من خلف «الغبار الكثيف» الذي عاد يلفّ الواقع السياسي في لبنان في ضوء فرْملة المناخ الايجابي الذي كان أوحى بإمكان إحداث انفراج في ملف الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة، يعود الاهتمام بالوضع الأمني الى الواجهة، من دون ان يكون الأمر بالضرورة من زاوية المخاوف التي عبّرت عنها بعض الأطراف السياسية من ان سقوط محاولات إنهاء الفراغ الرئاسي سريعاً يمكن ان يفتح الباب، من خلال تعميق حال الاهتراء المؤسساتي وواقع الـ «لا دولة»، على تطورات أمنية يجرى على «وهجها» الاستحقاق الرئاسي.
وبمعزل عن الوقائع المتصلة بتطورات الملف الرئاسي، يُبرِز مرجع أمني لبناني رفيع صورة عن الوضع الأمني في البلاد تشكّل امتداداً للمرحلة السابقة لجهة استمرار وجود خطر العمليات الارهابية، ربطاً بالتطورات على الساحة السورية وبما أفرزته من توترات بين العديد من الدول التي تبدو وكأنها «تضع الإصبع على الزناد» في علاقاتها، ذلك وفق ما نقلت صحيفة "الراي" الكويتية الأحد (13 ديسمبر/ كانون الأول 2015).
ويكشف عن مراجعات دورية تتلقاها السلطات الامنية اللبنانية من سفارات خليجية وغير خليجية لرفع مستوى الحماية الأمنية في ضوء معلومات تتلقاها هذه السفارات عن احتمالات تعرّضها لاستهدافات.
واذ لفت الى ان هذه السفارات هي السعودية ومصر وتركيا والامارات وروسيا، كشف لـ «الراي» ان «السفارة الكويتية توجهت الينا أخيراً بمخاوف، بعد تبلّغها توجُّس إحدى كليات التدريس القريبة منها حيال احتمال ان تكون هدفاً لعمل أمني»، موضحاً: «اننا نقوم بما علينا لحماية سفارات الدول ولا سيما التي تشعر بأنها قد تكون مستهدَفة».
وفي جانب آخر، يؤكد المرجع الأمني ان «الأجهزة الامنية التي انتقلت قبل فترة الى مرحلة من التنسيق غير المسبوق فيما بينها، نجحت في تحقيق العديد من الضربات الاستباقية للخلايا الارهابية بما جنّب البلاد تفجيرات خطيرة»، موضحاً ان «الأجهزة المعنية التي حققت مثلاً إنجازاً كبيراً بكشف الشبكة التي تقف وراء تفجير برج البراجنة الارهابي (وقع في 12 نوفمبر) وجنّبت منطقة الشمال وتحديداً جبل محسن عملية تفجير كانت جاهزة للتنفيذ، تواجه بعض الصعوبات في حربها الاستباقية نتيجة الطبيعة (العنقودية) للخلايا الارهابية التي اكتشفنا انها غير متصلة ببعضها البعض».
ويشير لـ «الراي» الى ان الأجهزة الأمنية ما زالت على جهوزيتها العالية «ونسعى الى تسديد ضربات استباقية للارهابيين، ولكن لا شيء في الأمن اسمه (ضمانات مئة في المئة)، بدليل ما شهدته باريس قبل نحو شهر وتونس ودول أخرى»، لافتاً الى أن «بعض المعطيات لدينا يشير الى ان فترة الأعياد حساسة أمنياً، ولذا نجنّد طاقاتنا لمواكبة الوضع بما يجعلنا نُمسك بالأمور من ضمن الحرب الوقائية»، ومتحدثاً عن «حالات ذعر غير مبرر نسجّلها أحياناً لدى الناس، ولكننا نتعاطى مع اي بلاغ او مخاوف نتلقاها بجدية كاملة اذ لا يمكننا في هذه المرحلة إهمال اي معطى حتى لو كان (خبرية)».
وفي موازاة ذلك، حذّرت الولايات المتحدة مواطنيها من السفر إلى لبنان «بسبب استمرار المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمن».
ونصحت الرعايا الأميركيين الذين يعيشون ويعملون في لبنان أيضاً بضرورة «تفهم أنهم يقبلون مخاطر البقاء في هذا البلد وعليهم التفكير مليا في هذه المخاطر».