج للوصول لأكبر قدر ممكن من المتلقين»، كما يقول الشاعر كريم رضي، وبين من انبرى للدفاع عن اللغة العربية وقواعدها، شاهراً سيفه في وجه ما أسماه «اللغة المشروخة لمن يتصدر وسائل الإعلام البحرينية»، كما هو الحال مع أستاذ النقد الحديث بجامعة البحرين خليفة بن عربي، والذي يطالب بقرار سياسي ولجنة رسمية تتولى انتشال الواقع الخاطئ والسلبي للغة العربية في البحرين.

بين هذا وذاك، اختار الشاعر والناقد علوي الهاشمي التموضع على النحو التالي «أنا مع التجديد، لكننا نتحدث عن قواعد تمثل ضرورة للحفاظ على كيان اللغة»، قبل أن يستحضر مقولة الخليل بن أحمد الفراهيدي والتي كان يخاطب من خلالها النحويين اللغويين: «الشعراء أمراء الكلام، فأنى فرقوه فاتبعوهم»، ليؤكد على جواز ما لا يجوز لغيرهم، فـ «المبدع دائماً يسير على القواعد حتى لو كانت هذه القواعد تبدو أحياناً للقارئ المتعجل أو حتى الناقد السطحي، أنها قواعد مهزوزة أو خاطئة»، على حد قول الهاشمي.

مع أم ضد؟

يعلق الهاشمي على دعوة التخلص من الجزء الأكبر من القواعد النحوية، بالقول «من غير الممكن التخلص من قواعد أي علم أو أي شيء، فالقواعد هي التي تمسك بأي كيان سواء كان لغوياً أو معنوياً أو مادياً، فهنالك قواعد تضبط كل حاجة في الكون، بما في ذلك اللغات التي تشتمل على مجموعة قواعد»، مضيفاً «وعليه، فإنني أرى أن هذه الدعوة، تشبه الدعوات الوهمية، فحين تكون غير قادر على اللغة العربية أو أية لغة أخرى، أو حتى بناء بيت بقواعد سليمة توفر له الثبات، فهذا شأنك، لكنني مع القواعد، دون أن يلغي حديثي هذا قناعتي بالحاجة للتجديد».

وتابع «أنا مع التجديد والصيانة لهذه القواعد وتحديثها، وحين نأتي للمصطلحات النحوية، فسنجد أنها وضعت قبل ألف سنة، وهي بحاجة للتجديد وتقديمها للأجيال الجديدة التي لم تعد تعرف معنى المصطلحات القديمة، وبجانب ذلك هنالك طرق التدريس المعنية بتوصيل هذه القواعد، هي كذلك بحاجة للتجديد والصيانة، فمن غير المعقول الوقوف عند ألفية ابن مالك لتعليمهم النحو بطريقة الشعر مثلاً كي تحفظ».

مقابل ذلك، يؤكد رضي قناعته التامة بأطروحة الوردي، حيث يقول «أنا مع ما طرحه الوردي، حيث دعا لإعادة النظر في اللغة العربية لأن الجزالة والتعمق في النحو، يعيق حالة التواصل بين الناس، كما يحيل جزءاً من سهولة اللغة إلى لغة صعبة غير قادرة على الوصول للمتلقين كافة».

وأضاف «بالمناسبة، فإن المسألة لا تأتي بالدعوات، فعملياً أنا أعتبر أن الروايات الأدبية ليس في البحرين وحسب بل في العالم العربي، باتت تلعب دوراً كبيراً في تطبيق دعوة الوردي، من دون أن تسميها بالاسم، فاليوم، هناك اهتمام كبير في أوساط الشباب تحديداً عبر قراءة الروايات، وهذه الروايات مكتوبة بلغة يمكن القول إنها ذات اللغة التي كان يطالب بها علي الوردي، وهنا ليس مهماً الإعلان عن وجود مشروع لتحديث القواعد أو اللغة، بقدر أهمية أن مضمون الدعوة بدأ يأخذ طريقه ليرى النور».

وتابع «الروايات الأدبية وقصيدة النثر، تلعب اليوم وبشكل كبير هذا الدور، وتعمل من خلال ذلك على أن تكون قواعد اللغة في متناول الجميع، فبدأت تتحول من البلاغة إلى خلق بيئة تواصلية في اللغة وهذا بدوره يتم بصورة عملية ويعمل على تلبية جزء كبير من ما نادى به علي الوردي».

