قالت مشاركات في المنتدى الذي أقامته مبادرة نقاش البحرين وجمعية الاجتماعيين البحرينية تحت عنوان «المرأة وآليات التغيير المجتمعي» إن «المجتمع البحريني هو من يرفض تمكين المرأة سياسياً قبل الحكومة»، لافتاتٍ إلى أن «الإسلام السياسي لم يقدم ولا حتى مرشحة واحدة منذ بدء التجربة البرلمانية قبل 13 وحتى الآن».
وعقد المنتدى مساء الاثنين (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015)، في جمعية المهندسين بالجفير وذلك بمناسبة يوم المرأة البحرينية الذي يصادف الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول.
وسعى المنتدى إلى مناقشة أوضاع المرأة البحرينية فيما يخص المشاركة السياسية والاقتصادية، وقانون الأحوال الشخصية والمواطنة وغيرها من القضايا المعنية في محاولة لإيجاد حلول طموحة وجديدة للتحديات التي تواجه المرأة البحرينية في طريق حصولها على المواطنة المتساوية، حيث سيشارك في الحوار جميع مؤسسات المجتمع المدني من ذوي الاختصاص والنشطاء والجمعيات النسائية والأكاديميين والقانونيين والشباب والإعلاميين والسياسيين.
وانقسم برنامج عمل المنتدى إلى جلستين، الأولى بعنوان «المشاركة السياسية والاقتصادية» بإدارة الاقتصادية والمهتمة بشئون المرأة وعلاقتها بالتطور الاقتصادي مروة الإسكافي، والثانية بعنوان «المواطنة وقانون الأحوال شخصية» بإدارة الكاتبة الصحافية عصمت الموسوي.
وناقشت جلسة «المشاركة السياسية والاقتصادية» السبل الرسمية وغير الرسمية لمشاركة المرأة البحرينية في السياسة والقطاعات الاقتصادية المختلفة ومدى تأثيرها عليها، إلى جانب العوامل الاجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى التمييز ضد المرأة أو تؤثر على مستوى نجاحها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، وشارك فيها رئيس قسم القانون العام بجامعة المملكة أبوبكر الزهيري، والأستاذ في جامعة المملكة عبدالحميد طارق، ورئيسة مجلس أمناء مركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري نوال عبدالله، وعضوة جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ابتسام زيد، ومنسق العلاقات العامة بمركز البحرين الشبابي رضي القطري، وعضوة اللجنة الإعلامية بمركز البحرين الشبابي فاطمة خلف.
أما الجلسة الثانية فخصصت لمناقشة موضوع «المواطنة وقانون الأحوال الشخصية»، حيث تطرق المشاركون فيها إلى حيثيات قوانين الأحوال الشخصية وإيجابيات وسلبيات هذا المفهوم، إلى جانب موقع المرأة البحرينية بتعدد هويّاتها في إطار مشروع المواطنة، وشارك فيها عضو جمعية الاجتماعيين ومديرة دار الأمان للمتعرضات للعنف الأسري هدى آل محمود، والناشط الحقوقي محمد خليل، ورئيسة جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية وجيهة البحارنة، والناشطة في مجال حقوق المرأة والشأن العام فريدة غلام، والطالبة حقوق بجامعة البحرين أحلام الشويخ.
طارق: الجمعيات السياسية
عازفة عن ترشيح النساء
إلى ذلك، قال الأستاذ في جامعة المملكة عبدالحميد طارق إن «نجد أن هناك كذلك إحجاماً من قبل الجمعيات السياسية عن ترشيح النساء، ولايزال الشارع يفتقد إلى الكثير من الشخصيات التي يمكن أن تؤثر في المجتمع للاتجاه نحو تحقيق التمكين المناسب للمرأة».
وأضاف «الحملة المالية للمترشح تحتاج إلى مبلغ كبير، والمرأة لا تملك عادة هذا الحجم من المال، وأيضاً هناك العلاقات الاجتماعية والمرأة لا تملك علاقاتٍ اجتماعية كالذي يملكه الرجل، وهناك أيضاً العادات الاجتماعية التي تعيق تمكين المرأة سياسياً».
وأردف «المعوقات كثيرة، ولكن نعتقد أن تأثير وصول المرأة في المجالس البلدية يمكن أن يكون دافعاً لوصولها إلى البرلمان، ونحن نبحث عن حلول لهذه المعوقات، ولكنها تحتاج إلى فترات أطول، ونحن نحتاج إلى نشر الوعي في المجتمع، وقد يكون من الصعب أن يتقبل المجتمع مثل هذه الأمور حالياً».
