أكد رئيس القضاء العسكري رئيس محكمة التمييز العسكرية العميد حقوقي يوسف راشد فليفل أن القضاء العسكري في قوة دفاع البحرين قد شهد تطوراً بالتوازي مع ما شهدته مملكة البحرين من ازدهار ونماء في ظل المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد القائد الأعلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ومنذ صدور المرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2002م بشأن قانون العقوبات العسكري والذي يعد المنعطف الأهم في مسيرة هذا الجهاز، وتلاه إنشاء محكمة التمييز في 2011، ثم صدور التعديل الثاني في المرسوم بقانون رقم (71) لسنة 2014م، والذي تم من خلاله إجراء التحديث على القضاء العسكري بما يتوافق مع المنظومات القضائية الحديثة وبما يكفل الاستقلالية لجهاز القضاء العسكري باعتباره إحدى السلطات القضائية في الدولة، وليتوافق مع المعايير الدولية.
وأكد في لقاء مع وكالة أنباء البحرين أن القضاء العسكري يعد من أوائل المؤسسات القضائية في المملكة التي استعانت بخبرات المرأة في العمل القانوني في عدد من المجالات أهمها قسم التحقيق النسائي التابع للنيابة العسكرية، والذي تم من خلاله تعيين عدد من العناصر النسائية في منصب (وكيل النيابة العسكرية).
وفيما يلي نص اللقاء:
حدثنا عن بدايات تأسيس القضاء العسكري، مع ذكر التطورات التي طالت الجوانب الهيكلية والإدارية؟
- منذ تأسيس قوة دفاع البحرين، حظي القضاء باهتمام ملحوظ وعناية كبيرة من قبل القادة المسئولين بالقيادة العامة لقوة دفاع البحرين وعلى رأسهم القائد العام، حيث أنيط به الاختصاص القانوني والقضائي منذ صدور قانون الأحكام العسكرية في عام 1968م، والذي تحددت خلاله اختصاصات النيابة العسكرية والمحاكم العسكرية، بالإضافة إلى إجراءات التحقيق والمحاكمة.
ونظراً لتطور قوة الدفاع وما شهدته مملكة البحرين من ازدهار ونماء في ظل المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد القائد الأعلى، فقد واكب ذلك تطوير شامل للعمل القضائي بقوة دفاع البحرين عبر صدور المرسوم بقانون رقم (34) لسنة 2002م بشأن قانون العقوبات العسكري والذي يعد المنعطف الأهم في مسيرة هذا الجهاز حيث اشتمل هذا القانون على تطوير شامل للعمل القضائي في قوة دفاع البحرين من خلال إعادة تنظيم جهاز القضاء العسكري سواء في النيابة العسكرية أو المحاكم العسكرية، إلى جانب التأكيد على ممارسة أعضاء القضاء العسكري لاختصاصاتهم القضائية، وتنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة بإتباع ذات ما هو مقرر في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 2002م، والأخذ بتعدد درجات التقاضي في جرائم القانون العام مع التأكيد على الكثير من الضمانات القضائية الأخرى كإتاحة الاستعانة بالمحامين أمام جميع المحاكم العسكرية.
واستمراراً لمسيرة التطوير والتحديث، فقد تم تعديل قانون العقوبات العسكري مرتين، الأولى كانت بموجب المرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2010م، والذي تم بموجبه استحداث محكمة التمييز العسكرية، والتأكيد على استقلالية القضاء العسكري من خلال التأكيد على أن القضاة العسكريين غير قابلين للعزل إلا من خلال الطريق التأديبي ، ويتم تعيينهم بأمر ملكي، بالإضافة إلى وضع نظم خاصة في شأن إجراءات التعيين والتفتيش القضائي، ومعادلة وظائفهم بوظائف السلطة القضائية في الدولة.