أما ابن عربي، فبدا متحفظاً، رغم رفضه للتجديد المطلق، حيث يقول «لم أقف على دعوة علي الوردي، ولذلك أحتاج لمعرفة حدود التخلص المنسوبة إليه، فهل يقصد بذلك إلغاء كم من القواعد اللغوية والنحوية التي عكف عليها آباؤنا وأجدادنا ووضعوها تقنيناً لهذا العلم؟»، وعقب «هذا الأمر غير مقبول، فهذه القواعد لم توضع عبثاً، بل وضعت لكي تضبط هذه اللغة وتضبط هذا العلم كغيره من العلوم».

واستدرك «لكن إن كان الوردي يقصد التحلل من طريقة تدريس بعض القواعد أي طريقة تعليمها، فلدينا بعض القواعد الدقيقة جداً والتي لا تخدم عملية تعليم اللغة العربية بل قد تعقد المتلقي في بعض السياقات، وهذه القواعد الدقيقة التي فيها الاختلافات والتعليلات التي لا يجب أن يتحدث فيها إلا المتخصصون فقط، لكن المتعلم قد يواجه تعقيداً بسببها، وعليه، إن كان الوردي يقصد بدعوته هذا المضمون فأنا معه 100 في المئة، على اعتبار أن هنالك قواعد لا يقرؤها ولا يتعلمها عامة الناس أو المتعلمون ممن يسعون لتطوير لغتهم، ولذا فإن التعلم يجب أن يطال القواعد العامة والرئيسية».

وفيما إذا كان حديثه هذا يعني أنه مع عملية التجديد، قال ابن عربي «عملية التجديد بالإطلاق تنطوي على إشكال، لأن الذين يأخذون بتجديد النحو، ينحون عدة مناحٍ، فسواء تحدثنا عن التجديد بالإطلاق أو ضده بالإطلاق، فإن قولي واحد: لا طبعاً، فأنا معه في نواحٍ وضده في نواحٍ أخرى. أنا مع التجديد الذي لا يلغي النحو ولا القواعد العامة ولا يلغي ما فعله آباؤنا وأجدادنا وقدماؤنا، من قواعد أفنوا فيها حياتهم وأعمارهم وعلمهم».

وأضاف «أما قضية إلغاء القواعد وأن نلتزم فقط بالنصوص والتطبيق دون أي اعتبار للقواعد بشكل عام، فإنني وبشكل صريح ضد هذا الموضوع، لكنني مع مسألة إعادة صياغة النحو بطريقة أكثر قبولاً. كذلك أشير إلى أن هذا التخفيف ليس لكل الناس إنما لمتلقي النحو والمتعلمين المبتدئين، أما القواعد فتظل موجودة بين المتخصصين وتسجل في الكتب أيضاً، ولكن ليس بالضرورة أن تعلم لكل الناس».

ليست قرآناً لا يُمس

إذاً «القواعد النحوية ليست قواعد لا تمس»، كما يفصح عن ذلك حديث الهاشمي، لكنها «ثوابت للغة لا أكثر».

وأضاف «القواعد هي سنة من سَنَن الكون، فالسماء ترفع بقواعد والكواكب تسير بقواعد والجاذبية بقواعد، وكل شيء لا يخلو من قواعد»، وتابع «من خلال تجربتي واطلاعي المعرفي، أعرف أن الإبداع أو المبدع لا يستطيع أن يتخلص من القواعد حتى لو أراد، فالمبدع دائماً يسير على القواعد حتى لو كانت هذا القواعد تبدو أحياناً للقارئ المتعجل أو حتى الناقد السطحي، أنها قواعد مهزوزة أو خاطئة، لكن إذا كان مبدعاً حقيقياً فعلى العكس من ذلك، وهنا أشير لقول جميل للخليل بن أحمد وله دلالة في هذا المقام، يخاطب النحويين اللغويين: «الشعراء أمراء الكلام، فأنى فرقوه فاتبعوهم»، وهو يخاطب بذلك اللغويين لا الشعراء».

وأردف «الشاعر المتنبي كمثال، لا يحتج به في قواعد اللغة، لأنه خارج العصر الذي يمثل عصر الاحتجاج اللغوي، لكن المتنبي بهذه الحساسية العالية في اللغة والإبداع، هو يلمس جذور اللغة الجمالية، ومصير ما يقوله هو الصحة، فالشاعر هو منطقة احتجاج (بمعنى يحتج به)، فإذا كان الشاعر مبدعاً يتقبله الناس بشكل جيد وعميق، فأحياناً يمكن اعتبار ما يبدو خطأً لغوياً ليس بالخطأً، وحين نستشهد بالقرآن الكريم، فإن آية (إن هذان لساحران)، يقرؤها البعض بتسكين النُّون ليخلص من المأزق اللغوي، على اعتبار أن (إن) بتشديد النُّون، تنصب. رغم أن هذه الأخيرة هي القراءة المعروفة والقوية. بالتالي، لا بد من تخريجة للخطأ، فلا يجوز الاعتقاد بوجود خطأ لغوي في القرآن الكريم».