شويطر: الإسلام السياسي
سبب رئيسي لعدم وصول المرأة للبرلمان
من جهنها، اعتبرت رئيس قطاع المرأة في المنبر التقدمي وعضو مجلس إدارة الاتحاد النسائي البحريني إيمان شويطر أن «سيطرة الإسلام السياسي هو أحد أسباب عدم وصول امرأة إلى البرلمان، حيث لا يتم تبنيهن كما يتم تبني الرجل، ونحن الآن نتحدث عن المرحلة الحالية أن هناك حاجة ماسة لتمكين المرأة».
وأضافت «مشاركة المرأة في الحياة السياسية مؤشر على تقدم المجتمع، ولاتزال هذه المشاركة لاتزال منقوصة، ولا تحظى بالكثير من الاهتمام من قبل الجمعيات السياسية.
وأردفت شويطر «في العام 1975 عقدت الأمم المتحدة أول مؤتمر للمرأة، ثم سعت للضغط على الحكومات لتمكين المرأة، وقد سميت فترة ما بين عامي 1975 و1986 بجيل المرأة بسبب اهتمام الأمم المتحدة بالمرأة، ومع هذه الطفرة شهدت مشاركة أوسع للمرأة في الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني».
زيد: المرأة خسرت
كل مكتسباتها بعد «الربيع العربي»
من جانبها، أشارت عضو جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ابتسام زيد إلى أن «المكتسبات التي حصلت عليها المرأة قبل الربيع العربي، كلها قد خسرتها بعد الربيع العربي».
وأضافت زيد «قبل 10 سنوات شاركت في ندوة عن مشاركة المرأة وكانت الأجواء مشحونة بالاهتمام بالانتخابات النيابية، ولكن أجد نفسي اليوم أقف في ذات المكان للحديث عن ذات الموضوع بدون أي تقدم».
وتابعت «بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية، نجد أن مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار بلغت 33 في المئة، أما مشاركة المرأة في البرلمانات العربية فتشكل 1 في المئة فقط.
وأوضحت أن «المشرع العربي لا يرى المرأة كإنسان كامل، ولا ينظر إليها على أنها مواطن كامل الأهلية، ولو نظر لها كذلك فإنه سيؤثر في الإعلام وحتى في المجتمع».
وختمت زيد «هناك اتهام كبير للمرأة بأنها لا تدافع عن نفسها، وكأن الرجل يدافع عن نفسه، ما نراه أن الرجل يصل إلى البرلمان لأنه يترشح عبر قوائم حزبية، والأمر الثاني هو الجانب الاقتصادي في الوصول إلى البرلمان، وهو أمر متحقق بالنسبة إلى الرجل أكثر من المرأة».
عبدالله: الجمعيات السياسية
ممنوعة «بالقانون» من ممارسة السياسة
وفي مداخلتها، أفادت رئيسة مجلس أمناء مركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري نوال عبدالله أن «الجمعيات النسائية التي يفترض أن يكون لها دور أساسي في العملية السياسية في البحرين، نجد أن القانون يمنعها من ممارسة السياسة، على رغم قدم النشاط النسوي في البحرين».
وأوضحت أن «نسبة المشاركة النسائية في البرلمانات العربية محدودة، وهو أحد المؤشرات على عدم تمكين المرأة حتى الآن، ولكن إذا أردنا قياس المشاركة النسائية، فلابد من قياسها بشكل واسع، من خلال مشاركتها في الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وحتى الربيع العربي لا يجب إغفال دور المرأة فيه، ومهما اختلفنا في تقييم هذا الربيع، إلا أنه حرك المياه الراكدة في الدول العربية».
وتابعت «رغم التقدم الحاصل في مستوى التعليم في الوطن العربي، ولكن على الصعيد السياسي والاقتصادي ظلت مشاركة المرأة متدنية، وهناك أسباب كثيرة لذلك».
وأردفت عبدالله «على صعيد البحرين، نسأل متى سمح للأحزاب والجمعيات السياسية بممارسة العمل السياسي؟ نحن بدأنا فقط في العام 2001، لذلك أعتقد أن الظروف الموضوعية لم تعطِ الجانبين الرجل والمرأة ممارسة السياسة بشكل واضح».
وواصلت «ولابد من ربط التنمية السياسية ومشاركة المرأة فيها، ويمكن ربطها بالتشريعات، فإذا لم يكن هناك تشريعات تدعم عمل المرأة فإن شيئاً طبيعياً أن تكون مشاركتها محدودة».
