العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ

تونس تحتفل بذكرى ثورة «الياسمين» وجائزة نوبل للسلام

رباعي السلام التونسي متسلماً جائزة «نوبل» للسلام - afp
رباعي السلام التونسي متسلماً جائزة «نوبل» للسلام - afp

قبل خمس سنوات في تونس، وتحديداً في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 انطلقت شرارة ثورات «الربيع العربي» إذ أقدم البائع المتجول محمد البوعزيزي في سيدي بو زيد (وسط غرب) على إضرام النار في نفسه احتجاجاً على معاملة الشرطة ما أدى إلى إطلاق حركة احتجاج شعبية ضد الفقر والبطالة. وتوفي البوعزيزي في الرابع من يناير/ كانون الثاني.

وسرعان ما امتدت التظاهرات التي رافقتها أعمال شغب إلى كافة أنحاء البلاد.

وفي 14 يناير تجمع آلاف المتظاهرين في تونس وفي الضواحي للمطالبة برحيل بن علي الذي فر إلى السعودية بعد حكم دام 23 عاماً بلا منازع ليكون أول رئيس عربي يغادر السلطة بضغط من الشارع.

وبعد أزمات سياسية متتالية، اعتمدت تونس في 2014 دستوراً جديداً ثم نظمت انتخابات تشريعية فاز بها حزب نداء تونس المعادي للإسلاميين متقدماً على إسلاميي النهضة. وفي ديسمبر انتخب الباجي قائد السبسي رئيساً.

لكن عملية إرساء الديمقراطية تبقى هشة أمام التهديد المتطرف في البلاد التي شهدت العام 2015 ثلاث اعتداءات كبرى تبناها تنظيم «داعش».

في مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب)، تبددت مشاعر الفخر لدى سكان هذه المدينة ليحل مكانها إحساس عميق بالاستياء الذي يغذيه البؤس الاجتماعي وتهديد المتطرفين.

وفي قلب المدينة، تم تعليق صورة عملاقة لمفجر الثورة، البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عاماً) الذي أقدم على إضرام النار في جسمه أمام مقر الولاية احتجاجاً على مصادرة الشرطة البلدية عربة الخضار والفاكهة التي كان يعتاش منها.

توفي البوعزيزي في الرابع من يناير 2011 في المستشفى متأثراً بحروقه البالغة. وأطلقت وفاته احتجاجات شعبية عارمة انتهت يوم 14 يناير 2011 بهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى السعودية، قبل أن تمتد لاحقاً إلى دول أخرى في المنطقة.

واليوم الخميس ستضع السلطات حجر أساس «متحف الثورة» في سيدي بوزيد، تزامناً مع الذكرى الخامسة لحادثة 17 ديسمبر 2010.

نسيم (20 عاماً) الذي يدرس بأحد مراكز التكوين المهني في سيدي بوزيد، قال وهو يظهر جيبي سرواله الفارغين «هذا ما جلبته لي الثورة» وسط ضحك أصدقائه.

وأضاف الشاب «الدراسة (في الجامعة) لا تؤدي إلى شيء. أنت مخير بين التكوين المهني وبين أن تصبح بنّاء. وفي الحالتين سيحتقرك المجتمع».

وبعد خمس سنوات على الثورة، ورغم نجاح تجربة الانتقال السياسي في تونس التي تجنبت الفوضى التي عمت بقية دول الربيع العربي، لا تزال نسب البطالة (15،2 في المئة) عند مستويات مرتفعة في البلاد بسبب الركود الاقتصادي.

ووفق أحدث الإحصائيات الرسمية، يمثل خريجو الجامعات 32 في المئة من إجمالي العاطلين في تونس في حين يمثلون 46 في المئة في ولاية سيدي بوزيد التي يقطنها نحو 430 ألف ساكن وفق أحدث تعداد للسكان أجري في 2014.

«المواطن معه حق»

سيدة في الخمسين من العمر رفضت نشر اسمها، تعمل بائعة ملابس مستعملة في سوق مدينة سيدي بوزيد، اعتبرت أن الحرية التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة أمر «جيد» لكنها «لا توفر الخبز».

محمد المحجوبي والي (محافظ) سيدي بوزيد يتفهم خيبة أمل الناس. وقال الوالي لـ «فرانس برس»: «المواطن معه حق. الناس يقولون قمنا بثورة بسبب التفاوت (الاقتصادي والاجتماعي) بين الجهات لكنهم لم يروا تغييراً» حتى اليوم.

لكنه استدرك قائلاً «يجب أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية لفترة ما بعد الثورة» في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والأمني التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة.

ولفت إلى أن حالة عدم الاستقرار هذه عطلت إنجاز مشاريع كبرى مبرمجة مثل طرقات سيارة ستربط سيدي بوزيد بولايتي صفاقس (وسط شرق) وتونس (شمال شرق). وأضاف الوالي «خلال عامين أو ثلاثة سنحس ببداية التغير في الولاية».

«نحن خائفون»

شهدت تونس في 2015 ثلاث هجمات دامية تبناها تنظيم «داعش» المتطرف، ما زاد في تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وفي 13نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ذبح متطرفون موالون لتنظيم «داعش» راعي الأغنام مبروك السلطاني (16 عاماً) بمنطقة جبلية في سيدي بوزيد، متهمين إياه بتزويد الجيش بمعلومات عن تحركاتهم مقابل أموال، في حادثة هزت الرأي العام.

ووضع هؤلاء رأس الراعي في كيس سلموه لابن عمه (14 عاماً) الذي كان يرعى الأغنام معه، وطلبوا منه إيصاله إلى عائلته التي تقطن قرية «دوار سلاطنية» الفقيرة التابعة لمعتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد.

وقالت والدة مبروك السلطاني التي تنام مفترشة الأرض متحدثة عن ابنها «كان سندي وقد أخذه الإرهاب مني».

وشرعت الدولة في بناء منزل جديد لهذه السيدة قرب منزلها الحالي وهو عبارة عن غرفتين غير مرتبطتين بشبكة مياه الشرب.

وتجرى حالياً أشغال لتهيئة المسلك المؤدي إلى قرية «دوار سلاطنية» المعزولة والمحاطة بأشجار الزيتون والتين الشوكي.

وقال جيلاني شقيق مبروك السلطاني لـ «فرانس برس»: «نحن خائفون لكننا لن نغادر» هذا المكان.

ورغم أن الجيش ركز شاحنة عسكرية على تلة مجاورة لحراسة القرية، طلب جيلاني من السلطات تمكينه من رخصة لحمل سلاح «لندافع به عن أنفسنا في حال نزل الإرهابيون إلى المنازل».

العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً