ما يزال خبراء المناخ في العالم يقدمون صورة قاتمة عن مستقبل الأرض، ولا سيما لجهة توقعاتهم المستندة إلى دراسات وأبحاث، وفق ما نقل موقع "green area" .
و تؤكد جميعها أننا مقبلون خلال السنوات والعقود المقبلة على ظواهر مناخية لا عهد لنا بها من قبل، من الاضطرابات الجوية المتزايدة، إلى الأمواج العملاقة المتفاقمة في المحيطات، مروراً بموجات الحر والصقيع الأكثر شدة، فهل سيتمكن المشاركون في مؤتمر باريس للمناخ COP21 الذي سينعقد في العاصمة الفرنسية بعد أيام قليلة من تبني سياسات واضحة تحد من تبعات ما يشهده العالم وما قد يشهده مستقبلا من مخاطر كبيرة وكوارث مدمرة؟
ليس من قبيل الصدفة أن تحذر “المنظمة العالمية للأرصاد الجوية” التابعة للأمم المتحدة، من التبعات الخطيرة لتغير المناخ، فبعد نحو عشر سنوات من دخول “بروتوكول كيوتو” حيز التنفيذ بهدف الحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحترار، تؤكد الباحثة في “جامعة تكساس للتكنولوجيا” Texas Tech University جينيفر فانوس Jennifer Vanos، أن “عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء… عدد سكان العالم يتزايد، وينبغي لنا التكيف مع الوضع”.
خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ارتفعت حرارة سطح الأرض بمعدل 0,47 درجة مئوية، ومعروف أن ارتفاعا بمعدل درجة مئوية واحدة يزيد بخار الماء في الغلاف الجوي بنسبة سبعة بالمئة، علماً أن تبخر المياه يشكل محركاً لتدفق الرياح والمتساقطات في الغلاف الجوي، لذا يتوقع أن تتسارع وتيرة الظواهر المناخية.
أمطار غزيرة مفاجئة… وفيضانات
وترجح الفرضيات المعتمدة في أوساط العلماء ارتفاع معدل الحرارة على سطح الأرض درجتين مئويتين بحلول العام 2050.
وقال الخبير المناخي في “جامعة يوتاه ستايت” Utah State University سايمن وانغ Simon Wang إن “الغيوم ستتشكل بطريقة أسهل وأسرع، وستزداد المتساقطات”، معتبراً أن “هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الأمطار الغزيرة المفاجئة والفيضانات”.
ولخص الباحث الوضع قائلاً إن “ارتفاع الحرارة سيؤدي عموماً إلى تضخيم الظواهر المناخية السائدة حالياً”، وأوضح وانغ أن “موجات الصقيع من قبيل الدوامة القطبية التي اجتاحت هذا الشتاء جزءاً كبيراً من أميركا الشمالية ستكون أكثر شدة وانتظاماً، شأنها في ذلك شأن موجات الحر والجفاف”.
ويكمن التحدي بالنسبة إلى علماء الأرصاد الجوية في إدماج “القوة الإضافية” للاحترار المناخي في نماذج التوقعات المناخية التي تزداد تعقيداً.
الاحترار المناخي يزيد قوة التيارات
ولهذه الغاية، يحتاج العلماء خلال العقود المقبلة إلى حواسيب خارقة لا تزال أعدادها قليلة جداً.
فقد استعان عالم الأرصاد الجوية بول وليامز Paul Williams من “جامعة ريدينغ” University of Reading البريطانية بحاسوب خارق من جامعة برينستون الأميركية، هو من الحواسب الأقوى في العالم لدراسة تأثير الاحترار المناخي على تيارات الهواء السريعة على علو عشرات الكيلومترات التي تؤثر على الملاحة الجوية.
وبعد أسابيع من التحليل، جاءت النتائج قاطعة، ومفادها أن “الاحترار المناخي يزيد من قوة هذه التيارات، أي أن معدل الرحلات التي تواجه اضطرابات جوية سيتضاعف بحلول العام 2050”.
وشرح العالم وليامز أن واحداً بالمئة فقط من الرحلات التجارية يواجه حالياً مثل هذه الاضطرابات الجوية، غير أنه من المتوقع أن تزداد نسبة ثاني أوكسيد الكربون ازدياداً شديداً خلال السنوات المقبلة، قائلاً “نحن لا نعلم بعد كيف ستتفاعل الطائرات مع هذه الكتل الهوائية”.
تفاقم ظاهرة الأمواج العملاقة في المحيطات
وبالإضافة إلى الخطر المتزايد في الجو – وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية – خلص العلماء إلى أنه “لا يمكن كذلك الاعتماد على النقل البحري للسفر بهدوء، إذ انه من المتوقع أن تتفاقم ظاهرة الأمواج العملاقة في المحيطات”.
وفي هذا الإطار، ذكر وانغ أن “شركات النقل البحري باتت تواجه المزيد من الأمواج العملاقة، التي يبلغ ارتفاعها 40 متراً”، فيما كانت الأمواج التي يصل ارتفاعها إلى 20 متراً تعد عملاقة في السابق، معتبراً أن “هذا كله ليس سوى بداية التغير المناخي”.
يضاف إلى ذلك أيضاً أن الغطاء الجليدي في غرينلاند بدأ بالذوبان، ما يؤدي على المدى الطويل، “لكن ليس قبل القرن المقبل”، إلى ارتفاع مستوى المحيطات بستة أمتار على ما يقول الباحث في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية إريك بران.
وفي وجه هذه التغيرات جميعها، اعتبرت فانوس أنه “بات من الملح تعديل مناهج التنمية الحضرية في المدن وأساليب العيش بحسب هذا الواقع الجديد لحماية سكان العالم”.