وأشارت إلى أن «أولويات المرأة تختلف عن الرجل، دائماً المرأة أولوياتها تكون منزلها وأسرتها هي الرقم واحد بالنسبة لها، بعكس الرجل الذي تختلف أولوياته».
وأكملت «هناك حديث مستمر عن أن المرأة لا تصوت للمرأة بل تصوت للرجل، ولكن الموضوع هو من هو الأكفأ، سواء كان رجلاً أو امرأة، نحن كلنا مع وصول المرأة للبرلمان أو حتى المواقع القيادية في الدولة، ولكن الاختيار يجب أن يذهب إلى الأكثر كفاءة».
وشددت على أن «هناك أموراً تتعلق بالمساواة، ومتى ما دعمت الدولة المرأة فلن يكون التصويت على أساس أن هذه امرأة أو رجل، الآن لدينا وزيرة واحدة بعد أن كان لدينا ثلاث سابقاً، فهل من المعقول أنه لا توجد لدينا كفاءات نسوية لتقلد المناصب في البحرين؟».
وختمت عبدالله «من غير الصحيح الحديث عن أن المرأة تصوت ضد المرأة، وأن سبب عدم وصول المرأة هو تصويت المرأة للرجل، هناك أسباب موضوعية مهمة أخرى هي التي سببت عدم نجاح المترشحات».
القطري: المرأة بكفاءتها
يمكن أن تصل للبرلمان ولا نؤيد «الكوتا»
إلى ذلك، قال منسق العلاقات العامة بمركز البحرين الشبابي رضي القطري «دور المرأة في الربيع العربي لا يمكن إنكاره، ونحن كمركز شبابي نجد أن المرأة تتقلد مناصب سيادية إن صح التعبير في المركز، دون الحاجة إلى كوتا».
وأضاف القطري «إسهام المرأة سياسياً تطور، وهناك جمعيات سياسية تعطي المرأة أدواراً قيادية بسبب كفاءتها، البعض يعتقد أنه تم استغلال المرأة من أجل التصويت في الانتخابات، ولكن أعتقد أن هذا التصور غير صحيح لأنها اليوم تتقلد مواقع متقدمة في هذه الجمعيات حتى بدون وجود انتخابات أو مشاركة فيها».
وشدد على أنه «اليوم لا يمكن التنكر لدور المرأة السياسي، هناك نساء وصلن إلى مناصب قيادية في الجمعيات السياسية، دون الحاجة إلى كوتا، وهناك تجارب كثيرة في الربيع العربي توضح أن المرأة تستطيع بكفاءتها الوصول إلى مواقع متقدمة في بلدانها أو خارجها».
وختم القطري «المرأة البحرينية نافست في البرلمان بدون الكوتا، وكادت تصل إلى البرلمان بكفاءتها، ومن الظلم للمرأة أن نقدم لها كرسيين لمجرد أنها امرأة».
ومن جانبها، قالت عضوة اللجنة الإعلامية بمركز البحرين الشبابي فاطمة خلف «كل عام إذا نظرنا إلى أعداد المتفوقين والمتفوقات نجد أن النساء يتفوقن في العدد، ثم يواصلن الدراسة الجامعية غير أنهن بعدها يتفرغن إلى بيوتهن وأزواجهن وأولادهن، وهذا يعيق مشاركتهن في المجتمع المدني بشكلٍ واسع».
وأردفت خلف «حالياً من بعد العام 2011 وجدت أن هناك اهتماماً نسائياً، ووجدنا أن قوى المعارضة صرحت أنها ستقدم مترشحات لها في أي انتخابات سيشاركون فيها، وهذا مؤشر على وعي القوى الوطنية بدور المرأة البحرينية».
الزهيري: نلوم المرأة لأنها تصوّت
لغيرها ونقف مع «الكوتا المؤقتة»
وذكر رئيس قسم القانون العام بجامعة المملكة أبوبكر الزهيري أن «الحديث عن المرأة سيظل حديثاً ذا شجون، والآن السؤال هل المرأة كان لها حضور في الربيع العربي أم تم استغلالها؟».
وأضاف «مفهوم المشاركة السياسية للمرأة أوسع من موضوع المشاركة البرلمانية أو البلدية، ولكن الهوة لاتزال كبيرة بين بلداننا والبلدان العريقة في العمل الديمقراطي بالنسبة لمشاركة المرأة سياسياً».
