يعقد قادة مجلس التعاون الخليجي لقاء قمة اليوم الأربعاء (9 ديسمبر/ كانون الأول 2015) في الرياض في مرحلة هي من الأكثر دقة بالنسبة للدول المنشغلة بالنزاعات في اليمن وسورية وانخفاض أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تعلن القمة تأييدها لجهود توحيد مختلف أطياف المعارضة السورية المدعومة من معظم دول الخليج والتي تبدأ اليوم في الرياض أيضا اجتماعاً للاتفاق على رؤية مشتركة من الحل في سورية تمهيداً لمفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
كما تأتي القمة الخليجية قبل أيام من مباحثات في سويسرا بين طرفي النزاع اليمني الذي حصد آلاف الضحايا خلال أشهر، وحيث تنخرط دول خليجية عدة في التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين دعماً للرئيس عبدربه منصور هادي.
ويقول الباحث اليمني الزائر في مركز كارنيغي الشرق الأوسط فارع المسلمي لوكالة "فرانس برس": "تأتي هذه القمة بينما يشهد الخليج واحدة من سنواته الأكثر دقة".
ويرى وجود "تباين داخلي" بين دول مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وعمان، في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها. ومن أبرز هذه التحديات الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران التي تجمعها علاقة خصومة وتباين مع عدد من الدول الخليجية.
وسيرفع الاتفاق عن كاهل الجمهورية الإسلامية وطأة عقوبات اقتصادية دولية مفروضة عليها منذ أعوام، في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وتنظر دول خليجية أبرزها المملكة العربية السعودية، بعين الريبة إلى تنامي نفوذ إيران في الشرق الأوسط والخليج، لا سيما في اليمن حيث تدعم الرياض الرئيس هادي مقابل تأييد إيران للحوثيين، وفي سورية حيث تدعم الرياض المعارضة مقابل دعم طهران للنظام.
ويرى نيل بارتريك، مؤلف كتاب عن السياسة الخارجية السعودية يصدر الشهر المقبل، أن "التحدي الأساسي الذي يواجه قمة دول مجلس التعاون الخليجي، كالعادة، هو ضمان جبهة موحدة حيال التحديات الإستراتيجية الأساسية في المنطقة".
وتتزامن القمة مع انطلاق أعمال مؤتمر يجمع قرابة مئة شخصية من مختلف الأطياف السياسية والعسكرية للمعارضة السورية، وتريده المملكة لتوحيد المعارضة بشأن رؤية مشتركة حيال الحل السياسي قبل مفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
وشهدت الأعوام السابقة تجاذبات وصراعات على النفوذ بين دول خليجية داعمة للمعارضة، للاستئثار بولاء هذه المعارضة. ويرى بارتريك أن ما يمكن أن يخرج به مؤتمر القمة الخليجية في موضوع النزاع السوري هو الإعراب عن "دعم عام" للمعارضة.
وتعد السعودية من أبرز الدول المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد. وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني أن الخيار العسكري لا يزال مطروحاً لتحقيق ذلك.
وفي اليمن، تقود السعودية منذ مارس/ آذار الماضي تحالفاً عربياً بدأ بتوجيه ضربات جوية ضد الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قبل أن يقدم بدءاً من الصيف دعماً ميدانياً مباشراً لقوات عبدربه منصور هادي.
وتشارك الدول الخليجية في هذا التحالف، باستثناء عمان التي شاركت في التوسط لإنهاء للنزاع الذي أودى بقرابة 5700 شخص منذ مارس ووفرت مكاناً للقاء المتنازعين.
ويقول بارتريك انه يفترض "توقع القليل جداً في ما خص اليمن"، مرجحا أن تعيد الدول الخليجية تأكيد دعمها للقوى "الشرعية". وترعى الأمم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع اليمني في سويسرا في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، يمكن أن تترافق مع وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
وترى الباحثة في شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "تشاتم هاوس" جاين كينينمونت أن صراع النفوذ بين دول الخليج اضعف قدرتها على العمل الجماعي لمواجهة الأزمات الإقليمية.
وتضيف "هم في حاجة إلى خطاب مشترك أكثر وضوحا تجاه تهديدات إقليمية محورية"، مشيرة إلى أن التعاون بين الدول الست تركز خلال الأعوام الماضية على الشئون الاستخبارية والأمنية، بدلاً من تحقيق اندماج اكبر في ما بينها الذي كان احد الأهداف الأساسية لتشكيل المجلس.
على المستوى الاقتصادي، تواجه الدول الخليجية التي تعتمد بشكل أساسي على مداخيل تصدير النفط، الانخفاض الكبير الذي يطاول أسعاره منذ العام الماضي.
وتعتبر كينينموت أن هذا الانخفاض "يجب أن يجعل قادة دول مجلس التعاون يركزون" على الاندماج الاقتصادي وتطوير البنى التحتية المشتركة. وخسر برميل النفط أكثر من خمسين في المئة من سعره منذ يونيو/ حزيران 2014. وسجلت أسعاره أمس الأول أكبر انخفاض لها منذ سبع سنوات بسبب تخمة العرض وضعف الطلب.
وبدأت دول خليجية باعتماد إجراءات تقشف محدودة في ظل انخفاض أسعار النفط، مع توقع صندوق النقد الدولي انخفاض عائدات هذه الدول بنحو 275 مليار دولار هذه السنة.