العدد 4843 - الخميس 10 ديسمبر 2015م الموافق 28 صفر 1437هـ

أميركا اتخذت إجراءات جريئة للتصدي لتغيّر المناخ

وليام روبوك

سفير الولايات المتحدة الأميركية في مملكة البحرين

(كلمة له عن مؤتمر باريس CPO21 بشأن التغير المناخي) ابتداءً من ارتفاع مستوى مياه البحر عبر الكرة الأرضية، وذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند، ووصولًا إلى تبييض الشعاب المرجانية المحاذية للعديد من السواحل، باتت إشارات تغيّر المناخ تحيط بنا من كل حدب وصوب. وكمجتمع عالمي، وصلنا الآن إلى مفترق حرج، حيث ستساعد قراراتنا اليوم في تحديد شكل المناخ الذي سيولد فيه أطفالنا وأطفال أطفالنا.

إلا أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على المستقبل، إذ إن هناك فوائد فورية ستنتج عن إزالة الملوّثات من بيئتنا؛ هواء أنظف، تكاليف طاقة أقل، وصناعات متنامية جديدة.

هذه هي الرهانات التي ستكون مطروحة أمام المؤتمرالحادي والعشرين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP21) في باريس، حيث سيجتمع ممثلون من نحو 200 دولة خلال الفترة الممتدة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى 11 ديسمبر/ كانون الأول 2015 للتفاوض حول اتفاقية شاملة بشأن المناخ لعالم ما بعد العام 2020. هناك الآن إرادة اجتماعية وسياسية أكثر من أي وقت مضى لأن نفعل شيئًا حيال ارتفاع درجات الحرارة في العالم وتأثيرها المضاعف عبر البيئة. أعلنت أكثر من 160 دولة، مسئولة عن نحو 90 في المئة من الانبعاثات العالمية، عن أهدافها بشأن المناخ قبيل انعقاد المؤتمر. هذه خطوة واضحة إلى الأمام وخروجًا عن الماضي. وكنقطة مرجعية، لم تُعالج سوى نسبة 30 في المئة فقط من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بموجب بروتوكول كيوتو العام 1997.

تتخذ الولايات المتحدة إجراءات جريئة بشأن تغيّر المناخ داخل الوطن، بينما نعمل مع الدول الشريكة لكي تحذو حذونا. منذ تولى الرئيس أوباما منصبه، خفضت الولايات المتحدة انبعاثات الكربون، وضاعفت الإنتاج المحلي لطاقة الرياح 3 مرات، وزادت إنتاج الطاقة الشمسية 20 ضعفًا. ولقد وضعنا قيد التنفيذ معايير صارمة جديدة للاقتصاد في الوقود، بحيث باتت سياراتنا تستهلك كمية أقل من البنزين، وأصبح استخدام الطاقة أكثر كفاءة، وتحقّقت حماية تاريخية لمساحات شاسعة من الأراضي والمياه للأجيال القادمة. وفي الوقت نفسه، كان الاقتصاد الأميركي يتوسع، الأمر الذي يثبت أن النمو الاقتصادي غير مرتبط ارتباطًا وثيقًا بانبعاثات الكربون.

وبالانتقال إلى المستقبل، ستخفض خطة الطاقة النظيفة الانبعاثات الناتجة عن قطاع الطاقة في الولايات المتحدة -والتي تشكل ثُلث إجمالي انبعاثات الكربون في البلاد- بنسبة 32 في المئة بحلول العام 2030، وستوفر ما يزيد على 50 بليون دولار من التكاليف المرتبطة بالمناخ والصحة خلال هذه العملية.

ومع تعهّد دول مثل الصين والهند والبرازيل الآن بتخفيض الانبعاثات، أصبحت تتوافر أمامنا فرصة جدية لتنفيذ خطة تحويلية. في باريس، ستضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاقية فعّالة تستمر في قيادة الإجراءات الطموحة بشأن تغيّر المناخ من جانب جميع البلدان، مع إقرار الاختلافات فيما بينها. ينبغي أن توفر هذه الاتفاقية إطار عمل طويل الأمد -مع مستويات عالية من الشفافية والمساءلة- يدعو الدول لزيادة أهدافها مع مرور الزمن. كما يجب أن تزوَّد البلدان المحتاجة بالدعم المالي والتقني لتطوير اقتصاد يعتمد على الكربون المنخفض والتكيف مع تغير المناخ.

