شدد الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، أمس الجمعة (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) على أن «درء خطر الإرهاب يسترعي مضافاً إلى استنفارِ كلِّ الجهودِ وتوظيفِ كلِّ الإمكانيَّاتِ لحربِه فهو يسترعي مضافاً لذلك إعادةَ النظرِ في مجملِ السياساتِ المتَّبعةِ في إدارةِ شئونِ البلادِ والعبادِ والتصالحَ والشروعَ في حواراتٍ جادةٍ وصادقةٍ وتوسيعَ دائرةِ المشاركةِ وإطلاقَ حريةِ التعبيرِ عن الرأي، وتمكينَ الناسِ من حقوقِها ونزعَ فتيلِ الاحتقانِ».
كما نبه إلى أن «التوظيفَ السياسيَّ لظاهرةِ الإرهابِ وابتزازَ المعارضةِ بتخويفِها من الاتِّهامِ بالإرهابِ يضرُّ بفاعليَّةِ الحربِ على الإرهابِ الحقيقيِّ ويُفضي إلى تعويمِ هذا الخطرِ الداهمِ ويَبتذلُه، ويمنعُ من تظافرِ الجهودِ لمحاربتِه. إنَّ المعارضةَ في البلادِ وجمهورَها الواسعَ بمختلفِ تلاوينِه يرفضُ الإرهابَ والعنفَ بكلِّ أشكالِه ومراتبِه، ويتبنَّى الخيارَ السِلْمي كخيارٍ استراتيجي، فليس من الإنصافِ التشكيكُ في أدائِها أو نواياها، فقد أثبتت الأيامُ أنَّها تمتُّعُ بأعلى درجاتِ المسئوليَّةِ وتحرصُ شديداً على أمنِ واستقرارِ الوطنِ وأهلِه بمختلفِ طوائفِه».
وذكر أن «الإرهابَ له وجهٌ واحدٌ قبيحٌ وبَشِع، فهو كذلك لو وقعَ في العراقِ أو لبنانَ أو سوريا والكويتِ أو وقعَ في مصرَ أو فرنسا، فهو في كلِّ المواقعِ والدوائرِ قبيحٌ وشنيع، فلا ينبغي التمييزُ في التشنيعِ والاستبشاعِ بينَ موقعٍ وآخر، ولا ينبغي أنْ تؤدي بنا الخصوماتُ المذهبيُّةُ أو السياسيَّةُ إلى التجرُّدِ من الحسِّ الإنسانيِّ فنُهلِّلُ للإرهابِ ونُبرِّرُ له حينَ يقعُ في موضعٍ ونشجبُه ونتباكى على ضحاياه حينَ يقعُ في موضعٍ آخر».
وفي خطبته، قال صنقور: «الواضحُ أنَّ ثمة إجماعاً إنسانيَّاً على قُبحِ الإرهابِ وشَناعتِه، والذي يؤشِّرُ لذلك هو أنَّه ما مِن أحدٍ - دولةٍ أو ملَّةٍ أو حزبٍ أو فصيلٍ - إلا وهو يَتبرأُ من الاتِّصافِ أو التبنِّي للإرهابِ، ويأبى على الآخرينَ اتَّهامَه بالاتِّصافِ به أو التبنِّي له، ويُعبِّر أيضاً عن قيامِ الإجماعِ على قُبحِ الإرهابِ وشناعتِه تراشقُ الاتِّهامِ به بين الأطرافِ المتنازعةِ، فكلُّ طرفٍ يتَّهمُ الآخرَ بمقارفةِ الإرهاب وينفي عن نفسِه المقارفةَ له، فالإرهابُ سُبَّةٌ وسَوءةٌ تتقاذفُ بها الأطرافُ المتنازعة، ويهدفُ كلُّ طرفٍ من اتِّهام الآخرِ بالإرهابِ إلى تشويهِ صورةِ الطرفِ المنازع وابتزازِه وإرغامِه على قبولِ ما لا يقبلُه لولا خشيةُ اتِّصافِه بالإرهابِ كما يستهدفُ كلُّ طرفٍ من التراشقِ بهذه السُبَّةِ اجتذابَ التعاطفِ من الأطرافِ الخارجةِ عن النزاعِ أو يستهدفُ من ذلك درءَ خطرِ الإرهابِ عن نفسِه وذلك بتحذيرِ الطرفِ الآخر من تعاطي الإرهابِ بواسطةِ المبادرةِ إلى اتِّهامِه بسلوكِ الإرهاب أو تبنِّيه، وكلُّ ذلك يؤشِّرُ بوضوحٍ إلى انعقادِ الإجماعِ الإنساني على قُبحِ الإرهِاب وشناعتِه ومنافاتِه لفطرةِ اللهِ التي فطرَ الناسَ عليها».