فيما أن التعديل الثاني قد تمثل بصدور المرسوم بقانون رقم (71) لسنة 2014م ، والذي تم من خلاله إجراء التحديث على القضاء العسكري بما يتوافق مع المنظومات القضائية الحديثة وبما يكفل الاستقلالية لجهاز القضاء العسكري باعتباره إحدى السلطات القضائية في الدولة، وقد كان أهم ما تضمنه هذا المرسوم بقانون إنشاء لجنة قضائية عسكرية تختص بنظر الطعون الإدارية وتكون على درجتين (ابتدائية، استئنافية)، وهي ضمانة هامة لمنتسبي قوة دفاع البحرين، إلى جانب أن المرسوم بقانون تضمن تعديل عدد من المسميات القضائية بما ينسجم مع المسميات القضائية المعمول بها في القضاء العسكري، مع تعديل بعض النصوص الإجرائية والعقابية ووفقا للمعايير الدولية في ذلك.
ما هي أبرز الإنجازات في القضاء العسكري بدءً من إنشاء محكمة التمييز العسكرية، ومراحل التطور التي مرت بها وصولا الى اليوم؟
- يعتبر إنشاء محكمة التمييز العسكرية من أهم الإنجازات التي اضطلع بها القضاء العسكري حيث كانت أولى جلسات المحكمة بتاريخ 12 ديسمبر 2011م للنظر في الطعون المقدمة بشأن أحد الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف العسكرية العليا، وتعد هذه المحكمة أعلى درجات التقاضي أمام المحاكم العسكرية حالياً، وهي تختص بنظر الطعون المقدمة سواء من النيابة العسكرية، أو من المحكوم عليهم في الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الاستئناف العسكرية العليا، أو المحكمة العسكرية الكبرى بصفتها الاستئنافية، وأيضاً الفصل من قبلها في طلبات إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح، والفصل في حالة تنازع الاختصاص بين المحاكم العسكرية، علماً أن كافة الإجراءات والمواعيد الخاصة بمحكمة التمييز العسكرية يتبع بشأنها ماهو مقرر في قانون محكمة التمييز المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (8) لسنة 1989م.
وفيما يتعلق بتطوير النظام العسكري الالكتروني فقد تم إدخال نظام القضاء العسكري الإلكتروني إيماناً من القيادة العامة بضرورة تبسيط إجراءات التقاضي في المحاكم العسكرية، حيث دخل حيز التطبيق الفعلي عام 2010م فساهم بشكل فعال في تتبع القضايا منذ بداية إجراءات التحقيق فيها وحتى انتهاء مرحلة المحاكمة، إلى جانب تسهيل إجراءات تنفيذ الأحكام وحفظ القضايا تحقيقاً للرقابة الدائمة على جميع الأعمال القضائية، والدقة في الأداء، بالإضافة إلى تحقيق السرعة في إعداد الإحصائيات السنوية بشكل علمي ودقيق من خلال أجهزة الحاسب الآلي.
وعلى صعيد تطوير الكادر البشري فقد أولى القضاء العسكري اهتماما كبيرا بتطوير الكادر البشري باعتباره الركيزة الأساسية والهامة لأي جهاز قضائي فرسالة القضاء عظيمة وشاقة ويتطلب أدائها على الوجه الذي يحقق الحق والعدل ضرورة وجود كفاءات على مستوى عالٍ وراقٍ وهو ما تم التركيز عليه طوال هذه السنوات سواء من انتقاء العناصر الممتازة التي تصلح لتولي العمل القضائي أو بالمداومة على التدريب المستمر لهذه العناصر وتأهيلها ورفع كفاءتها بالاستعانة بعدد من المستشارين القانونين الذين كان لإخلاصهم تحقيق نقله نوعية عظيمة الأثر في الارتقاء بمستوى التدريب والخبرة وكذلك كان لمساندة ودعم المسؤولين في القيادة العامة لقوة الدفاع عظيم الأثر في التأهيل الأكاديمي للعديد من ضباط والقضاء العسكري بدفعهم في بعثات علمية لنيل درجة الماجستير والدكتوراه فضلاً عن حضور العديد منهم في دورات قانونية تأهيلية داخلية وخارجية.
