العدد 4847 - الإثنين 14 ديسمبر 2015م الموافق 03 ربيع الاول 1437هـ

اقتصاديون: صمود الاقتصاد في وجه تحديات أسعار النفط مرهون بتنويع مصادر الدخل وتعظيم دور القطاع الخاص

أكدت فعاليات اقتصادية أن الاقتصاد الوطني سيكون قادراً على الصمود في وجه تحديات استمرار تراجع أسعار النفط والإجراءات التقشفية المتخذة من قبل الأجهزة الحكومية، وذلك بفضل المكتسبات الوطنية المتحققة على مر السنوات الماضية في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

وأوضحوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين "بنا" بمناسبة العيد الوطني، أن أهم ما سيميز المرحلة المقبلة اقتصاديا هو تقليل الاعتماد على القطاع النفطي في توليد الإيرادات الحكومية والاستناد على قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة كالخدمات المصرفية والصناعة والسياحة والعقار وتكنولوجيا المعلومات والتحول إلى الاقتصاد المعرفي.

وبينوا أن العام المقبل 2016 لن يكون أفضل حالاً من العام الجاري 2015 بسبب تنبؤات استمرار مراوحة أسعار النفط مكانها حول 50 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية.

واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أكبر جعفري التحديات الموجودة حالياً فرصة لمراجعة أمور المملكة الاقتصادية وبالذات الاستهلاكية منها، لافتا إلى أن الحكومة قادرة على امتصاص المتغيرات والضغوطات كما فعلت خلال الأربعين سنة الماضية، خاصة وأنها مرت بعواصف كثيرة ولم يشعر المواطن بوجودها أو طرق معالجتها.

وتوقع جعفري أن تسير الحكومة بنفس المنوال في معالجة التحديات الاقتصادية والمالية وفق سياسات مرنة ومتزنة، على ألا تمس حاجات المواطنين وتطلعاتهم أو الإضرار بمكتسباتهم. ويرى أنه لا يجب الاستمرار بدون تدخل أو معالجة سريعة لأبرز التحديات الاقتصادية العالقة، مع النظر إلى الكماليات أولا والحد من الإسراف حتى في الضروريات.

وذكر أن الحكومة تتكبد مصاريف كبيرة في بند العمالة، حيث يمكن استغلالها بشكل فعال أو عرض العمالة الحكومية على القطاع الخاص وإحلال العمالة الوطنية محل الأجنبية، مما سيؤدي إلى المساعدة في الحد من خروج الأموال من البلاد وتفعيل دور المواطنين في المشاركة في التطور الاقتصادي.

وتوقع أن يسجل الاقتصاد الوطني معدل نمو يقل عن 3%، مؤكدا أن مملكة البحرين في وضع أحسن من العديد من دول المنطقة والعالم، وقادرة على استيعاب تبعات اضطرابات الأسواق العالمية الاقتصادية منها والسياسية.

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي رضا فرج أن الاقتصاد العالمي يمر بأزمة اقتصادية ستكون تأثيرها أقوى خلال الأعوام القليلة القادمة، وبالنسبة للبحرين فإن التحدي يكمن في ضرورة تنويع مصادر الدخل، خاصة مع الاعتماد على النفط، الذي لا يوجد بوادر أن يكون 2016 عام الانتعاش لأسعاره.

وبين أن المصروفات الثابتة يصعب تقليصها في فترة وجيزة، لأن جزء كبيرا من المصروفات تضر بالعمالة الوطنية، وبالتالي لا يمكن تبني فكرة تسريح العمالة لتقليص المصروفات المتكررة.

وأوضح أن ما قامت به الحكومة على أساس الدمج وتشكيل لجان متخصصة للنظر في خفض المصاريف الحكومية ستأتي بنتائج جيدة مقارنة مع ميزانية الدولة، واصفا الإجراءات التي تبنتها الدولة بالسليمة والصحيحة.

وذكر أنه يتحتم على الحكومة الإتيان بإيرادات من مصادر أخرى غير النفط وتقليل الاعتماد عليه، مع التركيز على السياحة والتعليم والصناعات الخفيفة والمتوسطة الحجم، فضلا عن توجيه الدعم للمستحقين من المواطنين فقط وذلك على مراحل وبالتدرج.

وأضاف أن المواطن يجب أن يعرف بوجود أزمة اقتصادية عالمية يمر بها الجميع، وعليه أن يشارك ولو بجزء بسيط في عملية ضبط النفقات وترشيد الإنفاق، كما يمكن للمواطن أن يساعد في وقف الهدر في كل المجالات كاستهلاك الكهرباء والمياه والغذاء.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد اليوشع إن الصدمات السلبية مجسدة في أسعار النفط والإيرادات النفطية وانعكاسها على الإنفاق الحكومي، لافتا إلى ضرورة تبني السياسات الصعبة والبدء بها فورا، مع إدخال القطاع الخاص ليأخذ دوره الطبيعي في عملية التنمية الاقتصادية في المملكة.

ووصف القرار الأصعب في عملية التحول إلى القطاع غير النفطي بعملية "فصل الإنفاق الحكومي من الإيرادات النفطية"، من أجل تجنيب الاقتصاد الوطني الصدمات السلبية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط عالميا. وشدد على أهمية تعزيز المكاسب الوطنية بإيكال بعض المهام للقطاع الخاص والتكامل أكثر للقيام بدوره، لاسيما وأن التجارب السابقة أثبتت أن الحكومة تقوم بكل مهام التنمية، وأحد أبرز مسببات المديونية العالية للدولة، وخير دليل على ذلك الدعم الحكومي لعدة سلع لفترة طويلة من الزمن.

وبين أن لدى البحرين فرص استثمارية هائلة يمكن الاستفادة منها في مجال الصناعة والخدمات للنهوض اقتصاديا وتخطي تبعات انخفاض أسعار النفط، إلى جانب إعادة القطاع المصرفي إلى بريقه ولعب دوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.

ولفت إلى أن البحرين حققت خلال السنوات الماضية الكثير من المنجزات على صعيد تطوير البنية التحتية وسن القوانين والتشريعات والأنظمة وإنشاء مؤسسات نوعية وتأهيل الكوادر البشرية والعمالة المدربة، ولا بد من أن تمضي قدما في سياسة تنويع مصادر الدخل لمزيد من المكاسب.

وعبر اليوشع عن رضاه مما يتخذ حالياً من إجراءات تصحيحية لضبط وترشيد النفقات، منوها إلى أنه لا يوجد خيار أو بديل آخر سوى خفض النفقات الحكومية والاعتماد أكثر على القطاعات غير النفطية. وأشار إلى أن قطاعي السياحة والخدمات المالية من بنوك وتأمين يشكلان 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي بمقدورهما تخفيف الصدمة النفطية على الاقتصاد الوطني، مشددا في نفس الوقت على أهمية القطاع العقاري في الحفاظ على المكتسبات والمضي قدما في التنمية المستدامة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً