أكد روائيون أن "النص الجيد هو الذي يستطيع الوصول بأي عمل أدبي إلى العالمية، معتمداً في ذلك على ما يثيره من فضول لدى القراء، وقدرته على إدخالهم في عوالم جديدة كلياً عليهم"، كما أكدوا أن "ضعف حركة الترجمة العربية لا يزال يقف حائلاً أمام وصول الرواية العربية إلى العالم".
جاءت تلك التأكيدات خلال ندوة عقدت على هامش فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب تحت عنوان "الرواية من المحلية إلى العالمية" شارك فيها كل من الروائية السورية مها حسن والإعلامي السوداني فيصل محمد صالح.
تساؤلات عدة طرحتها الروائية السورية مها حسن في بداية مداخلتها، حول الأدب المحلي وتعريفاته وطبيعة حدوده الجغرافية، إذ قالت "اعتقد أننا لا نزال نعاني من إشكالية عدم وجود تعريف واضح للأدب المحلي، ولذلك فأنا أفضل عادة الابتعاد عن كافة هذه التصنيفات، لأن الأدب يعد أحد الفنون الإنسانية، لذا لا اعتبر نفسي أنني أكتب الأدب المحلي، وأعتقد أن طبيعة النص هو الذي يفرض نفسه على القارئ ويشده، رغم أنه قد يكون مغرقاً في المحلية، كما حدث مع نص "طبول الحب" الذي ترجم إلى الفرنسية، ففي هذه الرواية أتناول الوضع السوري حالياً، من منظور اجتماعي وليس سياسي، وأعتقد أن طبيعة هذا الموضوع هو الذي خلق الفضول لدى القارئ ليتعرف إلى ما يجري على أرض الواقع، لأننا من خلال الروايات والأدب نستطيع الوصول إلى الاخر، ومن خلال العمل الأدبي يمكن للراوي أن يمارس عملية الكشف عن بنيته الاجتماعية، وأن يخلق من خلالها الفضول لدى الآخر ليبدأ بالبحث".
مها أشارت إلى أن العمل الأدبي يجيب في الكثير من الأحيان عن أسئلة الفضول المعرفي، لذا فهو يعد حاجة جماعية، ولذلك يظل سر الانتقال من المحلية إلى العالمية مرتبطاً بالكتابة الجيدة، لأن النص الجيد يذهب إلى كل مكان في العالم.
الاعلامي السوداني فيصل محمد صالح، أكد أن إغراق العمل الأدبي في المحلية يخلق الفرصة أمامه للوصول إلى العالمية، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة ايجاد تعريف واضح لمفهومي المحلية والعالمية، ضارباً في أعمال ماركيز مثلاً، وقال "هناك الكثير من الكتاب في العالم الذين قدمواً أعمالاً مغرقة في المحلية، ولكنهم تمكنوا من الوصول إلى العالمية، لما تمتعت به أعمالهم من صدق وأصالة، الأمر الذي قدمها في قالب حقيقي. وأعتقد أن أخطر ما يواجه أي كاتب هو وضعه لفكرة الوصول إلى العالمية قبل شروعه في الكتابة، لأن ذلك سيفقد النص عنصر الصدق والعفوية الفنية، لأن الكاتب عادة يسعى من خلال أعماله إلى نقل صور ومشاعر وعوالم يعيش فيها وبالتالي فهو الأكثر معرفة لها، ولنا في الكاتب نجيب محفوظ اسوة، حيث استطاع الحصول على جائزة نوبل للآداب، رغم أن معظم أعماله لم تخرج من نطاق الحارة الشعبية".
وواصل فيصل: "أظن أنه لا تنقصنا في العالم العربي الأعمال الرائعة التي استطاعت أن تصل إلى العالمية، ولدينا أمثلة كثيرة مثل واسيني الأعرج ونجيب محفوظ والطيب صالح وغيرهم". مؤكداً بأن العوالم المحلية تتحول في الأدب الى عوالم مدهشة ومغرية للأخرين الباحثين عن شيء جديد، داعياً في هذا الصدد، إلى ضرورة الاهتمام بحركة الترجمة في العالم العربي، وقال: "لا نزال في منطقتنا العربية نعاني من ضعف حركة الترجمة، الأمر الذي جعلها تقف عائقاً امام انتشار الأدب العربي حول العالم.