فيما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من تصاعد نسبة الإصابة بوباء الكوليرا في العراق في ظل تردي الأوضاع الصحية فيه بسبب تساقط أمطار غزيرة، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن تسجيل نحو 2500 إصابة منذ سبتمبر/ أيلول 2015، أكدت إن الوباء إنتقل إلى دول مجاورة للعراق، مثل سورية والكويت.
وقالت المنظمة في بيان لها إن"الأمطار الغزيرة التي تساقطت في العراق خلال الأيام الماضية والتي تسببت في إنسداد شبكات الصرف الصحي، قد تساهم في إتساع رقعة إنتشار الوباء.
وأكدت اليونسيف إن"الكوليرا إنتقلت من العراق إلى الكويت وسورية والبحرين، محذرة من تحول الكوليرا في العراق إلى وباء إقليمي.
وقال مدير المنظمة الدولية في العراق بيتر هوكينز، إن"نسبة كبيرة من الميزانية الحكومية تنفق على الأمن على حساب الخدمات الأخرى مثل البنى التحتية، وخاصة إمدادات المياه.
وتزامنت هذه التحذيرات مع ما كشفته وزارة الصحة العراقية عن تسجيل أكثر من مئتي إصابة جديدة بوباء الكوليرا على مدى الأيام الأخيرة، ليرتفع إجمالي الإصابات منذ سبتمبر الماضي إلى نحو 2500 إصابة مؤكدة.
وقال رئيس الاتصالات والشراكات الإستراتيجية لمكتب اليونيسف في العراق، جفري باتس: ان" اليونيسيف وبالتعاون مع وزارة الصحة العراقية ومنظمة الصحة العالمية وشركاء آخرين، تعمل لوقف إنتقال الكوليرا في العراق، مشيرا إلى عدم وجود قيود على السفر بالنسبة للدول المرتبطة بتفشي وباء الكوليرا، وأفضل طريقة لضمان عدم إنتشار الوباء هي منعه في المصدر".
وأضاف ان"اليونيسف تساعد على وجه التحديد في توريد إمدادات المياه الصالحة للشرب أو معالجة المياه، والمواد اللازمة لعلاج المرضى في المنازل، مثل محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم والاتصالات لمساعدة الناس على فهم ما يمكن القيام به لحماية أنفسهم وأسرهم من الكوليرا، وماذا تفعل اذا كان شخص ما يصبح مريضا و عندما لتلقي العلاج الطبي".
ويرى باتس ان هناك ضرورة للعلاج المنزلي، من خلال زيادة السوائل في الجسم، بما في ذلك إستخدام حلول الإماهة الفموية، إذا كان الشخص يعاني من أعراض حادة، ينبغي التماس العناية الطبية على الفور، والعناية الطبية العاجلة تقلل كثيرا من الوفيات بسبب الكوليرا، ولمنع حدوث حالات أخرى، ومياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي الملائمة ضرورية.
يؤكد باتس ان"الملايين من العراقيين والوافدين من دول أخرى، يتهيئون لزيارة الأربعينية، يوم الثاني من ديمسبر / كانون الأول 2015، ويمكن أن نرى الملايين من الحجاج يأتون إلى العراق، والخطر الأكبر هو أن الكوليرا سوف تصيب أولئك الزائرين ومعدل الإصابة قد تطغى قدرة النظام الصحي لمساعدتهم، وقد وضعت اليونيسف وشركاؤها في مكان خدمات متعددة، مثل الرسائل الرئيسية على سلامة المياه والنظافة والعلاج، وجنبا إلى جنب مع الوزارات المختلفة على المستويين المحلي والوطني، فضلا عن توسيع الخدمات الصحية وإمدادات الصرف الصحي".
وعن مستوى التعاون مع الجهات المعنية في العراق لاحتواء الكوليرا، قال باتس ان"مركز القيادة والسيطرة على الكوليرا (C4)، في مجلس الوزراء العراقي، الذي يشرف على جميع عناصر الاستجابة إقليميا، يتعاون مع اليونيسيف وكذلك منظمة الصحة العالمية، جنبا إلى جنب، لضمان آلية استجابة موحدة وفعالة في مكانها الصحيح".
يؤكد باتس ان"هناك معاناة في العراق في مجال الخدمات بسبب الصراع الدائر فيه، ولكن العراق بلد الكوليرا المتوطنة مع تفشي يحدث كل 3 إلى 5 سنوات، مثلما في عامي 2012، و2007 ، ومالم يتم إصلاح شبكات الصرف الصحي، سوف يتضاءل حجم وتواتر تفشي المرض في المستقبل".
المتحدث بأسم وزارة الصحة العراقية أحمد الرديني يرى ان"سبب الإصابات بالكوليرا في الدول المجاورة للعراق، هو كون بيئة تلك الدول مشابهة لبيئة العراق، وليس بالضرورة ان يكون المرض إنتقل من العراق إلى الدول المجاورة له.
وأشار الرديني إلى ان"تصريحات اليونسيف خاطئة، والسبب هو ان مكتب الأمم المتحدة في كردستان العراق، أكد إنتقال الكوليرا من العراق إلى البحرين وسورية والكويت، وسرعان مانفت مديرة المكتب الإقليمي المتوسط، تلك الأنباء وقالت انه لاتوجد كوليرا في سوريا، وهناك خمس حالات فقط في الكويت منذ شهر، وبذلك فإن تحذيرات اليونسيف التي أطلقت جاءت بناء على تصريحات كردستان".