واستدرك الزهيري «ولكن نحن نحتاج لأن نوجه اللوم إلى المرأة، فإذا كانت قضيتي كامرأة لا يمكن أن أحملها بالشكل الصحيح، ولا توجد قيادات نسوية بارزة، فكيف أطلب من المجتمع أن يدافع عن هذه القضية؟ في البحرين التمثيل النيابي النسائي تراجع من 4 إلى 3 نساء».
وتابع «نحن مازلنا في مجتمعات محافظة، ولايزال الخطاب الديني والفهم الخاطئ لتواجد المرأة في الساحة السياسية موجوداً».
وأكمل «في الجانب التشريعي، اختلف مع من قال إن التشريع لايزال ينظر إلى المرأة نظرة دونية، وهذا الأمر غير صحيح، ولكن أنا مع تحديد كوتا إلى المرأة بشكل مؤقت حتى تثبت المرأة نفسها، وإن كان ذلك يصطدم مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة».
وتابع «هناك عزوف للمرأة عن المشاركة في العمل السياسي، وكأنها تكون بين أمرين أحلاهما مر، فإما أن تضحي بأسرتها وتشارك في العمل السياسي، وإما أن تتفرغ لأسرتها، وكان هذا الأمر لا يستقيم مع الآخر».
وواصل «نحن أجرينا لقاءات مع عدد من عضوات مجلس الشورى ومجلس النواب، وسألناهن وخاصة النائبات تحديداً، هل فزتن بأصوات النساء؟ فقلن إنهم فزن بأصوات الرجال وليس النساء».
وبيّن الزهيري أن «الدعم من قبل الجمعيات السياسية، والقدرة المالية هي أمور أقرب للرجل منها للمرأة، وشخصياً أنا مع الكوتا في وصول المرأة إلى البرلمان، لأنني أجد أن القضية يجب أن تكون بشكلٍ تدريجي، وعندما أضمن لهن عدداً معيناً من المقاعد، ونرى أن المرأة تثبت نفسها، فلكن نكون بحاجة إلى الكوتا بعدها».
العكري: مشاركة المرأة مرتبطة
بتطور الحياة السياسية إيجاباً وسلباً
من جهته، شدد رئيس جمعية الشفافية عبدالنبي العكري أن «مشاركة المرأة مرتبط بتطور الحياة السياسية، بحيث نرى أن المرأة في الدول الإسكندنافية تلعب دوراً كبيراً، لأنها تشارك في بشكلٍ واسع في القرار السياسي بشكلٍ عريق».
وأضاف «الغالب الآن هو هجاء الربيع العربي، رغم أن من حوّل الربيع العربي إلى دموي هي الحكومات وليس الشعوب».
وذكر أن «المرأة كانت محركاً أساسياً في الربيع العربي، وقدرت في البحرين بـ 30 في المئة، ولكن لا يوجد كوتا في البحرين، ولكن في المغرب مثلاً هناك قائمة وطنية نسائية وأخرى شبابية، وإذا لم تشارك المرأة في الحكومات لن يكون هناك تمثيل حقيقي».
المحمود: المجتمع ينظر بدونية
للمرأة والإسلام السياسي ضحَّى بها
من جانبها، قالت عضو جمعية الاجتماعيين ومديرة دار الأمان للمتعرضات للعنف الأسري هدى المحمود «دونية المرأة أمر موروث في المجتمع العربي، ومسألة أن المرأة تحتاج إلى كوتا من قبل الحكومة، فأقول إن المجتمع هو الذي لا يريد تمكين المرأة وليس الحكومة، ومن يتحدث عن كفاءة المرأة بشكلٍ نظري فهم أصلاً لا يؤمنون بذلك عملياً».
وذكرت أن «الإسلام السياسي اختطف الربيع العربي، المرأة في النضالات تضحّي لأن هذه طبيعتها، ولكن إذا انتهت الأمور، يتم تركها وراءهم».
وأضافت «في العام 2011 في إبان الحراك الذي حدث، طالبت بعض النساء بطرح قانون الأحوال الشخصية، إلا أنه قيل لهم إن هذا الملف ليس وقته، هنا تيقنت أن موضوع تمكين المرأة سيحتاج إلى سنوات طويلة».
وأردفت المحمود «مسألة تقديم الكفاءة في الترشح موجود في المجتمعات المتقدمة، أما نحن لا نؤمن بهذا الأمر، لذلك أجد أن الكوتا ستكون قراراً إيجابياً من أجل تمكين المرأة، لاحظوا أنه في مصر عندما تم إلغاء الكوتا انخفضت نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشعب».
العدد 4834 - الثلثاء 01 ديسمبر 2015م الموافق 18 صفر 1437هـ