كشفت وزارة الشئون الاجتماعية استقبالها 7234 بلاغاً، العام الماضي حول العنف والإيذاء من كل مناطق المملكة، تعددت بين الجسدي والنفسي والجنسي، مثلما أوضح المدير العام للحماية الاجتماعية في الوزارة عبدالله المحسن ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الثلثاء (15 ديسمبر / كانون الأول 2015).
وقال إن عدد الحالات التي تعرضت للإيذاء خلال عام 1436هـ، بلغ 8016 حالة منها 7234 بلاغاً موزعةً على عدد من مناطق المملكة، وحصلت منطقة الرياض على أعلى عدد بواقع 1924 بلاغاً، تليها مكة المكرمة بـ1835 بلاغاً، استقبلتها وحدة حماية المنطقة، ثم «الشرقية» 1101 بلاغ. أما المناطق الأقل في عدد البلاغات والحالات الناجمة عنها، فكانت الجوف بـ56 بلاغاً، و61 حالة، فالحدود الشمالية بـ56 بلاغاً و60 حالة.
ويعتبر الاتصال الهاتفي أكثر الوسائل والطرق المتبعة لتقديم البلاغات ضد حالات الإيذاء، ويليه استقبال البلاغات من طريق الفاكس، ويعود ارتفاع عدد استقبال البلاغات عبر الاتصال الهاتفي؛ كون وزارة الشؤون الاجتماعية خصصت رقماً هاتفياً مجانياً موحداً، هو 1919 لجميع مناطق المملكة، يعمل على مدار 24 ساعة لاستقبال جميع البلاغات، وتسعى الوزارة للتعريف بهذا الرقم وتعميمه على جميع الجهات والقطاعات الحكومية والأهلية.
ويتم التعامل مع الحالات وفق نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية ووفق نظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية، أما الخدمات التي تقدم لهم فهي متنوعة بحسب ما تحتاج إليه كل حالة، ويمكن حصرها في مسارين، الأول وهو خاص بالحالات التي تقدم بلاغات ولا يتم إيواؤها، فتتاح لها الفرصة بتقديم بلاغ رسمي على مركز تلقي البلاغات رقم 1919، ويتم فرز البلاغ على النحو الآتي: بلاغ «عنف أسري»، ويتم تصنيف درجة خطورته وتوضيحها في البلاغ، وبلاغ «طلب استشارة أسرية»، ويتم تزويد الحالة برقم وحدة الإرشاد الاجتماعي الخاصة في الوزارة وكذلك أرقام المراكز التي تقدم استشارات أسرية، أيضاً بلاغ «غير مختص بالعنف الأسري»، ويتم التوضيح للمتصل عدم اختصاص بلاغه بالعنف الأسري وأقرب جهة يمكن أن تقدم الخدمات لهم، ويتم تحويل البلاغ المختص بالإدارة إلى أقرب وحدة للحماية الاجتماعية؛ للتواصل مع المبلغ واستكمال إجراءات الدراسة والتحري عن البلاغ والعمل وفق الأنظمة والتعليمات.
والمسار الثاني، وهو خاص بالحالات التي تقدم بلاغات ويتم إيواؤها، إذ يتم تقديم الخدمات التالية لها: الإيواء الموقت، بحسب ما نصت عليه الأنظمة واللوائح، كذلك إعداد الدراسة الاجتماعية لكل حالة، وتأمين الإعاشة والكسوة وأدوات العناية الشخصية، كذلك إحالة ملف الحالة إلى إحدى الأخصائيات للمتابعة، أيضاً النظر في المشكلات بما يحقق المصلحة المثلى للطرف المعتدى عليه، وبما يحقق توفير الأمان والحماية اللازمة، كذلك السعي إلى معالجة المشكلات في محيطها الأسري إذا كان مناسباً بالإصلاح قدر المستطاع بما لا يؤثر سلباً في الحالة بشكل خاص وأسرتها بشكل عام، كذلك التعاون والتنسيق والتحويل إلى الجهات ذات العلاقة، أيضاً التأهيل والتهيئة الاجتماعية؛ لإنهاء إجراءات إيواء الحالة وإعادتها للاستقرار في بيئتها الأساسية.
وسجلت منطقة نجران معدلاً قياسياً، بين مناطق المملكة في تدني حالات «العنف الأسري» البالغ عددها 40 حالة فقط، من أصل 87 بلاغاً بين مجموع سكان المنطقة البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة، بينما كان عدد الحالات في كل مناطق المملكة كافة 7242 بلاغاً حول قضايا العنف والإيذاء.
