نظم مركز عبدالرحمن كانو الثقافي محاضرة بعنوان "لمحات من تاريخ الترجمة لدى العرب بين الماضي والحاضر" للكاتب والباحث رضي السماك.
وفي بداية المحاضرة التي قدمها مهدي عبدالله ، أشار رضي السماك إلى أن مرحلة الترجمة قبل الإسلام يصعب فيها تحديد الفترة التي بدأ فيها ظهور الترجمة في تاريخنا العربي، حيث أن هناك أشخاص مختصين في مجال الترجمة وكانوا على علم باللغات الأعاجم منذ ما قبل الإسلام ، حيث اختلط العرب بالأجانب عن طريق رحلاتهم التجارية منذ قديم الزمان واحتكوا بثلاث أمم على الأقل وهم الفرس والروم والأحباش ، والى حد ما السريان والهنود والمصريين القدماء .
وأوضح السماك ان احتكاك المسلمين مع أمم أخرى ازداد في صدر الإسلام وازدهر، وبدأت ترجمات رسائل الرسول صل الله عليه وسلم إلى ملوك الأقوام والشعوب غير العربية، ومنهم قيصر الروم وكِسرى ملك الفرس ونجاشي الحبشة ومقوقس ملك الإسكندرية ، هذا إلى جانب الرسائل التي بعث بها الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم إلى قيادات أقوام عديدة لأغراض شتى وأهمها الدعوى للإسلام.
وأشار إلى أن العصر الأندلسي هو عصر ازدهار الحضارة العربية والثقافة والفلسفة ولم تقتصر الترجمة والنقل إلى اللغة العربية بل تم التوسع في شرح النص المعرب والتعليق عليه ، ولعل ابرز فيلسوف عربي وهو ابن رشد الذي لم يكتفي بترجمة أعمال أرسطو بل قام بشرحها والتعليق عليها ، ويمكننا القول أن أعمال الترجمة في هذا العصر تركزت في النقل من العربية إلى اللغات الأوروبية على أيدي المستعربين أو المستشرقين الذين نقلوا علوم العرب الى شعوبهم أكثر من الترجمات الى العربية .
بعد ذلك تطرق ، السماك إلى عصر الترجمة خلال عهد محمد علي باشا في مصر ، حيث عرف عنه اهتمام بندب البعثات المصرية العملية إلى أوروبا وأهمها فرنسا ، وكانت البعثات الأولية والتي ضمت أتراكا ومسيحيين وخاصة من سوريا ولبنان ، وهؤلاء قاموا بأعمال جليلة من خلال تنشيط حركة الترجمة في مصر ، حيث بلغت الكتب المترجمة على أيدي خريجين 2000 كتاب في مختلف المجالات على مدى عقدين من الزمن .
وأشار الى موضوع الترجمة من عصر النهضة الى العصر الحديث ، حيث شهد القرن العشرين ذروة هذا الإنتاج ، وخلال النصف الأول من هذا القرن تركز نشاط الترجمة خاصا في مصر ولبنان وسوريا وغالبية الترجمات تتم من اللغة الفرنسية والانجليزية للعربية ، ويلاحظ ان نصيب الكتب الأدبية المترجمة الى العربية شغلت حيزا كبيرا لاسيما الروايات والقصص ، ومن الرموز الأدبية العربية التي شاركت في أنشطة الترجمة خلال النصف الأول من القرن العشرين ومنهم سليمان البستاني وطه حسين والشاعر حافظ ابراهيم ومحمد السباعي ومحمد بدران وغيرهم الكثيرين ممن أثروا المكتبة العربية بأهم الكتب الادبية ، بعد ذلك وفي ظل حصول معظم الدول العربية على استقلالها حصلت طفرة في الترجمة فظهرت الترجمة الفورية المباشرة بأعمال الاجتماعات والمؤتمرات ، كما ظهرت الترجمة المطبوعة على الافلام الأجنبية وسبقتها الترجمة المدبلجة ، وفي السنوات الأخيرة تم اختراع الترجمة الآلية الفورية المكتوبة من خلال الشبكة العنكبوتية .