أقر المؤتمر العالمي لتغير المناخ اتفاقا دوليا يهدف لتحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الحفري خلال عقود وإبطاء سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وضرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بيده بالمطرقة وسط تصفيق حاد معلنا موافقة نحو مئتي بلد على الاتفاق.
وقدمت فرنسا مشروع اتفاق وصفته بالتاريخي والمتوازن بشأن المناخ، تشارك فيه 195 دولة، للحد من انبعاثات الغازات الضارة التي تهدد النظام المناخي على الأرض، أثناء المؤتمر الدولي للمناخ ينص على ارتفاع حرارة الأرض أقل من درجتين.
وقدّم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى المشاركين في قمة المناخ بباريس مشروع اتفاق للحد من التغير المناخي، مؤكداً أن النص النهائي عادل ومتوازن وملزم قانونياً.
وفي مؤتمر صحافي في قمة المناخ التي تعقد في لوبورجيه شمال العاصمة الفرنسية، قال فابيوس إن قمة المناخ سمحت لكافة الأطراف بأن تعبر عن وجهة نظرها، مشيراً إلى تشكيل هيئة تشاورية تحت مسمى لجنة باريس بشأن مشروع الاتفاق.
ولفت الوزير الفرنسي إلى أن جميع المشاركين في القمة خاضوا مفاوضات صعبة للتوصل إلى مشروع النص النهائي لاتفاق المناخ، وبيّن أن نص الاتفاق يشتمل على نقاط التقدّم الأساسية التي كان يعتقد الكثير من المشاركين أنه لا يمكن الوصول إلى تحقيقها.
من جهتها، دعت الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، لاتفاق يعترف بدور الطبيعة في خفض انبعاثات الكربون ومساعدة الدول على التكيف مع التغير المناخي. في حين يرى ان التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية مهددة بسبب التغير المناخي، فيجب الحفاظ على الإدارة المستدامة، وايجاد حلول الهامة وعملية قائمة على الطبيعة مع تغير المناخ.
أصدر رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم بيان عن التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن تغير المناخ في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باريس، قال فيه: "نرحب بالاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه للتو في باريس. لقد اجتمع قادة العالم معا للتوصل إلى اتفاق يعكس في نهاية المطاف آمال شعوبهم وتطلعاتهم ومدى الجدية في الحفاظ على كوكبنا من أجل أجيال المستقبل".
واضاف البيان "أولا، فهو اتفاق يشمل الجميع - يحمي الشعوب الأكثر فقرا والبلدان الأكثر عرضة للضرر بمطالبة الجميع بإبقاء ارتفاع درجة الحرارة عند مستوى يقل عن درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة عند مستوى 1.5 درجة مئوية. ثانيا، يوجه الاتفاق إشارة قوية تمس الحاجة إليها لتعبئة المبالغ الهائلة من استثمارات القطاعين العام والخاص اللازمة لدفع اقتصادات البلدان نحو عالم تتعادل فيه الانبعاثات الكربونية كما ينادي العلماء. وإننا إذ نفعل ذلك نسعى جاهدين إلى ضمان توفر التمويل الضروري لتمكين البلدان النامية من الصمود في وجه التغيرات المناخية. ثالثا، يغير الاتفاق مشهد التنمية. فنحن نتفق على أنه لا سبيل إلى تحقيق التنمية بدون التصدي للتغيرات المناخية؛ إذ لا يمكننا أن نسمم كوكب الأرض، وأن نزدهر في الوقت نفسه".
وقال كيم في بيانه "لقد دعونا إلى التحلي بقدر أكبر من الطموح، وإلى تكوين شراكات استثنائية، وإلى تعبئة التمويل، وإلى تنفيذ الخطط الوطنية لمكافحة التغيرات المناخية. واتفاق باريس حقق ذلك. والآن، فإن هذه المهمة باتت مسؤولية تقع على عاتقنا جميعا. ومجموعة البنك الدولي على أتم استعداد للمساعدة فورا، وستبذل قصارى جهدها لبلوغ هذه الرؤية لتحقيق الرخاء والرفاهية للجميع".
