تأخذنا رحلة سريعة في أمهات الكتب، التي وضعت من قبل من قعَّدوا للتكفير، فأصبح سطح نظرهم هو عمق الشريعة، ومع تحريم بعضهم التأويل يمنحون أنفسهم حق تأويل نصوص مغايريهم؛ بل والإمعان في الوصول بذلك التأويل إلى عمق الإدانة - اتكاء على محاكمة النوايا - وليس تخومها فحسب.
ابتليت حركة التصوُّف الخارجة على النهج التقليدي والنصي لفهم الدِّين والشريعة، نظراً وتأملاً وتجليات، بمن يدّعون حراسة الدين والشريعة. لم يبْتلَ اتجاه في النظر والإبداع والفهم والتجلي كما ابتلي الاتجاه الصوفي في تاريخ الإسلام قديمه وحديثه.
محيي الدِّين بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي، هو أحد المتصوِّفين الذين نالهم ما نالهم من حصص تكفير وتكالب من قبل المتصدِّين لقضايا الفتيا والشريعة في زمنه وحتى بعد رحيله وإلى يومنا هذا، لدرجة أن أحدهم نعته بالتشيُّع؛ على رغم أن ابن عربي لم يوفِّر طعناً أو قدْحاً إلا ورمى به الشيعة، في مقابل ذلك تجد اهتماماً واعترافاً بريادته ومكانته في العرفان من قبل بعض مراجع الشيعة الكبار أمثال الشيخ الأنصاري ومطهري وآملي والطبطبائي، وللسيد الحيدري بحوث مطولة وعميقة يثبت فيها أن ابن عربي رائد العرفان وشيخه، وأن الملا صدرا وابن سينا نقطة في «بحره الموَّاج»، اتكاء على رؤية السيد الطبطبائي، ولا يفوِّت الحيدري الإشارة إلى استدراكه بشأن بعض أولئك المراجع الذين يعترفون بريادته ومكانته في العرفان والإشراق من جهة، ويكفِّرونه في رسائلهم العملية من جهة أخرى!
الفارق هنا يكمن في حجم وامتداد فضاء التكفير، ففي الوقت الذي تصدَّى بعض علماء الشيعة في رسائلهم العملية بتقرير كفر ابن عربي، كلما اقتضى الرد على مسألة في هذا الباب، والتفتوا إلى ما لا يُعدُّ كفراً في الكثير من إشراقاته، وضع رجال الدِّين من علماء الطائفة الكريمة من أهل السنة والجماعة عشرات التصانيف والمؤلفات لتأكيد وتقرير كفره، التفاتاً إلى ما أُشكل عليهم، وأرادوه صك ونصوص إدانة.
ألَّف في تكفيره جماعة منهم شهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبي حجلة التلمساني الحنفي، والإمام سيف الدِّين عبداللطيف بن بلبان الصوفي.
وممن وضع التصانيف في تكفيره وتكفير أمثاله: عمادالدين أحمد بن إبراهيم الواسطي وله ثلاثة كتب في هذا الموضوع: «أشعة النصوص في هتك أستار الفصوص»، «لوامع الاسترشاد في الفرق بين التوحيد والإلحاد»، «البيان المفيد في الفرق بين الإلحاد والتوحيد». كما كفَّره شمس الدِّين محمد بن يوسف الجزري في كتابه «الفتوى في العلم الشامخ»، وهنالك الإمام برهان الدِّين إبراهيم بن معضاض الجعبري، والعلامة زين الدِّين عمر بن أبي الحرم الكتاني الشافعي، والعلامة البقاعي (برهان الدِّين) في كتابه «تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي»، والذي يقرِّر في مقدمته أن كتاب «الفصوص» لابن عربي فيه جلاء وبيان كفره: «وبعد فإني لما رأيت الناس مضطربين في ابن عربي المنسوب إلى التصوف الموسوم عند أهل الحق بالوحدة ولم أرَ من شفى القلب في ترجمته وكان كفره في كتابه (الفصوص) أظهر منه في غيره أحببت أن أذكر منه ما كان ظاهراً حتى يعلم حاله فيهجر مقاله ويعتقد انحلاله وكفره وضلاله وأنه إلى الهاوية مآبه ومآله».
