كلما ذهبت لأحد ملاعبنا الرياضية المفتوحة منها أو في الصالات المغلقة كلما انتابني ضيق من استمرار تواجد القفص الحديدي «الفنس» الذي يفصل بين الجماهير واللاعبين.
هذا القفص الذي انقرض إجمالاً من معظم الملاعب العالمية ما عدا ملاعب دولنا العربية عموماً؛ لأن المنظمين يشتكون من صعوبة التعامل مع ردات فعل الجماهير بوجود القفص فكيف من دونه؟!.
ملاعبنا محاطة بأقفاص في حين ملاعبهم تتداخل فيها الجماهير والفرق فلا تكاد تفرق بين كرسي الجمهور وكرسي المدرب.
عندما يجلس الجهاز الفني لفريق مانشستر يونايتد في ملعبه الأولدترافورد وخلفه جماهيره مباشرة دون أن يتلفظوا حتى بأيّ ألفاظ في احترام متبادل وكامل، وعندما تشاهد الجماهير من القرب بمكان للاعبين في الملاعب الأوروبية وكأنها تشاركهم المباراة، وعندما تتابع دوري المحترفين الأميركي لكرة السلة (NBA) والجماهير جالسة بصف اللاعبين والجهاز الفني وخلفهم مباشرة دون أن يقوم أحد من مقعده، فضلاً عن أن يدخل الملعب، تدرك تماماً مقدار البعد الحضاري والثقافي بيننا وبينهم.
بالفعل علامة فارقة أن تحاط ملاعبنا بالأقفاص من كل جانب حتى أني أشفق على من يشاهد المباراة من تحت هذا القفص، وأن تكون ملاعبنا مرتعاً للعنف وحتى القتل الجماعي كما حدث في السنوات الأخيرة بالدوري المصري لكرة القدم، في حين ملاعبهم تضج بالبهجة والحياة والسعادة.
بالأمس فقط قرأت عن برنامج «احترام» الذي بدأ الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بتطبيقه في ملاعبه منذ 7 سنوات للاعبين والحكام والمشجعين.
هذا البرنامج، الذي خصص تحديداً لمسابقات الفئات العمرية، إذ إن هذه الفئة هي الأكثر ميلاً للعنف بحكم الفترة العمرية المتزامنة مع سن المراهقة، نجح في خفض عدد البطاقات الصفراء بسبب الاحتجاجات بمقدار الربع، كما أن الاعتداءات الخطيرة على مدار 7 سنوات كانت «قليلة ومتباعدة».
ووفق مسح قام به خبراء من 3 جامعات بريطانية وشمل أكثر من 2000 حكم معظمهم يديرون مباريات الناشئين، وبعد حصر 1.2 مليون مباراة في الموسم الماضي فقط، فإن عدد حالات الاعتداء الخطيرة التي تم الابلاغ عنها كانت أقل كثيراً من نسبة 1 في المئة، ما يجعل المشكلة تحت السيطرة بحسب تصريحهم.
نعم أقل من 1 في المئة بكثير من أصل أكثر من مليون مباراة، ومع ذلك يعترفون بوجود مشكلة ويدشنون البرامج العلمية لعلاجها، ويصرفون الملايين على البحوث الخاصة بها.
هؤلاء الباحثون لو فتحوا سجلاً واحداً لأحد اتحاداتنا الوطنية ليس بمقدار مليون مباراة وإنما بعدد 100 فقط وليس على مدار 7 سنوات وإنما لثلاثة أشهر فقط، فماذا ستكون النتيجة وكم من الاعتداءات يمكن أن تحصى؟!
عندما نحتفظ بأقفاصنا الحديدية ونحن في القرن الـ 21، وعندما نتفرج جميعاً على ملاعب العالم المتقدم ونتعرف على ثقافتهم ونفشل مجدداً في الاختبار مع أول انفعال، فعندها يمكن أن نفسر بوضوح أسباب تخلفنا وتقدمهم، ليس في الرياضة وحسب وإنما في كل المجالات.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4840 - الإثنين 07 ديسمبر 2015م الموافق 24 صفر 1437هـ
كلام صحيح ولكن....
يا ابو عباس لو يشيلون الفنس في صالة اتحاد السلة كنت شفت ان جماهير بعض الاندية الكبيرة (اثنين او ثلاثة) عفست الصالة .... والاسباب تعود لفكر المشجع وحضارية المتابع فالجماهير بحاجة الى تثقيف وروح رياضية قبل اللاعبين
نعم
قصدق الزعيم والأهلي والمحرق؟