وتساءل صنقور عن «ما هو منشأُ وقوع الإرهابِ خارجاً رغمَ تسالمِ الناسِ على اختلافِ مشاربِهم وأديانِهم وثقافاتِهم على قُبحِه وبشاعتِه؟».
وقال: «منشأُ ذلك يتمحَّضُ في تجرُّدِ المتعاطي للإرهابِ عن إنسانيتِه لتغليبِه لمصالحِه ونزوعِه في الهيمنةِ والنفوذِ كلٌّ بحسبِه وفي دائرتِه أو لفرض رؤاه، ولأنُّه يُحاذرُ من الإزراءِ به وافتضاحِ تجرُّده عن إنسانيَّتِه لذلك فهو يُغلِّفُ سلوكَه بعناوينَ يَحرصُ على أنْ تكونَ مقبولةً لدى العقلاء وأنْ تكونَ في ذاتِ الوقتِ صالحةً لإقناعِ النفسِ لو تأثمت وإقناعِ المؤيديَنَ بمشروعيَّةِ ما يقترفُه من إرهابٍ في حقِّ الآخرينَ. فالمتعاطي للإرهابِ من أيِّ ملةٍ إمَّا أنْ يَتدثرَ بالدينِ ويزعُمُ أنَّه قد شرَّعَ له التوسُّلَ بالعنفِ والبطشِ والفتكِ لإعلاءِ كلمةِ الله في الأرضِ أو أنَّه يُغلِّفُ إرهابَه واستهدافَه للأبرياء بدعوى أنَّ ذلك هو طريقُ الاستردادِ للحقوقِ المسلوبةِ، أو يُعنونُ المتعاطي للإرهابِ ظلمَه وتعسُّفَه وترويعَه وفتكَه بالأبرياء بعنوانِ الحمايةِ للأمنِ القومي أو العالمي أو المحلِّي أو بالحرصِ على إعادةِ الأمنِ والاستقرار، أو بأنَّ المستهدفينَ إرهابيونَ والجزاءُ من جنسِ العمل. كلُّ هذه وشِبهِها عناوينُ وذرائعُ يتذرعُ بها المتعاطي للإرهاب لدرءِ صفةِ الإرهابِ عن نفسِه ولأنَّ هذه العناوينَ والذرائعَ قد تُسهمُ في تمريرِ مشروعِه أو تَصفيةِ خصمِه أو حمايةِ مصالحِه وتثبيتِ نفوذِه».
وأضاف «ما يَهمُّنا بالدرجةِ الأولى هو ما يَتذرعُ به الإرهابيُّون الذين يزعُمونَ الانتماءَ للإسلامِ مِن دعوى أنَّ الإسلامَ قد شرَّعَ لهم تَعاطي العنفِ وترويعَ الآمنينَ واستهدافَ الأبرياءِ لإعلاءِ كلمةِ الله في الأرضِ، وقد أعظموا بذلك على اللهِ الفِريةَ، فما أباح اللهُ لهم ذلك، ولم يأذنْ لأحدٍ في التوسُّلِ بسفكِ الدماءِ وهتكِ الأعراض وإحراقِ الحرثِ والنسلِ لتبليغِ دينِه، فآياتُ الله تعالى صريحةٌ وكذلك سُنةُ رسولِه المعتبرة وهديُ أهلِ بيتِه (ع)، يقول الله تعالى: «ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» تلك هي الوسيلةُ المشروعةُ للدعوةِ إلى دينِ الله تعالى، الحكمةُ والبرهانُ والوعظُ والنصيحةُ والحوارُ والمجادلةُ بالتي هي أحسن».
