الحراك الشبابي البيئي يمثل قوة الضغط الفاعلة في مسرح النشاط البيئي الدولي، ومن المعروف ان الفعاليات الدولية التي تعالج القضايا البيئية ذات الخطر الفعلي على النظام البيئي لكوكب الأرض والأهمية الاستراتيجية في منظومة الامن البيئي، تشهد حراكاً منظماً ومؤسساً في أهدافه ونشاطاته لقطاع الشباب، كما هو عليه واقع الحال في حركة الشباب العالمية للحد من مخاطر تغير المناخ، ويتبنى الحراك الشبابي خطة عمل منظمة وموجهة في آلياتها التنفيذية للضغط على عناصر المجتمع الدولي، وحفزها للمبادرة في اتخاذ القرارات الفعلية التي تسهم في تغيير المسار وتحسين واقع البيئة في العالم.
حركة الشباب المتصاعدة في أنشطتها البيئية تمثل المعادلة الرئيسة في خارطة العمل البيئي الوطني، وتشهد البلدان مستويات متباينة في وتيرة الحراك الشبابي البيئي، ويجري الاعتماد على قدراتها في تنفيذ الخطط والاستراتيجيات البيئية وتعضيد مقومات الادارة البيئية، وبناء الوعي والقدرات البيئية للمجتمع، والمساهمة الفعلية في إنجاز أهداف المشروع الوطني البيئي، وتعزيز خطط العمل الموجهة لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.
المجتمع الدولي اخذ في الاعتبار الفاعلية المتعاظمة لنشاط قطاع الشباب في انجاز اهداف الاستراتيجيات التنموية على المستوى الوطني والدولي حرص على خصهم بالاهتمام في اجندة برنامج القرن 21 في الفصل (25 - بشأن دور الأطفال والشباب والتنمية المستدامة) إذ يجري في بند (أساسات العمل) التأكيد على أنه (من الضروري أن يشارك الشباب من جميع أنحاء العالم بنشاط في جميع المستويات ذات الصلة في عمليات صنع القرار؛ لأنها تؤثر على حياتهم اليوم وترتب آثاراً على مستقبلهم. والى جانب مساهماتهم الفكرية وقدرتهم على تعبئة الدعم، فإنهم يأتون برؤى فريدة ينبغي أخذها بعين الاعتبار).
ودعماً لمقومات العمل لتفعيل مساهمات قطاع الشباب في النشاطات التنموية يتم الحرص في بند (الأهداف) من الفصل سابق الذكر في التشديد على أنه (ينبغي لكل دولة ان تقوم، بالتشاور مع المجتمعات الشبابية لديها، بإنشاء عملية لتشجيع الحوار بين مجتمع الشباب والحكومة على جميع المستويات، وإنشاء آليات تتيح للشباب الوصول الى المعلومات، وتوفر الفرص لهم لعرض مناظيرهم بشأن القرارات الحكومية، بما في ذلك تنفيذ جدول أعمال القرن 21).
بناء القدرات العلمية للكوادر الشابة تمثل أيضاً مطلباً مهماً في المشروع الدولي، ذلك ما يمكن تبينه في بند (الأنشطة) فقرة (د) في الفصل ذاته، إذ يتم التأكيد على ضرورة (كفالة وصول جميع الشباب إلى جميع أنواع التعليم، حيثما كان ذلك مناسباً، وتوفير هياكل تعليم بديلة، وكفالة أن يعكس التعليم احتياجات الشباب الاقتصادية والاجتماعية وأن يدمج مفاهيم الوعي البيئي والتنمية المستدامة في جميع المناهج الدراسية، وتوسيع التدريب المهني، وتطبيق أساليب ابتكارية تهدف إلى زيادة المهارات العملية كالكشفية البيئية) والتشديد أيضاً في الفقرة (ه) على أهمية (وضع وتطبيق استراتيجيات لإيجاد فرص عمل بديلة وتوفير التدريب اللازم للشباب والشابات، وذلك بالتعاون مع الوزارات والمنظمات ذات الصلة).
وتعزيزا لموقف المجتمع الدولي في شأن تمكين الشباب من المساهمة في إنجاز اهداف المشروع الدولي البيئي، حرصت الدول في المادة (50) من (وثيقة ريو+20) على التشديد على السعي في تعضيد مساهمات الشباب في صناعة القرار البيئي بالقول (نؤكد أهمية المشاركة النشطة للشباب في عمليات صنع القرار؛ وذلك نظرا لأن ما نتناوله من قضايا له تأثير عميق على الأجيال الحالية والقادمة، وأن مساهمة الأطفال والشباب أمر حيوي لتحقيق التنمية المستدامة. ونسّلم أيضا بضرورة تعزيز حوار الأجيال والتضامن فيما بينها عن طريق أخذ آرائها بعين الاعتبار) وذلك يتسق مع النهج الذي تبناه المجتمع الدولي في جدول أعمال القرن 21 إذ يؤكد في الفقرة (أ) في بند (الأنشطة) على ضرورة (وضع اجراءات تتيح التشاور من كلا الجنسين ومشاركتهم، في عمليات صنع القرارات فيما يتعلق بالبيئة بحيث يتم إشراك الشباب على الأصعدة المحلية والوطنية والاقليمية).
البحرين تزخر بالمبادرات الشبابية، والحراك الشبابي البيئي يأخذ مستوى تصاعدياً، ويعزز ذلك الواقع التفاعل المتزايد للشباب في الأنشطة البيئية وبروز الحركات الشبابية المتنوعة في أهدافها ومناشطها البيئية، ومنها حركة الشباب العربي للمناخ في البحرين، وفريق الأسطح الخضراء، ومجموعة «مصورو الحياة الفطرية»، وتعد جوالة نادي المالكية من المجموعات الشبابية المتميزة في جهودها، وصار لها حضورها البارز في مختلف الانشطة البيئية، إذ تغطي أنشطتها مختلف الفعاليات الوطنية، الاجتماعية والانسانية والبيئية، وتتميز ببعد أهدافها والالتزام المسئول لكوادرها في العمل باخلاص وتفان لانجاز الاهداف الموجهة للارتقاء بالوعي البيئي للمجتمع.
الشباب كقوة فاعلة في منظومة التطوع البيئي تحظى بجل اهتمام منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال البيئي في البحرين ومنها جمعية اصدقاء البيئة وجمعية الشباب والبيئة، وتولي جمعية البحرين للبيئة قطاع الشباب اهتماما خاصاً وتضعه في سلم أهدافها، إذ تنص على ضرورة العمل في (دعم جهود ونشاطات الشباب وتنمية قدراتهم المعرفية والعلمية والفنية لتفعيل مساهماتهم في المجال البيئي) والاستفادة من قدرات الشباب في (تكوين الفرق البيئية من ذوي الاختصاصات الفنية والعلمية للمساهمة في خطط المملكة في مواجهة حالات الطوارئ البيئية).
الحركات الشبابية تزخر بالكفاءات وتمثل قوة فعلية في إنجاز المشروع الوطني البيئي، بيد أنها في حاجة إلى دعم لتمكينها من تحقيق أهدافها في دعم إنجاز أهداف التنمية المستدامة.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4844 - الجمعة 11 ديسمبر 2015م الموافق 29 صفر 1437هـ