وواصل «على غرار ذلك، ولعدم الخلط بين الوحي القرآني والإبداع البشري، فإذا كان المبدع حقيقي وقوي فهو لا يخطئ في القواعد حتى وإن أظهر في بعض المواضع ما يبدو أنه خطأ لغوي، بحيث يتم تخريج الخطأ بتفسير من الفقهاء اللغويين».

وفيما إذا كان حديثه هذا يتمحور حول العبارة القائلة إن «الشاعر/ المبدع يجوز له ما لا يجوز لغيره»، قال «حين ذكر العرب هذا القول، كانوا يقصدون به الوزن والقافية، لكن يمكن توسيع القاعدة لتشمل اللغة في حال كنّا أمام مبدع حقيقي وكبير ويعبر في إبداعه عن الوعي الجماعي».

الهاشمي، ورداً على سؤال حول ما إذا كان يعني بحديثه هذا، منح المبدع أو الشاعر ضوءاً أخضر ليتصرف في القواعد بما يحقق حالة تواصل أفضل وأكبر، قال «أجيب على ذلك بالقول الشعبي (هذا الميدان يحميدان)، فإذا تمكن المرء من إثبات إبداعه الحقيقي من حيث سلب الألباب بالصورة والحالة الشعرية والقوة واللغوية... الخ، فهل سيعجزه معرفة هذه القواعد والإبداع فيها؟».

وأضاف «إذا أبدع في هذا الكون الشعري الصعب، فالقواعد ستكون بسيطة، تماماً كالمهندس الذي يبني قصراً عجيباً وساحراً، فلحظتها لن يعجزه معرفة الأماكن الصحيحة لتثبيت القواعد أو أعمدة هذا القصر. لكن إذا جدد هذه الأعمدة، فالمهم هو أن تثبت عليها عمارة القصر، وقد تصبح ذات شكل جديد في منظرها».

واستدرك ليوضح «هنا لا أتحدث عن الشاعر بل عن الحالة الشعرية، فإذا أجازت هذه الحالة لنفسها في خضم التجربة بأن تتوقف عند شكل من أشكال اللغة، دون قصد من الشاعر، فهنا علينا أن نتوقف مرة أخرى عند كلمة الخليل بن أحمد «الشعراء أمراء الكلام فاتبعوهم أنى فرقوه».

من جانبه، قال رضي «علينا أن نعرف التالي: لا وجود لأي لغة في العالم بلا شوائب، وعليه فإن الحديث عن نقاء لغوي على طريقة «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»، هو أمر غير موجود، واللغة العربية كأي لغة أخرى، تكيفت مع العصر ومع الزمن».

في الإطار ذاته، يعلق الهاشمي «اليوم، الأجيال الجديدة وبعد ثورة التكنلوجيا التي يشهدها العالم، أصبحت لا تستسيغ إلا لغة عصرها، وهي لغة التواصل الحديثة، وذلك يوجب علينا مخاطبة عقل هذه الأجيال لا ذاكرتها».

كيان اللغة العربية

رغم الحديث المتكرر عن المخاطر التي تواجه اللغة العربية، وقدرتها على البقاء كلغة فاعلة وحاضرة، إلا أن ابن عربي يشدد على أن اللغة العربية «لن تنقرض ولن تبيد ولن يحصل لها أي شيء، بل إنها باقية خالدة لأنها مرتبطة بالقرآن الكريم الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه»، مضيفاً «اللغة في حد ذاتها لن تمس بأي شيء، والإشكال فينا نحن لا في اللغة، وعليه فإن علينا التساؤل حول ما نحن صانعون لنعيد اعتبارنا نحن تجاه هذه اللغة، فهي باقية مهما أصاب أمتنا وعلى مدى قرون العديد من الإخفاقات والحروب الضروس، وأتحدث بالدرجة الأولى عن الحروب الثقافية».

أما الهاشمي، فيدلي بدلوه حول ذلك ليقول «القصة ليست في السؤال عن الضرر الذي ستحدثه الاستجابة لدعوات التخلص من القواعد النحوية، بل في عدم إمكانية ذلك»، مضيفاً «ما عليك إلا تغيير قواعد عِمارة، وفي حال كنت راغباً في وضع قواعد جديدة، فمجدداً سنقول «هذا الميدان يحميدان».