وكذلك فعل أبوزرعة ولي الدِّين العراقي في «تنبيه الغبي»، نظراً إلى كتابه «الفصوص»، في المسألة الحادية والعشرين من فتاواه المكية: «لاشك في اشتمال (الفصوص) المشهورة عنه على الكفر الصريح الذي لاشك فيه وكذلك فتوحاته المكية (الفتوحات المكية) فإن (صح صدور) - على الأقل يشترط أبوزرعة هنا، فيما لم يفعل أقرانه - ذلك عنه واستمر إلى وفاته فهو كافر مخلَّد في النار بلا شك. وقد صح عندي عن الحافظ المزِّي أنه نقل من خطه في تفسير قوله تعالى: «إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون». (البقرة - 6) كلاماً ينبو عنه السمع ويقتضي الكفر وبعض كلماته لا يمكن تأويلها».
وممن رماه بالتشيُّع في تناقض غريب، وإغفال عمَّا ورد في بعض كتبه عن الشيعة، ما نقله شمس الدِّين الذهبي، في كتابه «ميزان الاعتدال»؛ نقلاً عن أبي الفتح اليعمري، قال سمعت الإمام تقي الدِّين بن دقيق العيد يقول سمعت شيخنا أبا محمد بن عبدالسلام السلمي يقول وجرى ذكر أبي عبدالله بن عربي الطائي فقال: هو شيخ سوء شيعي كذاب فقلت له وكذاب أيضاً! قال نعم (...)».
وممن كفَّره أيضاً أبوعلي السكوتي، وتناول في كتابه «نحت العوام فيما يتعلق بعلم الكلام» كتابين له: الفصوص» و «الفتوحات المكية» أيضاً»، وكذلك أبوحيان محمد بن يوسف الأندلسي في كتابه «البحر المحيط»، والقاضي تقي الدِّين علي بن عبدالكافي السبكي الشافعي، ونورالدِّين علي بن يعقوب البكري الشافعي، في كتابه «مصرع التصوف»، واستند فيه إلى «الفصوص»، ونجم الدِّين محمد بن عقيل البالسي، والعلامة جمال الدين عبدالله بن يوسف بن هشام النحوي اللغوي الشهير، ومن بين أشهر أولئك، العلامة القاضي أبوزيد عبدالرحمن بن خلدون «... ومن هؤلاء المتصوِّفة ابن عربي وابن سبعين وابن برجان وأتباعهم ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم ولهم تآليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر ومستهجن البدع وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة أو عدها في الشريعة (...)».
هل هو ضِيق أفق في النظر، وسهولة ويسْر إخراج الناس من الملَّة، ذلك الذي يسِم مساحات كبيرة من تاريخ الوصاية على إيمان الناس والنظر إليه؟!
ضوء
«الزمان مكانٌ سائل، والمكانُ زمانٌ متجمِّد».
«المكان الذي لا يُؤنّث، لا يعوَّل عليه».
كل بقاء يكون بعده فناء لا يعوّل عليه. كل فناء لا يعطي بقاء لا يعوّل عليه.
كلُّ سفينة لا تجيئُها ريحُها منها فهي فقيرة.
لا تحتقر أحداً أو شيئاً فالله حين خلق خلقه لم يحتقره.
لن تبلغ من الدِّين شيئاً حتى توقِّر جميع الخلائق.
«إن النّفري من أهل الليل، واعلم أعزَّك الله بسلطانه أن الله جعل الليل لأهله، كما جعل الغيب لنفسه».