المدن وشركات الأعمال والأفراد يؤدون جميعًا أدوارًا حاسمة في تحويل سياسة المناخ إلى عمل. يقود رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ جهود مجموعة المدن الأربعين (C40) التي تربط المدن الكبيرة سوية في خطوات متفاعلة للتصدي لتغيّر المناخ. وقّعت أكثر من 80 شركة في الولايات المتحدة، بما في ذلك ألكوا، وكوكا كولاو وول مارت،على قانون شركات الأعمال الأميركية حول التعهّد تجاه المناخ، والالتزام بتنفيذ إجراءات، كالاستثمار في الطاقة المتجددة وتخفيض النفايات. يتخذ الأفراد خيارات في كل يوم، ابتداءً من نوع كوب القهوة الذي يستعملونه وانتهاءً بطريقة وصولهم إلى مكان العمل، وهذا كله يترك تأثيرًا تراكميًا ضخمًا.

في الحين الذي يجتمع فيه قادة وممثلون من كل دولة على وجه الأرض في باريس، تبرز فرصة تاريخية للتوصّل إلى اتفاقية بشأن المناخ بعيدة المدى ودائمة. إننا نتمتع بالإرادة السياسية وبفيض من الدعم الاجتماعي اللازم لإنجاحها، ولكن ينبغي علينا أن نتّحد سوية وأن نتحلّى بالواقعية للتوصّل إلى اتفاقية. من أجل سماء أكثر إشراقًا اليوم، وعالم أكثر أمنًا غدًا، الآن هو الوقت للعمل.

كجزيرة منخفضة الارتفاع، من المرجح أن تشعر البحرين بآثار تغير المناخ بشكل أقوى من جاراتها دول مجلس التعاون الخليجي. في الوقت الذي تزيد الانبعاثات وظاهرة الاحتباس الحراري درجات الحرارة العالمية تجاه عتبة 2 درجة مئوية، فإن البحرين تشعر بالفعل بالحرارة الشديدة بعد مرورها بأحر شهري أغسطس وسبتمبر على الاطلاق. ان درجات الحرارة العالية في صيف البحرين، والكثافة السكانية، وارتفاعها المنخفض يجعل لمسألة التخفيف من آثار تغير المناخ أهمية خاصة بالنسبة لمستقبل البحرين. حكومة البحرين تتخذ خطوات جادة لحماية مواطنيها من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال تحسين البنية التحتية العابرة واعتماد مصادر الطاقة المتجددة. من الواضح ان البحرين تأخذ على محمل الجد آثار تغير المناخ، كما يتضح من الدور القيادي لصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة في مؤتمرCOP-21.

فيما يجتمع قادة وممثلون من كل أمة على وجه الكرة الأرضية في باريس، فإن هناك فرصة تاريخية للتوصل الى اتفاق دائم وبعيد المدى بشأن المناخ. تتطلع الولايات المتحدة إلى العمل مع ولي العهد وزعماء العالم الآخرين نحو بناء خطة ممكنة وطموحة جدا للتخفيف من تغير المناخ. لدينا الإرادة السياسية وأطياف واسعة من الدعم الاجتماعي لانجاح ذلك، ولكننا أيضا بحاجة للعمل معا، ولأن نكون عمليين من أجل التوصل إلى اتفاق. من أجل سماء أكثر إشراقا اليوم ومن أجل غد أكثر أمانا، الآن هو الوقت المناسب للعمل.

إقرأ أيضا لـ "وليام روبوك"

العدد 4843 - الخميس 10 ديسمبر 2015م الموافق 28 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:37 ص

      احم احم

      هو احنا عرفنا مصلحتنا وين في المناخ الجيد حتى نبحث في التغير المناخي

اقرأ ايضاً