أنت نسيت جوهرك وأصلك لما ضللت الطريق، ولما ارتديت أقنعة يملأها النفاق ويزينها البريق، فمن عاش حياته غافلاً جوهره ومصدره فقد ضاعت حياته هباء، ضاعت حياتك هباء فالحقيقة عمادها وقوامها الجوهر، ومن ذهب إليها غافلاً جوهره لابساً أقنعته فيا لعظمة خسارته وحسرته، إن شئت فلتسمِّ هذا الجوهر ما تشاء أو أي اسم من الأسماء فالأسماء والعناوين لا تعني شيئاً لمن يطير هو في السماء.
لا تنظر حواليك على أمل أن تجد من يسهل الطريق عليك، لن يسهلها أحد بل سيزيد صعوبتها عليك، ستتعثر وحمولة الأفكار التي تحملها فوق كتفيك ستثقل خطاك، وستتعب قدميك وسط الطريق ستشعر بالتعب والضيق، وتنتهي رحلتك حتى قبل أن تبدأ، لذلك اخلع كل ما يحجب نور جوهرك ويمنعه من أن يسطع في سمائك، أن تقيم وزناً لما هو حقيقة مطلقة واتزان، أن تضع الأمور في نصابها الصحيح فلا تعطي أشياء أكثر من الحسبان على حساب حقيقة تتجاوز جميع الأشياء، تتجاوزها وتودي بها في لحظة إلى الهلاك تودي بها على غفلة منك إلى الانهيار والفناء، أنت بحاجة للتعرف على ما في النفوس أولا لتفهم ما بين النصوص.
افتح عينك لترى حقيقتك بنفسك، وإن لم ترَها فلن تفقه معناها مهما قرأت عنها، وعن محتواها، إن الحب لا يمكن تدوينه وتلقينه في دواوين وعرضه على رفوف في دكاكين، الحب يمزج في القلوب ويعرف طريقه، يمشي دربه إلى القلوب كما تشرق الشمس من بعد الغروب.
علي العرادي
حنا هل الجزلات لاقيل جزلات
نوفي وحق الغير فوقه نزودي
لنا على درب الأجاويد صولات
مما عطاها الله ربعي تجودي
خوينا يحشم ولو زل زلات
والضيف يكرم دون وضع الحدودي
دخيلنا مانرجعه دون فزعات
بالدم نوقف كلنا كالأسودي
واليا تردى في زمنا شنابات
نبقى على عهد الوفاء كالسدودي
حنا تعلينا على روس هامات
والمدح جانا دون دفع النقودي
والساس وهبه من إله السماوات
يقوله الحربي عريب الجدودي
يمدح به الي ما توفيهم جزات
حرب الحرايب، والفعايل شهودي
من دون قاصر في قبايل ولابات
نجدي انا وان قيل عني سعودي
وعيال عمي جايبين الصدارات
في المملكه، بأركانها والحدودي
وصلوا على الي مبلغٍ للرسالات
الهاشمي محمد نقي الوعودي
عبدالله عرفه الحربي
كنت أتابع جميع مقالات الصحف العربية والأجنبية، واليوم وقعت على مقال في إحدى الصحف المصرية لكاتبة مصرية، كانت تروي قصتها وهي عائدة من مدريد بعد تغطيتها مؤتمر النساء الدولي، وبالصدفة وفي الطائرة كان يجلس بجانبها وزير البترول، وبعد قراءة المضيفة لتعليمات سلامة الركاب، وبعد اقلاع الطائرة استدارت للوزير الجالس بجانبها، وعرفت أنه كان حاضراً في المؤتمر نفسه، وطوال الرحلة دارت عدة أحاديث عن مستقبل مصر في التعليم والصحة والثقافة والاقتصاد ومحاربة الإرهاب وصولا إلى قصة وزير الزراعة المتهم بالاختلاس الذى تصدرت أخباره الصحف وقبض عليه، لكنه فاجأه النظام المصري وكأي معتقل في مصر يبتزها ويهدد نظامها الهش بكشف الفاسدين فى الدولة.
