يبدأ رؤساء الدول والحكومات المشاركون في مؤتمر باريس للمناخ الذين عقدوا قمة مطلع الأسبوع الجاري، النقاشات اليوم الأربعاء (2 ديسمبر/ كانون الأول 2015) بشأن المسائل التي تشكل صلب الموضوع على أمل التوصل إلى اتفاق للحد من الاحتباس الحراري.
وحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس (الثلثاء) من أن مكافحة الاحترار "أولوية اقتصادية وأمنية" حتى لا يتعين علينا "سريعاً تخصيص عدد أكبر من مواردنا العسكرية والاقتصادية" من أجل التكيف مع التغييرات المناخية.
وحث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يتولى رئاسة المؤتمر الوفود المجتمعين في لوبورجيه بالقرب من باريس على "العمل بجد" من أجل التوصل إلى اتفاق بحلول 11 ديسمبر الجاري الذي تنتهي عنده أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الـ 21 للمناخ.
من جهته، أعلن الرئيس فرنسوا هولاند أن المؤتمر يسير في الطريق الصحيح، مؤكداً أنه "يجب أن يكون مركباً يجعل العالم يتقدم للسنوات المقبلة مع أفق وهدف وسبل لنكون متأكدين من الوصول إلى أقل من درجتين" مئويتين لحرارة الكوكب.
وأعرب أوباما عن تفاؤله ولو أن "حمل مئتي دولة على الاتفاق على أي أمر صعب بحد ذاته"، على غرار الفشل في مؤتمر كوبنهاغن في 2009 في التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن المناخ.
والاثنين عقد رؤساء الدول والحكومات المشاركين في المؤتمر قمة في باريس لإعطاء دفع سياسي للمناقشات وهو ما افتقد إليه مؤتمر كوبنهاغن.
عشرات ملايين اللاجئين
لكن المهمة تبدو صعبة، وأحصت المنظمة غير الحكومية مؤسسة نيكولا اولو "أكثر من مئتي خيار وأكثر من تعبير أو جملة (بين قوسين)" مطروحة للنقاش.
والنص الذي يناقش ويقع في خمسين صفحة ينقسم إلى فصول كبرى منها: الهدف الطويل الأمد لخفض انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة والتكيف مع التغير المناخي وتمويلات السياسات المناخية لدول الجنوب، وآلية مراجعة لرفع التزامات الدول بصورة منتظمة.
وعلى المفاوضين أن يسلموا نسخة منقحة للنص السبت إلى الوزراء الذين سيتناقشون بشأنها خلال الأسبوع الثاني لمؤتمر المناخ.
والهدف هو التوصل إلى أول اتفاق تلتزم بموجبه الأسرة الدولية تقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين قياساً إلى الحقبة السابقة للثورة الصناعية.
ويخشى العلماء إذا ارتفعت حرارة الأرض أكثر من درجتين مئويتين أن يؤدي ذلك إلى حصول أعاصير بشكل متكرر وتراجع العائدات الزراعية وارتفاع مياه البحار لتغمر مناطق مثل نيويورك (الولايات المتحدة) ومومبي (الهند).
وكشفت دراسة لجامعة ليستر البريطانية أن ارتفاع الحرارة بست درجات مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية ممكن بحلول نهاية القرن ما لم يتم اتخاذ أي إجراءات ويمكن أن تصبح الأرض من دون مورد للأوكسجين بسبب توقف العوالق النباتية عن العمل وهي كائنات بحرية نباتية تنتج ثلثي الأوكسجين الموجود في الغلاف الجوي.
وتعتبر الدول الأكثر تعرضاً خصوصاً الجزر التي تواجه خطر ارتفاع منسوب البحار أن احتواء ارتفاع حرارة الأرض حتى درجتين مئويتين غير كافٍ.
وقال أوباما إن بعض هذه الدول "يمكن أن يختفي تماماً"، معرباً عن القلق من أن يؤدي ذلك إلى "عشرات ملايين اللاجئين بسبب التغييرات المناخية في منطقة آسيا المحيط الهادئ".
وقالت منظمة "أوكسفام" البريطانية أن 10 في المئة من السكان الأكثر ثراء في العالم مسئولون عن أكثر من نصف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بينما النصف الأكثر فقراً في الكرة الأرضية لا تتجاوز نسبة انبعاثاته الـ 10 في المئة.
تصويت رمزي في الكونغرس الأميركي
وأوضح أوباما موقف الولايات المتحدة حول الاتفاق إذ استبعد أن تكون الأهداف المعلنة رقمياً لخفض غازات الدفيئة ملزمة قانونياً.
وصوت الكونغرس الأميركي الذي تهيمن فيه غالبية جمهورية أمس على إلغاء الإجراءات الجديدة للإدارة من اجل مكافحة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والتي كانت تفرض قيوداً للمرة الأولى على بعد المحطات الحرارية الأميركية.
إلا أن تصويت الكونغرس يظل رمزياً لأن أوباما حذر بأنه سيستخدم حقه في تعطيل القرار.
وعلى هامش مؤتمر المناخ، حصلت إفريقيا التي تعاني بشكل مباشر من التغييرات المناخية خصوصاً مع تقدم الصحاري وضفاف الأنهر على ملياري يورو من فرنسا بحلول 2020 من أجل تطوير مصادر الطاقة المتجددة في هذه القارة.