في هذا الصدد، استشهد الهاشمي بمثالي سعيد عقل وطه حسين، اللذين دعوَا لكتابة اللغة العربية بالحرف اللاتيني، وعقب «كان ذلك اجتهاداً لكنه لم ينجح، والسبب يكمن في أن إحدى قواعد اللغة العربية هي خطها أو حرفها الجميل بصرياً، وهذه من القواعد النفسية، فحين ترى الحرف يتلوى هذا التلوي الجميل وينحني، والألف تنتصب كالمنارة، تشعر أن هذه الحروف هي جزء من واقع، جزء من الجامع، جزء من المئذنة، جزء من حياتك».

وتطرق الهاشمي لارتباط اللغة العربية بتاريخ وهوية المنطقة، بالقول «اللغة العربية ليست مجرد كلمات أو قواعد نحو، بل هي حالة وجودية وهذا يطال جميع اللغات، لكنك إذا جئت للغة العربية وارتباطها بتاريخ العرب وبدينهم وبقرآنهم وكتابهم المقدس، يصبح الالتصاق بالقواعد التصاقاً وجودياً عميقاً، وليس بالإمكان تغييره إلا في حالة نفسية أو إبداعية أخذت وظيفة أخرى، فيكون الخطأ يصب في القاعدة، فيصبح الاستثناء الذي يؤكد القاعدة».

الجدل والمَخرج

ينوّه ابن عربي إلى تعدد السبل الخاصة بالحفاظ على اللغة العربية، قبل أن يستدرك ليقول «من غير الممكن تحقيق شيء ذا قيمة إذا لم يكن هناك قرار سياسي للحفاظ على هذه اللغة، ولكل الجهود المبذولة أن تأخذ طريقها لكن إذا بقت هذه الجهود محصورة وذاتية يزاحمها هذا المد العريض للغات الأخرى وهذا الاهتمام المبالغ فيه وتزاحمها أيضاً هذه الإخفاقات الأدائية في اللغة العربية سواء على مستوى التعليم أو الإعلام أو الاستخدام اليومي للغة، فستظل هذه المحاولات في نطاقها المحدود».

واستشهد ابن عربي على ذلك بمثال من العراق، مضيفاً «في وقت سابق كان هناك لجنة اسمها لجنة المحافظة على اللغة العربية، وهي لجنة رئاسية كانت تعين من قبل رئيس الجمهورية، وتتشكل من كبار أساتذة اللغة العربية في العراق وكانت مهمتها أن تتابع وتدقق على الاستخدام العام للغة العربية، بحيث لا يمكن لأي محل تجاري أن يصرح له بوضع إعلان أو اسمه على المحل إذا لم يحصل على موافقة هذه اللجنة، وحتى إعلانات الشوارع، كان لزاماً إخضاعها لموافقة اللجنة، وكل تلك أمثلة توضح أن القرار السياسي هو الأقوى وهو الذي يعطي دفعة إلزامية للمحافظة على هذه اللغة».

وأضاف «لنأخذ على إثر ذلك التعليم الذي يجب أن نصوغه صياغة أخرى ولنأخذ بعد ذلك المناهج والكتب وطرق التدريس الناجعة، واللغة التي يجب أن تكون وظيفية أكثر منها تقليدية صارمة لأننا للأسف ندرس بطريقة التقليد الصارم، مجرد قواعد وقوالب صارمة لا نستخدمها».

وعرج ابن عربي على دور الإعلام، فقال «يجب أن يكون للإعلام دور كبير جداً، فعلى مستوى البحرين وبشكل صريح، نشير إلى أن من يتصدرون الإعلام والواجهة الإعلامية، جزء كبير منهم لا بل الأغلب، لغتهم العربية فيها دَخَن، لغة مشروخة إن صح التعبير، وفيها أخطاء وخلل كبير جداً. وبالتالي فإن هنالك مستويات كثيرة نضع لها حلول، لكن كل ذلك لن يوازي القرار السياسي الذي يجب أن يُفرض لكي نحافظ على اللغة العربية».

وأضاف «أزيد على ذلك، أننا حين نتحدث عن لغة فإننا لا نتحدث عن مجرد ألفاظ وأصوات وحروف جرداء، بل نتحدث عن لغة نقصد بها الهوية والكيان والوجود، فحين تصدر قراراً سياسياً لنحافظ على اللغة فإننا نقصد الحفاظ على هويتنا وكياننا ووجودنا وحياتنا، وهذا الأمر ينطبق على كل اللغات كافة».