واضاف "إننا نعرب عن امتناننا لرؤساء الدول والحكومات على دورهم القيادي، ولحكومة فرنسا، ومعالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على التزامهم الراسخ والمُلهّم، وللجهود الدؤوبة التي بذلها المفاوضون ومؤسسات الأعمال والمجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم التي جعلت التوصل إلى هذا الاتفاق أمرا ممكنا".
لأول مرة يربط الاتفاق جميع دول العالم في إطار واحد بهدف مواجهة ظاهرة التغير المناخي وذلك بالتوصل إلى تفاهم كامل بين مايقرب من 200 دولة بخصوص تقليل معدل الانبعاثات.
ويرى بعض المختصين أن هذا التفاهم يعد إنجازا بحد ذاته بل واعتبروه إنجازا تاريخيا أيضا.
واستهدفت اتفاقية كيوتو عام 1997 تحديد معدل لتخفيض الانبعاثات في عشرات الدول النامية لكن الولايات المتحدة انسحبت وعدة دول اخرى رفضت الالتزام بها.
يرى البعض ان اتفاق باريس يجب تعزيزه سريعا إن كان هناك رغبة حقيقية في مواجهة ظاهرة تزايد الانبعاثات الغازية والتغير المناخي.
وإذا تم الالتزام بهذه الاتفاقات فإن درجة حرارة الأرض يمكن أن تزيد بما يقرب من 2.7 درجة مئوية كما ان الاتفاق يساعد في الاسراع بالتحسن.
- محاولة الحفاظ على زيادة درجة حرارة الكرة الارضية لأقل من درجتين مئويتين وربما بلوغ زيادة أقل من 1.5 درجة مئوية.
- محاولة الحد من معدل انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناتج عن أنشطة البشر والسعي لبلوغ معدل مماثل لمعدل الانبعاثات الذي يمكن للتربة والاشجار والنباتات امتصاصه بشكل طبيعي مع الحرص على بلوغ هذا الهدف خلال الفترة بين عامي 2050 و 2100.
- مراجعة مساهمة كل دولة على حدة في تقليل معدل انبعاثات الغازات بها كل خمس سنوات لتتمكن كل دولة من مراجعة سياساتها بهذا الخصوص.
- أن تقوم الدول الغنية بمساعدة الدول الفقيرة عبر الدعم المالي للمساهمة في تقليل ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي عبر التحول لإنتاج الطاقة عبر المصادر المتجددة.
يهدف الاتفاق إلى عدة امور منها تجنب الوصول الى المعدل الخطر لزيادة درجات الحرارة او ما يمسى بالزيادة غير القابلة للانخفاض والتى تم الاتفاق على أنها درجتان مئويتان فوق درجات الحرارة السابقة لعصر الصناعة.
وقد بلغ العالم الان تقريبا منتصف الطريق حيث تبلغ الزيادة حاليا ما يقرب من درجة واحدة مئوية لذا ضغطت بعض الدول لاستهداف زيادة أقل تصل الى 1.5 درجة مئوية وبينها دول منخفضة تواجه خطر غرق أجزاء من أراضيها بسبب زيادة معدلات مياه البحر بسبب ظاهرة الاحترار المناخي.
وقد تم تضمين ذلك في الاتفاق بحيث تم النص على أنه يمكن التوجه لاستهداف تخفيض زيادة درجة الحرارة العالمية الى 1.5 درجة مئوية.
ويرى المدير العام لمنظمة تحليلات التغيرات المناخية بيل هاير، أن ماتم التوصل اليه في اتفاق باري يعتبر امرا بارزا.
