لعلَّ من المهم الإشارة إلى أن قادة العالم يُكرِّرون حاليّاً بأنهم ليسوا في حرب مع الإسلام. وإنما هُم في حالة حرب مع جماعات تتخذ من الدين الإسلامي شعاراً لها. ولكي نفهم تلك الجماعات فنحن بحاجة إلى فتح النقاش بصورة موضوعية.
المُحلِّل شادي حميد كتب في «واشنطن بوست» مؤخراً مقالاً تحدّث فيه عن ردّة فعل عدد غير قليل من المسلمين في كلِّ مَرَّة يرتكب تنظيم «داعش» إحدى الفظائع، إذ تجد أن هناك مَنْ يبادر لإدانة تلك الأفعال، وهو أمرٌ طبيعي؛ لأنَّ غالبية المسلمين بالفعل ترفض هذه الأعمال. غير أن ذلك - كما يشير حميد - ينبغي أن لا يحجب المسلمين عن إعادة النظر في التفسيرات المرتبطة بالتراث الإسلامي، وذلك لأنّ المتطرِّفين إنما يكسبون الشباب المسلم عبر تأصيل ما يطرحون بسياقات «جذّابة» متوافرة في كتب دينية منتشرة بصورة واسعة.
وفي الأسبوع الماضي، أثارت صحيفة «صن» البريطانية حفيظة الكثيرين عندما نشرت أن 20 في المئة من المسلمين في بريطانيا يتعاطفون مع «الجهاديين»، وهذا المصطلح يشير إلى الإرهابيين الذين ينتمون إلى تنظيمات مثل «داعش». وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات تسخر من الصحيفة، التي خلطت بين المصطلحات التي استخدمها الاستطلاع ومصطلحاتها التي تُكرِّرُها. فالمؤسسة التي أجرت الاستطلاع عبر الهاتف مع ألف من المسلمين البريطانيين في أعقاب هجمات باريس لم تستخدم عبارة «الجهاديين»، وكانت أسئلتها تدور حول درجة التعاطف مع الشبّان المسلمين الذين غادروا بريطانيا والتحقوا بالمسلحين في سورية.
«التعاطف» sympathy له معانٍ متداخلة، وبعضها يقترب من «التقمُّص العاطفي» empathy، بهدف فهم نفسيّة ودوافع الشبّان الساخطين على واقعهم، والذين يتركون بلدانهم ويذهبون إلى سورية والعراق من أجل ارتكاب الأعمال المتوحشة باسم الإسلام. فالتقمُّص العاطفي ينبع من الحاجة إلى فهم الآخر، وتوضيح الاختلافات بين الذات والآخر، ولعلَّ ذلك يستتبعُه تواصل مع مَنْ يمكن أن يتأثروا بمنهجٍ ما من أجل مساعدتهم.
إن ما كتبته صحيفة «صن» يعود إلى موقفها السلبي من المسلمين، ولكن أيضاً فإنّ ما طرحته، وطرحه الآخرون، يثير نقاشات وأسئلة مشروعة بين المسلمين والمهتمّين بشئون المنطقة، وهي في مجملها قضايا يجب أن تُطرَح من أجل فهم ظاهرة التطرُّف التي تُقلق العالم وتهُزُّ الاستقرار في أماكن عديدة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4834 - الثلثاء 01 ديسمبر 2015م الموافق 18 صفر 1437هـ
KR
تطرف الشباب في مختلف المذاهب قد يعود لعدم شعورهم بالكرامة والعدالة وتحقيق الذات في بلدانهم، وهذا يتطلب إجراءات عدة منها تعديل المناهج الدراسية بحيث تحترم كل المذاهب وتركز على المشتركات، وإدماج الشباب في الحياة السياسية والمجتمع المدني بصورة ديمقراطية تحقق ذواتهم، والاستجابة لمطالبهم المعيشية وتوظيفهم وتشجيعهم على المشاريع الابتكارية.
انا مع ماتقول
حالت الفراغ التي يعيشها الشباب وكذلك التربية في البيت والمدرسة والمناهج الدراسية وسياسة التعليم في البلد والسياسة العامة وعدم رعاية الدولة للشباب وعدم وجود استراتيجية وطنية لرعاية الشبابوالوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالاضافة للكثير من العوامل المؤثرة في تكوين اتجاهات الشباب الايديولوجية والدينيةبإتجاهات مختلفة ولكن اكثرها يأخذ منحى التطرف وهنا الطامة الكبرى.