استعرضنا في الحلقة السابقة البدايات الأولية لهيكلة نظم التعليم، وفي هذه الحلقة سنلقي الضوء على بدايات التعليم الصناعي والتجاري، حيث بدأ التعليم الصناعي في البحرين في العام الدراسي 1936 - 1937 بأعمال النجارة في صفوف ملحقة بمدرسة الهداية الخليفية والمدرسة الغربية بالمنامة، وبعد ذلك بعام أقيم مبنى المدرسة الذي زود ببعض الآلات لأعمال الخشب والمعادن، وكان هناك تشجيع للانخراط في التعليم الصناعي عبر تخصيص مبلغ من المال للدارسين في هذا الحقل، بعدها زادت التخصصات في المدرسة الصناعية في العام الدراسي 1941-1942، وبلغ عدد الطلاب 65 طالباً، وبلغ عدد العاملين في المدرسة خمسة.
منذ بدء التعليم الصناعي في ذلك العام ظل يتبع من الناحية الإدارية دائرة الكهرباء بالحكومة، وفي العام 1958 ألحق التعليم الصناعي بدائرة المعارف ما أدى إلى تحسين أوضاع المدرسة، وتحويلها إلى مدرسة ثانوية في العام 1960 وفتح فروع جديدة تتناسب ووضعها الجديد كالكهرباء والتكييف والراديو والتلفزيون والسيارات والسباكة، إضافة إلى الفروع السابقة. أما بالنسبة للتعليم التجاري فقد بدأ في العام الدراسي 1952-1953 بصف واحد تم إلحاقه بمدرسة المنامة الثانوية وكان عدد الطلبة 13طالباً، ثم تطوّر التعليم التجاري بحلول العام 1966، بعد ذلك بثلاث سنوات بدأ التعليم التجاري للبنات بإنشاء قسمين تجاريين أحدهما ملحق بمدرسة الحورة الثانوية للبنات والآخر ملحق بمدرسة المحرق الثانوية للبنات، وكانت مدة الدراسة بالتعليم التجاري عامين دراسيين يدرس الطلاب فيهما العلوم المالية والتجارية، وبعدها أصبحت مدة الدراسة ثلاث سنوات. وابتداء من العام الدراسي 1973-1974 ظهر الاهتمام بتدريس المواد التجارية باللغة بالإنجليزية لأهمية ذلك في الأعمال المكتبية والشركات والبنوك، وخصوصاً أن تلك التوجهات تتماشى وتطور الحياة التجارية والاقتصادية التي شهدتها البلاد آنذاك. وفي مرحلة لاحقة، تم تطوير التعليم الفني والمهني من خلال تنفيذ «مشروع التلمذة المهنية»، وهو مشروع يتميز بالمزج بين تلقي المعلومات الأكاديمية والتطبيقات العملية بالمدرسة والتدريب في مواقع العمل بالشركات والمؤسسات. ويعتبر مشروع التلمذة المهنية أحد المشاريع التطويرية التي تبنتها حكومة مملكة البحرين لتحسين مخرجات التعليم من خلال العمل على تزويد الطلبة بالمهارات التي يحتاجونها لسوق العمل، ويعتبر تطوير التعليم الفني والمهني أحد الركائز الأساسية في هذا المشروع الطموح والهدف من مشروع التلمذة المهنية هو الارتقاء بمستوى المهارات لدى الطلبة من خلال تطبيق نظام يشارك في إعداده وتنفيذه سوق العمل لضمان إتقان الطلبة للكفايات المهنية الأساسية التي يتطلع إليها سوق العمل. والمتمثلة في تطوير البرامج الدراسية واكتساب أخلاقيات عمل مرضية والارتقاء بمستوى المهارات العملية لدى الطلاب وتوجيه وإرشاد مهني متكامل.
إن التشخيص العلمي للتعليم الفني والصناعي والمهني خلال السنوات الماضية قاد إلى نتائج مهمة استدعت العمل على إعادة هيكلة مسارات التعليم الثانوي، بما يخدم التوجهات الاقتصادية الجديدة، ويحد من الاتجاهات نحو التعليم العام، ومن هنا جاءت مبادرة التلمذة المهنية في سياق جديد ومتطور ضمن الهيكلة الجديدة لمسارات التعليم الثانوي، حيث تطلب الأمر بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية البدء في تنفيذ هذه المبادرة في مدارس البنين والبنات بشكل تدريجي وبالتعاون مع أولياء الأمور ومع القطاع الخاص. وبدأ تطبيق هذه المبادرة مرحلياً في العام الدراسي 2007/2008م.
وإن التدرج في اختيار التخصص المهني يعتبر من أبرز خصائص برنامج التلمذة المهنية، حيث يقوم طالب المرحلة الثانوية بالقسمين التجاري والصناعي بدراسة المواد الأساسية في السنة الأولى، ثم يحق له التعرف واختيار أكثر من مهنة في السنة الثانية حيث يقوم بالتخصص والتدريب في إحدى تلك المهن في السنة الثالثة، فيما كان طالب القسم الصناعي في النظام القديم يدرس الأساسيات في السنة الأولى ثم يتخصص بعدها في السنتين الأخيرتين بينما كان طالب القسم التجاري يعتمد على الجانب النظري دون التطبيقي إلى حد كبير. وتنقسم الدراسة في البرنامج إلى مسار متقدم ومسار تخصصي، حيث يركز الأول على إعداد الطالب للالتحاق مباشرة بالدراسة الجامعية من حيث تكثيف المجال النظري والزيارات الميدانية للمؤسسات والتدريب على عمل المشاريع، فيما يركز المسار التخصصي على التدريب العملي للطالب في المؤسسات التدريبية.
إقرأ أيضا لـ "محمود التوبلاني"العدد 4838 - السبت 05 ديسمبر 2015م الموافق 22 صفر 1437هـ