"هل ستستخدم روسيا صواريخها النووية ضد "داعش" في سوريا؟" طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الاحتمال بداية الأسبوع الجاري، مؤكداً أن موسكو قد تُفكر في استخدام السلاح النووي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في سوريا، حسبما نقلت صحيفة "الديار" اللبنانية.
لكنه سرعان ما أضاف إنه يأمل أن مثل هذه الأسلحة لن تُستخدم أبداً وأنه لن تكون ثمة حاجةً إلى استخدامها ضد "الإرهابيين" على حد قوله.
بوتين قال خلال اجتماع مع وزير دفاعه سيرغي شويغو: "علينا تحليلُ كل شيء يحدث في أرض المعركة، ومدى فعالية الأسلحة، لقد أثبتت صواريخ Kalibrs وKH-101 أنها فعالةٌ جداً، والآن نحن متأكدون أنها أسلحة دقيقة يُمكن تزويدها برؤوس حربية عادية أو نووية، بشكل طبيعي، لا ضرورة لاستخدام هذه الأسلحة عند محاربة الإرهابيين وآمل أنه لن تكون ثمة حاجةٌ إليها"، حسب ما نقل التلفزيون الروسي".
جاهزية منصات الصواريخ
والجمعة 11 كانون الأول 2015، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن نسبة جاهزية منصات الصواريخ النووية بلغت عام 2015 نحو 95%، وبلغت نسبة تزودها بأسلحة حديثة 51%.
شويغو استعرض في كلمة ألقاها خلال اجتماع قيادات وزارة الدفاع الروسية الذي ترأسه الرئيس فلاديمير بوتين قدرات الجيش الروسي العسكرية وتميزه في إصابة أهداف بعيدة المدى، وقال إن القوات الإستراتيجية الروسية حصلت العام الجاري على 10 قاذفات مطورة بما فيها طائرتا "تو – 160" و3 طائرات "تو – 95 أم أس" و5 طائرات "تو – 22 أم".
كما استعرض قدرات الجيش الروسي على إصابة أهدافٍ بعيدة المدى باستخدام صواريخ كروز يتم إطلاقها من طائرات Tupolev Tu-160 Blackjack، من غواصات تعمل على الديزل والكهرباء، وحتى من سفنٍ صغيرة في بحر قزوين.
صحيفة "ناشيونال إنترست" الأميركية أكدت في تقرير الخميس 10 كانون الأول 2015 أن موسكو تجرب قدرة الجيش الروسي على خوض حرب حديثة جداً من خلال حملتها على سوريا.
واستخدمت بعض الأسلحة الأحدث- بما فيها طائرات سوخوي SU-30 وSu-34 ونظام الدفاع الجوي الصاروخي S-400 وقاذفات Tu-160- في عمليات قتالية لأول مرة أثناء التدخل الروسي في الشرق الأوسط.
ميراث الاتحاد السوفيتي
إلا أن الجيش الروسي لا يزال يعتمد بشكل كبير على ترسانته النووية الهائلة التي ورثها من الاتحاد السوفييتي.
ورغم أن روسيا طورت بالفعل أسلحتها التقليدية منذ عام 2008، إلا أن معظم هذه الأسلحة غير مكتملة، لذا، روسيا مضطرة للاعتماد على أسلحتها النووية لتعويض الضعف النسبي في أسلحتها التقليدية.
وبينما حافظ الاتحاد السوفييتي على سياسة "عدم الاستخدام الأول" للأسلحة النووية، تحافظ روسيا اليوم على حقها في استخدام هذه الأسلحة خلال الحرب.
الطريف أن هذا المبدأ الجديد يُسمى "تهدئة"، إذ يقول الديبلوماسي السوفييتي السابق والزميل البارز في "مركز فيينا لنزع السلاح ومنع انتشاره"، نيكولاي سوكوف، في مجلة Bulletin of the Atomic Scientists: "إن تعرضت روسيا لهجوم واسع النطاق بالأسلحة التقليدية يتجاوز قدرتها الدفاعية، فقد ترد بهجوم نووي محدود".
لن تستخدمها في سوريا
مبدأ التهدئة الروسي مشابه نوعاً ما لنظرية "اختيار أهداف استخدام الأسلحة النووية" التي طُرحت خلال الحرب الباردة، وهو المبدأ الذي يركّز على كيفية الانتصار في حرب نووية محدودة.
ويتابع سوكوف: "خلال الحرب الباردة، كان الردع يتضمن التهديد بالتسبب في أذى غير مقبول للعدو، و تتضمن استراتيجية التهدئة الروسية التسبب بضرر غير مقبول بالنسبة للعدو، علاوةً على أنه يتجاوز المكاسب التي يتوقع المهاجم تحقيقها كنتيجة لاستخدام قوة عسكرية معينة".
لذا، وبينما روسيا قد تبدو أكثر استعداداً من الغرب لاستخدام أسلحتها النووية، إلا أنها لن تستخدم هذه الأسلحة على الأغلب في سوريا.
كما أشار بوتين، لا داعي لاستخدامها والقوات الروسية غير معرضة لاحتمال تفوق العدو.
ومنذ عام 2010، حددت روسيا شرط استخدامها لأسلحة نووية بالحالات "التي يكون فيها وجود الدولة في خطر".
الناتو يتوسع
ورغم أن الحديث الروسي بشكل موسع اليوم عن ترسانتهم العسكرية ومدى التطور الذي وصلت اليه ربما كان موجه بالدرجة الأولى الى تنظيم "داعش" إلا أن وزير الدفاع الروسي تطرق في كلمته الى الحديث عن حلف الناتو وقدراته العسكرية المتزايدة ومحاولاته التوسعية في المنطقة.
وقال إن "الأوضاع السياسية والعسكرية في العالم وخاصة في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا لا تزال تتفاقم، كما لا يزال حلف الناتو يسعى إلى التوسع، علما أنه توسع خلال الفترة القصيرة الماضية بضم 12 عضوا جديدا".
وأضاف إن قوات الناتو في بلدان البلطيق وكذلك في بولندا ورومانيا ازدادت بمقدار 13 مرة.
كما أشار إلى أن الناتو زاد عدد الطائرات فيها العام الجاري فقط 8 أضعاف، وعدد الجنود والضباط ازداد بمقدار 13 مرة، ونقلت إلى المنطقة 300 دبابة وعربة مدرعة.
وأشار الى نشر الولايات المتحدة نحو 200 قنبلة نووية في بلجيكا وإيطاليا وألمانيا الاتحادية وهولندا.
كما أشار وزير الدفاع الروسي إلى زيادة عدد المناورات العسكرية التي أجريت العام الماضي بالقرب من الحدود الروسية.