هنا أتوقف قليلاً لأسأل سؤالي الذي أنتم تشاركونني الغرابة نفسها، وهو: لماذا وزير الزراعة دائماً هو الشخصية المختلسة؟ لم لا توجه التهمة إلى وزير المالية الذي بيده أموال قارون أو البلاط الذي بيده خيرات مصر أو وزير الصناعة والذي يمتلك كل صناعات مصر، أما الضربة دائماً ما تكون في وجه وزير الزراعة فهذا ما يضعني في حيرة، والذي لا يوجد تحت يديه إلا أدوات الزراعة والفلاحة كالجرافات وآلات الجز والزرع ومبيدات الحشرات وحبوب ونباتات للزراعة، يعني بالعربي الفصيح وإن اختلس كم ستكون ضربته؟ بينما زملاؤه الآخرون لديهم أموال فاروق مصر كلها، أضف إلى استغرابي هو أنني عندما تابعت من قبل مسلسل فلم «أستاذ ورئيس قسم» للممثل القدير عادل امام وبعد تنصيبه وزيراً للزراعة اتهموه أيضاً بالاختلاس! والتهمة كما يقول هي جاهزة وهي اختلاس موازنة مخصصة لمناقصة لتوريد مبيدات حشرات! يعني دائماً وزير الزراعة هي الطوفة الهبيطة! وهنا مربط الفرس وهو حينما وجهت الكاتبة سؤالها التالي لزميلها وهو هل قبضوا على وزير الزراعة قبل أن يكشفهم؟
أتعرفون ماذا كان، قال: لا، كان التحقيق يجرى مع وزير الزراعة منذ عدة شهور قبل أن يدلى بتصريحاته الصحافية عن الفضيحة الكبرى بحق الفاسدين، مما يعني أن في الأمر شيئاً، وهو أصبح اليوم قصة الاعتقال في الدول العربية بحق بعض الشخصيات المختلسة، قصة غريبة وعجيبة ومستمرة؛ لأنه في اعتقال المختلسين هو فرج للمتنفذين المتغولين في جسم أجهزة الدولة، والذين لديهم تجارب في كيفية الاختلاس ويعنيهم الأمر وبذلك تنتهي قضية الاختلاس بالضربة القاضية و«لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا» في أي شخصية يراد الخلاص منها، وهل يعني لا يعتقل المختلس ويترك سدى؟ لا، قصدي أنه يجب في اعتقاله فضح من معه من المتنفذين في الحال، وليس تنتهي القصة كما في الأفلام المصرية كما عودتنا بموت البطل فريد شوقي على يد المليجي مثلاً، والأخطر من كل هذه السرقات جرائم الاختلاسات الألكترونية كما في عالمنا العربي اليوم والتي زادت حدتها وهي الاختلاسات الجديدة والتي يصعب اكتشافهم قبل خراب البصرة، أي ليست كسرقات الأموال من الخزانة أيام فاروق باشا، بل اليوم تدار الاختلاسات بالأصابع وبالرموز او باللاب توب المحمول ينخرون من حسابات البنك المركزي او من الموازنة الوزارية في التحويلات المالية من المناقصات وغيرها، وكما يقال بالمصري: «ولا من شاف ولا من دره» وهذا ما حدا ببعض الدول العربية إلى انشاء شبكة حماية لكل وزارة خاصة بالمناقصات المحلية والخارجية تراقب ليلاً ونهاراً والسؤال المحير: لماذا لا تزال الاختلاسات مستمرة؟ ولم تستطع هذه الدول اصطياد الفئران قبل السرقة، و الولوج في مخابئها وقطع الأسلاك الإلكترونية وقبل تحويل المبالغ إلى أسماء مستعارة أو لأسرهم وأبنائهم وقبل محو آثار الجريمة و السرقة!
مهدي خليل
العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