ابن عربي
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4846 - الأحد 13 ديسمبر 2015م الموافق 02 ربيع الاول 1437هـ
الخلاف في أصل التكفير؛ هل يمكن تكفير أحد أم لا؟ 2
المتسامح الوحيد مع الجميع الذي لا يكفر أحداً مها اعتقد و مهما قال . و يعلن أن من وافقه في جميع التفاصيل فهو أخ له يحكم بإيمانه ؛ و من خالفه في جميع التفاصيل فهو أخ له يحكم بإيمانه. غير هذا فهو مكفر. و على هذا المعيار التسامحي الإنساني الواسع ؛ لا يوجد متديناً واحداً متسامحاً في العالم؟
المهم ليس التكفير ؛ بل كيف نتعامل مع من كفرناه؟
لا يهمني من يكفرني ، فتلك قضية في قلبه و وجدانه ؛ و لكن يهمني كيف يعاملني؟ و هل يظلمني؟ و هل يكفل لي حقوقي؟
الخلاف في أصل التكفير؛ هل يمكن تكفير أحد أم لا؟ 1
فليست المسألة تكفير ابن عربي من عدمه ، فتلك فتوى خاصة يحكم فيها المراجع. المسألة ما حكم من جاهر بالكفر (ابن عربي أو غيره) ؟
هل لا يصح تكفير أي أحد مهما قال أو مهما فعل؟
مَن مِن فرق المسلمين لم يبوب باباً في حكم المرتد؟ و من هو المرتد؟ وما هي أحكام المرتد؟
هل يوجد في الأديان تكفير أم لا؟ مَن مِن الأديان لا تكفر أحداً مهما قال؟
هل يوجد دين لا تكفير فيه؟
هذا هو دأب العلماء يا للأسف
ألا ترى معي أن كل مدرسة فكرية أو فقهية تلجأ وبكل سهولة إلى نفي الأخرى مباشرة بعد أن تختلف معها هذا من جهة، ومن جهة أخرى: أنى لمن يعلم ظَاهِرًا من الحياة الدنيا أن يستوعب ما يرد عمن اكتنه العوالم المحيطة به ؟ مثل الأوربي الذي اعتمد المادية أنى له أن يصدق الميتافيزيقي من الأمور !!!؟
العقلاء فقط
العقلاء فقط ياخذون الاشياء الثمينه ويرمون الشيئ الردئ خلفهم لانهم بفصلون بين الحق والباطل ويتمعنون في الكلمات الحسنه ولا يتعجلون في تصنيفها
لماذا تحجر على رأي الناس وتريد منهم أن لا يكفروا أحد ؟ الناس أحرار فما إستنتجوه
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. المائدة 73
ليس هنالك ربط بين التكفير وإستباحة الدم كما هو متصور لذى الكثيرين والآية السابقة تكفر المسيحين لكن لا تعطي الضوء الأخضر لإستباحة دمهم.
لماذا تحجر على رأي الناس وتريد منهم أن لا يكفروا أحد ؟ الناس أحرار فما إستنتجوه
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. المائدة 73
ليس هنالك ربط بين التكفير وإستباحة الدم كما هو متصور لذى الكثيرين والآية السابقة تكفر المسيحين لكن لا تعطي الضوء الأخضر لإستباحة دمهم.
نهجنا في ذلك نهج رسول الله ص حيث أنه لم يستبح دم الكافر المسالم وفي نفس الوقت لم يسكت عن نقض دينه وتكفيره
(إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) الأنبياء 98.
لماذا تحجر على رأي الناس وتريد منهم أن لا يكفروا أحد ؟ الناس أحرار فما إستنتجوه
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة. المائدة 73
ليس هنالك ربط بين التكفير وإستباحة الدم كما هو متصور لذى الكثيرين والآية السابقة تكفر المسيحين لكن لا تعطي الضوء الأخضر لإستباحة دمهم.
هؤلاء و ماذا عن
هؤلاء كفروا شخص واحد و لكن لم تكتب لنا عن بعض الأقليات التي تكفر بقية الامة فقط لانها لا تؤمن بماديتكم بالولاية الطائفية تقطر من مقالاتك