ولعل من أبرز الإنجازات الهامة في مجال القضاء العسكري هو البدء في التفتيش القضائي، حيث شكلت لجان تقوم بمهام التفتيش والتدقيق على أعمال القضاة العسكريين ووكلاء النيابة العسكرية والعمل على تقييم أعمالهم وتقدير كفاءتهم وحرصهم على أداء واجبات العمل القضائي وفق صحيح القانون.
كما ساهم القضاء العسكري من خلال حضوره جلسات مجلسي النواب والشورى ولجانهم في تطوير المنظومة القانونية المتعلقة بقوة دفاع البحرين بصفة عامة بالإضافة إلى مناقشة وصياغة القوانين والاقتراحات برغبة المتعلقة بتحسين الظروف المعيشية لمنتسبي قوة دفاع البحرين والمتقاعدين والميزانية العامة للدولة وضم الخدمة وكل ما يتعلق بالشأن العام وله علاقة بقوة الدفاع في إطار يحكمه الدستور وقوانين المملكة.
ماذا عن تفعيل دور المرأة على مستوى القضاء العسكري؟
- تماشياً مع رؤية جلالة الملك في تفعيل دور المرأة البحرينية على المستوى القضائي فقد أولينا لدورها اهتماما كبيرا، فالقضاء العسكري يعد من أوائل المؤسسات القضائية في المملكة التي استعانت بخبرات المرأة في العمل القانوني في عدد من المجالات أهمها قسم التحقيق النسائي التابع للنيابة العسكرية، والذي تم من خلاله تعيين عدد من العناصر النسائية في منصب ( وكيل نيابة العسكرية )، بالإضافة إلى مساهمة العنصر النسائي في عدد كبير من الأقسام والتي أهمها القسم المختص بمتابعة القضايا الخاصة بقوة الدفاع لدى المحاكم المدنية، وكذلك قسم طباعة الأحكام، والحفظ والأسبقيات، والبحث الاجتماعي وتدقيق الأحكام العسكرية، فضلا عن عملها في أمانة المكتبة القانونية والأرشيف القانوني.
كيف يسهم القضاء العسكري في إبراز مملكة البحرين على الصعيد المحلي والدولي؟
- استضاف القضاء العسكري لعدد من الوفود الخليجية والعربية المتخصصة في مجال القانون، بالإضافة إلى عقد دورات قضائية لضباط وضباط صف بعض الدول الخليجية ومنها على سبيل المثال المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة.
إلى جانب أن القضاء العسكري حرص ومنذ بداية إنشاء كليات الحقوق في مملكة البحرين على التواصل مع هذه الكليات من خلال تنظيم برنامج تدريب سنوي لطلبة الحقوق يدخل من ضمن المواد الدراسية ، وقد تم بالفعل منذ عام 2002م تخريج عشرات من الطلبة والطالبات حيث تم تزويدهم بالمهارات القانونية والعملية.
كلمة أخيرة من رئيس القضاء العسكري لمن توجهها ؟
أتوجه بالشكر والتقدير إلى القادة المسئولين في القيادة العامة، وعلى رأسهم القائد العام لقوة دفاع البحرين على العناية الدائمة التي يوليها معاليه لجهاز القضاء العسكري في قوة دفاع البحرين، كما أهنئ القيادة السياسية الرشيدة والمواطنين بالعيد الوطني المجيد لمملكة البحرين والذكرى السادسة عشر لتولي صاحب الجلالة الملك القائد الأعلى مقاليد الحكم، ولا يفوتنا أن نستذكر في هذا المقام شهداء الوطن الأبرار سائلين الله عز وجل أن يتغمد أرواحهم الطاهرة في جنات الفردوس.
العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