وذكر صنقور أن «القرآنَ الكريمَ أوضحَ طبيعةَ العلاقةِ التي تربطُ المسلمينَ بغيرِ المسلمينَ، وأفاد - لدفعِ ما قد يتوهَّمُه المسلمونَ- بأنَّ الله تعالى لا ينهى عن التعاطي مع غيرِ المسلمينَ بالبرِّ والقسطِ أي بالإحسانِ والعدلِ بل إنَّه تعالى يُحبُّ المقسطينَ ويأمرُ بالقِسطِ، قال تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» فالذينَ يَدينونَ بغيرِ الإسلامِ إذا لم يُبادروكم بالعدوانِ فأنتم غيرُ منهيينَ عن الإحسانِ إليهم وأنتم في ذاتِ الوقتِ مأمورونَ بالتعاطي معهم على أساسِ العدلِ والإنصافِ، نعم إنَّ اللهَ عزَّ وجل ينهى عن موادَّةِ الذينَ بادروا المسلمينَ بالقتالِ أو أخرجوهم من ديارِهم أو ظاهروا على إخراجِهم، فهؤلاء يتمُّ التعاملُ معهم بالقطيعةِ إلى أن يكفُّوا عن عُدوانِهم ويثوبوا إلى رُشدِهم وإنْ قاتلوا المسلمينَ فعلى المسلمينَ أنْ يقاتلوهم قال تعالى: «إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» فمثلُ هؤلاءِ أعني المقاتلينَ أذِنَ اللهُ بمقاتِلتهم ودرءِ عدوانِهم، والقتالُ يعني بحسبِ مدلولِه اللغوي والعرفي هو المواجهةُ في الحرب وليس الاستهدافَ لغير المقاتلينَ في ساحة الحربِ فضلاً عن الاستهدافِ للأطفالِ والنساءِ والشيوخِ الذينَ نهى رسولُ اللهِ (ص) صريحاً عن استهدافِهم حتى وإنْ كانتِ الحربُ قائمة، وممَّا ذكرناه يتَّضحُ أنَّ كلَّ آياتِ القتالِ والجهادِ كانت بصددِ الإذنِ أو الأمرِ بقتالِ المعتدينَ والمحاربينَ من غيرِ المسلمينَ، والأمرُ والإذنُ فيها يَتمحَّضُ بقتالِ المقاتلينَ في ساحاتِ الحربِ وما عدا ذلك يكون عدواناً نهى عنه القرآنُ المجيدُ ونهى عنه الرسولُ الكريمُ (ص) فيما صحَّ عنه. ولولا خشيةُ الإطالةِ لأفضنا الحديثَ بتعدادِ الشواهدِ من سنَّةِ الرسولِ (ص) وهدي أهلِ بيته (ع)».
وبين صنقور أن «الأنكى أنْ هؤلاء الإرهابيينَ - الذين يفترونَ على دين الله بزعمِهم تشريعَه لجرائمِهم وقبائحِهم - يَرون أنَّهم وحدَهم الموحدونَ للهِ تعالى، ومَن عداهم من المسلمين كفارٌ أو ضالُّونَ مبتدعونَ وعلى ذلك استندوا في استباحتِهم لدمائِهم وأعراضِهم وأموالِهم، بأبشعِ صورِ الفتكِ ووسائل البطشِ والتنكيل، ولستُ في المقامِ بصددِ الحديثِ عن منابعِ قوتِهم وتمدُّدِهم إلا أنَّه على الجميعِ أن يتأكَّد أنَّ هذا التيارَ الظلاميَّ الجارفَ الذي استطاعَ أن يبتلعَ الموصلَ ومساحاتٍ شاسعةً من الأراضي السورية وتمكَّنَ بكلِّ اقتدار أنْ يخترقَ الأمنَ في دولٍ هي عصيةٌ على الاختراقِ، هذا التيارُ قادرٌ على زلزلةِ الأمنِ والاستقرارِ في عموم أرجاءِ الوطنِ العربي وهو لا يُخفي غايتَه في الهيمنةِ على كلِّ أراضي الخلافةِ الإسلاميَّةِ، فهذا التيارُ هو الجديرُ بالمحاذرةِ منه واستنفارِ كلِّ الجهودِ والطاقاتِ لدرءِ خطرِه، وأمَّا التوظيفُ السياسيُّ أو المذهبيُّ لوجودِه فهي مقامرةٌ خَطِرةٌ غائمةُ الأفُق، هذا لو قبِلنا بتهوينِ الأمر وإلا فالأثَرُ الكارثيُّ من وجودهم حتميُّ الوقوعِ يبصرُه العقلاء ولنْ يَستثنيَ شعباً ولا نظاماً في المنطقةِ إن لم يتمَّ التداركُ للأمر».
العدد 4823 - الجمعة 20 نوفمبر 2015م الموافق 07 صفر 1437هـ
الخطبة لابد ان تترجم وتنشر في العالم
أحسنت شيخنا على هذا البيان الذي وضعت فيه النقاط على الحروف عن الاسلام الاصيل ومبادئه وهذه الخطبة يجب ان تنشر وتترجم لأكثر من لغة ليعرف العالم سماحة الاسلام ومن هم الارهابيين
الخطبة لابد ان تترجم وتنشر في العالم
أحسنت شيخنا على هذا البيان الذي وضعت فيه النقاط على الحروف عن الاسلام الاصيل ومبادئه وهذه الخطبة يجب ان تنشر وتترجم لأكثر من لغة ليعرف العالم سماحة الاسلام ومن هم الارهابيين
نعم
أحسنت شيخنا الجليل أدام الله عزك
كلمة
احسنت شيخنا الجليل خطبة متكاملة وثرية