وفيما إذا كان يعني بحديثه هذا المطالبة بظهور لجنة رسمية - أهلية، في البحرين، لتتولى مهمة الإنقاذ، قال ابن عربي «عليك أن تنظر إلى كيفية استخدام اللغة، والتعثرات والأخطاء في الاستخدام، وما عليك إلا السير في الشارع وقراءة أسماء المحلات التي تكتب في بعضها بأيدٍ ليست عربية، فيُخطئون ويؤثرون على الذائقة العامة في ذلك».

وعقب «نحتاج لقرار سياسي لأننا بحاجة لأن نحافظ على كياننا وهويتنا، فالكل يستخدم اللغة العربية الآن بشكل غير مسئول وهذا غير صحيح، فاللغة الإنجليزية مثلاً لا يُسمح لأي جهة أن تضع ملصقاً باللغة الإنجليزية في أي مكان من الأماكن العامة، ولو حصل، فإن الكل سيتحدث وسيصحح ويثور، أما اللغة العربية، فإن ملصقاتنا الرسمية تعج بالأخطاء ولا أحد يلتفت لذلك، وعليه فإننا بحاجة لأن نُشعِر الناس أولاً بأهمية هذه اللغة وأنها لغة وجودهم وحياتهم وكيانهم وبحاجة لأن نشكل هذه اللجنة أيًّ كان مستواها، لكن يجب أن تكون رسمية تتابع وتدقق على هذه الأشياء، وهذا بدوره سيرتقي بذائقة المتلقي، على العكس من حالة الخبط والخلط الحالية في الكتابة والتي تترك تأثيراتها السلبية على ذائقة الناس».

تكيف لا مفر منه

يستمر الجدل في إنتاج تبايناته، فيما يشير رضي إلى أن الواقع يتحدث عن ترجمة فعلية لدعوات التحرر من قيود القواعد النحوية.

من بين ذلك، الحالة البحرينية بوصفها جزءاً من الحالة العربية العامة، التي شهدت «تكيّف لا مفر منه لاستخدام قواعد اللغة العربية، سواء دعا إليه علي الوردي أم لم يدعُ»، على حد قول رضي، مستعيناً على ذلك بالحديث عن الإقبال المتزايد للشباب على قراءة الرواية.

إزاء ذلك، يعبر رضي عن سعادته «حتى مع الملاحظات التي يبديها البعض حول سلوك الشباب في اقتناء ما يسمونه بـ «الروايات التافهة»، مضيفاً «شخصياً لا هواجس لدي حيال ذلك، فمن يبدأ بقراءة الغث سيصل للسمين، وفي النهاية، فإن طقس القراءة في حد ذاته سلوك إيجابي، وبالتالي فإنني أرى أن الروايات وحتى قصيدة النثر تمكنتا من الوصول لشرائح شبابية بلغة ميسرة وبقواعد سهلة»، واستدرك «بالطبع، هنالك أمور يتوجب علينا احترامها، بما في ذلك التشكيل والضم، فهذه الأمور ضمن القواعد العامة المطلوب مراعاتها».

وبين التسطيح والتعميق، يقول رضي إن «الفيصل في ذلك، لا يتأتى عبر المفردات، بل عبر البناء الكامل للجملة، فاللغة العربية هي لغة جملة بامتياز»، مضيفاً «أحد أهم مميزات العمق هي البساطة، لا أن يكون معقداً، وهذا هو هدف اللغة الرئيس»، ولافتاً إلى أن «البلاغة حق مشروع، لكن على المنتج أن يحدد ما إذا كان يريد دائرة تواصل ضيقة، نخبوية، أم يريد أن يصل للعالم كله».

العدد 4850 - الخميس 17 ديسمبر 2015م الموافق 06 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:35 م

      اللغة العربية

      اختلف مع من يقول ان هناك كلمات انتهى زمانها اللغة العربية لغة حية ومستحيل اتضبع وحلاوتها في قواعدها اللغوية واذا تخلصوا من النحو قتلوا اللغة وحلاوتها ودقتها اسلوب تعليم القواعد اللغوية خو الخطأ وليس الكلمات القديمة كما يدعي القائل .... الحمدلله لغة القران محفوظة بالقران الكريم.

    • زائر 1 | 2:31 ص

      ...

      مع تغيير الاسلوب وليس القواعد بحد ذاتها ، اللغة العربية لغة جميلة ولكن مشكلتنا في البلد انهم يعلموننا بطريقه تجعلك تكره اللغة! او انهم يعلموننا مثل ما ذكر بالمقال شعر يعود لقرون سابقه بها كلمات انتهى زمانها.

اقرأ ايضاً