وأضاف ان"العراق يقوم بإجراءات للرصد الوبائي وتوفير العلاج اللازم، وكمخطط بياني لوباء الكوليرا، فإن الإصابات في العراق بدأت بالإنخفاض وهي مؤشرات لبداية نهاية المرض، غير ان المناخ يلعب دور كبير، ومؤشرات العراق للسنوات السابقة التي ظهرت فيها اصابات من كل عام، تبدأ المعدلات بالانخفاض إلى أن تنتهي".
وأوضح ان"موضع المخاوف والتحذيرات اخذ أبعاد مختلفة قد تصل الى سياسية، لكن مسألة انتشار المرض من الممكن ان يحصل لان تلك البلدان تواجه نفس الوضع البيئي في العراق من ناحية نظام الصرف الصحي، الا انها تختلف باتجاه النشاط البكتيري للكوليرا، ومن الممكن تظهر الكوليرا في بيئتهم، الا ان مسألة انتقالها من العراق الى هناك غير ممكن.
وأكد الرديني وجود فيضانات ومياه راكدة، ومن الممكن ان يكون تفاعل للكوليرا، لكن الوزارة ماضية بحملات التوعية ومراقبة نسبة الكلور في المياه، حيث نحاول المحافظة على مياه شرب نقية عن طريق الكلور وحبوب التعقيم، وذلك حجر الأساس لمنع تطور المرض، مشيرا إلى ان الوزارة تقوم أيضا بتوزيع علاج ولقاحات، مقدمة من منظمة الصحة العالمية لنحو نص مليون لقاح.
ويتوقع أخصائيون في مجال الأمراض الانتقالية أن تتسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة بغداد خلال الأيام الأخيرة، وتسببت في غرق العديد من المناطق، في زيادة حالات الإصابة بالوباء نظرا لتلوث مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي في بغداد.
يشار إلى أن وزارة الصحة العراقية أعلنت مصرع 58 شخصا صعقا بالكهرباء بسبب الأمطار الغزيرة التي أغرقت نظام الصرف الصحي في بغداد ومناطق أخرى.
ويرى أستاذ الطب الباطني في الجامعة المستنصرية، بغداد، رافد علاء الخزاعي، ان "الكوليرا لا تسجل خطورة على صحة الإنسان في حالة إكتشافها مبكرا، والتعامل معها عبر تعويض السوائل من خلال الإرواء الفموي والوريد، وإعطاء المصابين الأدوية المناسبة، ولكن الاهم هو الوقاية من المرض عبر شرب الماء المأمون والطعام المأمون والإهتمام بالنظافة الشخصية ولاسيما غسل اليدين والأطعمة وطبخها جيدا والاهتمام بالصرف الصحي".
وقال ان" كل هذه العوامل تقلل من إنتشار وحدة المرض وتقليل المكابدات والمعاناة عن المرضى وأهليهم، وكذلك من خلال التعاون مع دول الجوار ومنظمة الصحة العالمية، لتوثيق وحصر الوباء، والتثقيف على مخاطره عبر وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وهذا مايساهم في حصر الوباء ومتابعة المصابين حتى شفائهم النهائي وتقليل معاناتهم ومكابداتهم".
ويتوقع مدير مكتب صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في العراق، بيتر هوكينز، إن مرض الكوليرا قد يتحول إلى وباء إقليمي مع إستعداد الملايين لزيارة دينية بالعراق، في اشارة لزيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام.
وأشار هوكينز إلى وجود خطر من "انتشار المرض على مستوي اقليمي مع قدوم اناس من شتى انحاء المنطقة الى العراق، في وقت توجد إصابات مؤكدة بالمرض في البحرين والكويت وسورية".
ورُصد المرض الذي من الممكن أن يؤدي الى الوفاة خلال ساعات، غرب العاصمة بغداد في أيلول الماضي، وأصاب منذ ذلك الحين 2200 شخص على الاقل، وتسبب في وفاة ستة، وفقا لاحصائيات رسمية.
والكوليرا، والتي تعرف أحيانا باسم الكوليرا الآسيوية أو الكوليرا الوبائية، هي الأمراض المعوية المعدية التي تُسببها سلالات جرثوم ضمة الكوليرا المنتجة للذيفان المعوي. وتنتقل الجرثومة إلى البشر عن طريق تناول طعام أو شرب مياه ملوثة ببكتيريا ضمة الكوليرا من مرضى كوليرا آخرين.
ويُفترض أن الإنسان هو المستودع الرئيسي للكوليرا، ولكن تواجدت أدلة كثيرة على أن البيئات المائية يمكن أن تعمل كمستودعات للبكتيريا.
وضمة الكوليرا هو جرثوم سلبي الجرام ينتج ذيفان الكوليرا، وهو ذيفان معوي، يعمل على تبطين الأغشية المخاطية للأمعاء الدقيقة، وهذه العملية هي المسؤولة عن هذا السمة الأكثر بروزا للمرض، الإسهال المستنزف.
وفي أشكاله الأكثر حدة، الكوليرا هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، وقد ينخفض ضغط الدم في الشخص السليم إلى مستويات انخفاض الضغط في غضون ساعة من بداية ظهور أعراض المرض، وقد يموت المرضى المصابين في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي.
الله يحفظ زورنا
الله يحفظ زوار الامام الحسين (ع)ويرجعون بالسلامة