ويقول هاير " إنه انتصار لكل الدول الضعيفة والجزر الصغيرة والدول الاقل تطورا والذين أتوا باريس ليقولوا إنهم لايريدون تعاطفا لكن يريدون أفعالا".
وخلال ذلك ولأول مرة تستهدف اتفاقية لمواجهة التغير المناخي الوصول الى معدل محدد للانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بأسرع وقت ممكن للوصول لمعدل انبعاثات متوازن بحيث تستطيع الغابات والمحيطات امتصاص الانبعاثات بشكل طبيعي.
ويقول مدير معهد بوتسدام للتغير المناخي جون شيللينهابر "إذا تم الالتزام بذلك فإنه يعني تخفيض معدل الانبعاثات إلى صفر خلال عقود قليلة وهو مايتفق مع الادلة العلمية التى وفرناها".
ويعتبر البعض ان الاتفاق أقل أهمية بسبب تخفيض الاهداف التى تم وضعها سابقا.
يقول مدير مجموعة السلام الاخضر الدولية كومي نايدو "اتفاق باريس هو مجرد خطوة على الطريق الطويل وهناك نقاط فيه تثيرني وتحبطني لكنه بشكل عام يعتبر تقدما".
وأضاف "هذا الاتفاق لايخرجنا من الحفرة التى وقعنا فيها لكنه على الاقل يقربنا من حافتها".
بدوره دعا الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، لاتفاق يعترف بدور الطبيعة في خفض انبعاثات الكربون ومساعدة الدول على التكيف مع التغير المناخي. في حين يرى ان التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية مهددة بسبب التغير المناخي، فيجب الحفاظ على الإدارة المستدامة، وايجاد حلول الهامة وعملية قائمة على الطبيعة مع تغير المناخ.
وتقول (IUCN): نحن نسعى جاهدين لإيجاد استجابة قابلة للتطبيق للتغير المناخي، فإننا نميل إلى التغاضي عن حقيقة أن الطبيعة الصحية يمكن أن يكون منجم ذهب من حلول فعالة من حيث التكلفة لهذا التحدي".
لقد كان المال يشكل نقطة خلاف طوال المفاوضات فالدول النامية ترغب في دعم مالي من الدول الغنية علاوة على الدعم الفني لتقوم بقفزة هائلة للتحول لانتاج الطاقة المتجددة.
والان تلقت هذه الدول وعودا بالحصول على مبلغ 100 مليار دولار سنويا بحلول 2020 وهو المبلغ الذي لم يصل لطموح بعض الدول.
ويلزم الاتفاق الدول الغنية بالحفاظ على معدل منح بقيمة 100 مليار دولار سنويا بعد 2020 والسعي لزيادته بحلول 2025.
وينص الاتفاق على انه الدول الغنية يجب ان تلتزم بدعم الشعوب الفقيرة لمواجهة اثار التغير المناخي وتشجيع دول أخرى على الانضمام للاتفاق بشكل تطوعي.
يقول إيان كيلمان من جامعة يو سي إل في لندن إن ضيق الوقت يشكل ضغطا كبيرا على الجميع.
ويضيف البداية بمبلغ 100 مليار دولار سنويا يتعبر امرا جيدا لكن هذا المبلغ لايشكل سوى 8 في المائة فقط من حجم مبيعات الأسلحة المعلن سنويا على مستوى العالم".
تبقى التعهدات لكل دولة بخصوص تخفيض معدل الانبعاثات أمرا تطوعيا مع وجود مطالبات باعادة النظر في الاهداف التى تم الاتفاق عليها في وقت لاحق.
وتتعهد الاتفاقية بإعادة تقييم الاوضاع ومعدل تحقيق الاهداف عام 2018 ثم كل خمس سنوات بشكل مستمر.
وكما يقول المختصون فان اتفاقية باريس مجرد بداية للتحول إلى عالم ينتج انبعاثات غازية قليلة لكن هناك الكثير من العمل يجب انجازه لاحقا.