وأوضح التقرير الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، أن «وحدة الحماية الاجتماعية في نجران، تعاملت العام الماضي مع 40 بلاغاً، 23 منها تتعلق بإناث و16 حالة لذكور دون سن الـ18، فيما الفئة ما بين 19 و35 عاماً، كانت حالات العنف التي تعرضت 20 حالة.
وبين التقرير أن «الاعتداء الجسدي والنفسي كان الأعلى بين الحالات، إذ بلغ عدد الحالات بنسبة 70 في المئة، فيما لم يتم تسجيل أي حالة اعتداء جنسي أو انتحار أو إهمال، بينما كان «الزواج»، صلة القرابة الأكثر بين المتعرضين للعنف، بنسبة 57.5 في المئة، وكانت الحالات التي انتهت بالصلح بلغت نسبتها 53 في المئة.
وأوضح المدير العام لفرع الشؤون الاجتماعية في نجران عبدالعزيز آل خميس لـ«الحياة» أن «وحدة الحماية الاجتماعية في نجران، تشارك بفاعلية في توعية أفراد المجتمع، خصوصاً الفئات الأكثر عرضة للإيذاء، بمفهوم العنف وآثاره السلبية في الفرد والمجتمع، وإيضاح أفضل الطرق للوقاية منه، والتعامل معه، وتوعيتهم بحقوقهم الشرعية والنظامية، بزيارة المدارس، والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية، والحقوقية بأوراق عملٍ ومحاضرات، وأركان عن الحماية في المعارض المصاحبة». مبيناً أن الترابط الأسري والعادات والتقاليد الاجتماعية في منطقة نجران عنصر مهم ومساعد في الحد من تلك الظاهرة.
من جهته، قال رئيس لجنة الحماية من العنف والإيذاء في «صحة نجران» الدكتور إبراهيم بني هميم إن إدارته «ترصد حالات العنف الواردة إلى المستشفيات وتسجلها في بيانات رسمية، ويتعامل معها بسرية تامة، وفق دليل السياسات والإجراءات المعتمد من إدارة الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية في الوزارة»، مبيناً أن «صحة نجران» شكلت فريق حماية من العنف والإيذاء وفق إجراءات نظامية من وزارة الصحة، ومن بينها التعامل المباشر مع حالات العنف والإيذاء في المنشآت الصحية»، مشيراً إلى وجود فريق مختص للحماية بجميع مستشفيات منطقة نجران.
وأكد بني هميم أنه في حال رُصدت أي حالة عنف أسرى تُتخَذ التدابير الإجرائية كافة تجاهها مع تقديم الرعاية الطبية والوقائية، إلى جانب التواصل مع الجهات المختصة في هذا الشأن.
بدوره، أوضح رئيس قسم علم النفس في جامعة نجران الدكتور علي زكري لـ«الحياة» أن «العنف الأسري، سلوك يصدره فرد من الأسرة صوب فرد آخر، ينطوي على الاعتداء عليه بدنياً، بدرجة بسيطة أو شديدة، بشكل متعمد، أملته مواقف الغضب أو الإحباط أو الرغبة في الانتقام أو الدفاع عن الذات، أو لإجباره على إتيان أفعال معينة أو منعه من إتيانها، قد يترتب عليها إلحاق أذى بدني أو نفسي أو كليهما به».
وأضاف: «من الأسباب الاجتماعية أسلوب معاملة الزوجة لزوجها وبخاصة إذا كان يعمل في وظيفة أقل، واختلاف وجهتي نظر الزوجين بشأن أسلوب تربية الأبناء وتنشئنهم الاجتماعية وصراع الأدوار وزيادة الضغوط على الزوج أو الزوجة والتربية الخاطئة لأحد الزوجين أو كليهما، واختلاف الميول والعادات والتقاليد».
وذكر زكري أن دراسة في إحدى الدول العربية أكدت أن الذكور أكثر ممارسة للعنف مقارنة بالإناث، إذ يتمتعون بقوة جسمية أكبر، كما أنهم يميلون إلى استخدام هذه القوة بمعدل أكبر، والأهم من ذلك أن المجتمع يتسامح مع العنف الصادر منهم. كما أثبتت الدراسة أن مستوى التعليم يلعب دوراً مهماً في العنف ضد الزوجات، فالزوجات غير المتعلمات وصل العنف ضدهن 77 في المئة من عينة الدراسة، في مقابل 4 في المئة فقط من الزوجات المتعلمات تعرضن إلى العنف.