قال استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية بمجمع السلمانية الطبي محمد نعيم ناصر إنه يصادف الـ 14 من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام الاحتفال بيوم السكر العالمي، وتشارك دول العالم في إحياء هذا اليوم لتعزيز الوعي الصحي بمرض السكري وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل الانتشار العالمي للسكري يقدر بنحو 9 في المئة بين البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18عاماً أو أكثر.
وتابع نعيم "وفي العام 2012 كان السكري سبباً مباشراً في نحو 1.5 مليون حالة وفاة. وتعد مضاعفات السكري بالغة الخطورة وهي تتمثل في ما يصيب الأوعية الدموية، وأمراض القلب والسكتة وأمراض الكلى والعمى واعتلال الاعصاب والتهابات اللثة والقدم السكرية التي قد يصل الأمر إلى بترها.كما ويعد مرض السكري من الامراض الشائعة في دول الخليج العربي بما فيها البحرين، و أغلب الحالات لا يتم علاجها بجرعات الأنسولين، حيث يتم علاج الأشخاص المصابين بهذا النوع من داء السكري عن طريق الأدوية وذلك للمحافظة على مستوى السكر في الدم أو من خلال إلزامهم باتباع حمية غذائية ويسمى هذا النوع من داء السكري بالنمط الثاني او بداء السكري لللبالغين. أما النوع الآخر والذي يعد أقل شيوعاً يصيب الأطفال واليافعين و يتم علاجه عن طريق جرعات الأنسولين ويسمى بالنوع الأول، والمصابين بهذا النوع من السكري يتوجب عليهم أخذ جرعات يومية من الأنسولين للسيطرة على مستوى السكر في الدم".
وقال ناصر استشاري أمراض العيون إن الاتحاد الدولي للسكري كان قد أعلن في العام 2014 أن خمسة من أكبر 10 دول وفقا لأعلى معدلات انتشار مرض السكري (عند البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 79 عاما) وهي في منطقة الخليج ونسب الإصابة بداء السكري في هذه الدول هي كالتالي :المملكة العربية السعودية ( 23.9 في المئة) دولة الكويت ( 23.1 في المئة ) مملكة البحرين ( 21.9 في المئة) دولة قطر ( 19.8 في المئة ) دولة الإمارات العربية المتحدة ( 19 في المئة).
أما حول اعتلال الشبكية فأشار نعيم إلى أن داء السكري بتلف الأوعية الدموية الدقيقة في جميع أنحاء الجسم مما يؤثر على العديد من الأعضاء كالكلى و المخ و الأعصاب وكذلك شبكية العين. ويؤدي تلف الأوعية الدموية المتصلة بشبكية العين الى حدوث نزيف في الشبكية اوفي الجسم الزجاجي والى تسرب سوائل في الشبكيه وخاصة في البقعة الصفراء وهي المنطقة الوسطى في الشبكية والمسئولة عن البصر الحاد. ويؤدي ذلك الى اضمحلال في الإبصار او حتى فقدانا تاما للابصار في كثير من الحالات.
وتابع أن جميع مرضى السكري معرضين للإصابة بهذا الخلل في شبكية العين فقد بينت فحوصات العيون لمرضى السكري في البحرين بأن 20.4 في المئة منهم مصاب باعتلال الشبكية ونصفهم مهددون بفقدان الابصار وبذلك يكون هذا الخلل شائعاً جدا في البحرين. كما ويرتبط اعتلال الشبكية ارتباطا وثيقا بمدة اصابة مرض السكري، جنبا إلى جنب مع غيرها من المشكلات الطبية مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى أو حتى الحمل، حيث تزيد من مخاطر إصابة اعتلال الشبكية و لذلك مراقبة جيدة لمستويات السكر في الدم وكذلك مشاكل طبية أخرى ذات أهمية كبيرة في جميع مرضى
وفيما يتعلق بالفحص الدوري للعين قال الدكتور محمد نعيم ناصر استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية بمجمع السلمانية الطبي: إن الفحص الدوري للعين مهم جداً لجميع مرضى السكري. والكشف المبكر عن إعتلال شبكية العين بإمكانه إبطاء تطور هذا المرض الذي يؤثر على حدة الابصار، ويتضمن هذا الفحص الكشف عن وجود أوعية دموية غير طبيعية في شبكية العين .بالإضافة الى فحص قياس النظر و ضغط العين يتم توسعة بؤبؤ العين للفحص الدقيق للشبكية وذلك من خلال عدة عدسات خاصة و أدوات أخرى.
وتابع "ويتم اللجوء في بعض الحالات الخاصة إلى اختبار آخر للتشخيص باستخدام الفلوروسين لتصوير الأوعية الدموية. ويتضمن هذا الاختبار حقن المريض بصبغة الفلوريسينت في الوريد سواءاَ في الكف أو الساعد وأخذ صور للشبكية في أثناء مرور هذه الصبغة في أوعية الشبكية ليوضح اعتلال الأوعية المصابة".
وحول ماهية البقعة الصفراء أوضح استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية هو مصطلح يستخدم لتورم في الجزء المركزي من الشبكية صغيرة التي تستخدم لرؤية حادة و في بعض الأحيان، عندما يضعف السكري الأوعية الدموية المغذية للشبكية العين، بعض من الأوعية الدموية تقوم بتسريب السوائل والدهون في الشبكية مما يؤدي إلى انتفاخها كما أنها تصبح أكثر سمكاُ وهذا تورم في الجزء الأوسط من شبكية العين يمكن أن تؤدي إلى رؤية منخفضة ويمكن أن يتطور في أي مستوى من اعتلال الشبكية.
كما وأشار إلى طرق علاج الشبكية من شأنها إبطاء تطور الخلل الذي يصيب شبكية عين مريض السكري إلى جانب السيطرة على مستوى السكر في دم المريض من خلال الأدوية والحمية الغذائية ومنها العلاج بالليزر الذي يعد مهماً في حال تطور حالة اعتلال الشبكية لدى مريض السكري بشكل يهدد بصره. وفي أغلب الأحيان يحتاج المريض إلى أكثر من جلسة ليزر تحت تأثير التخدير الموضعي. ومن المهم معرفة أن نتيجة العلاج بالليزر تتطلب وقتاً لتظهر، كما أن هذا العلاج قد يتسبب بسوء حالة البصر لفترة مؤقتة، ولا يبدأ بالتحسن قبل عدة أسابيع أو أشهر في أحيان أخرى. ومع ذلك في اعتلال الشبكية السكري المتقدم، فإن فوائد العلاج بالليزر في الحد من خطر فقدان البصر الدائم والحاد تفوق بكثير الآثار الجانبية.
وتابع نعيم: أن هناك علاج حقن العني حيث يتم علاج بعض المرضى الذين يعانون من وذمة البقعة الصفراء السكري مع حقنةفي العين من دواء كورتيكوستيرويد أو الأدوية التي توقف نمو وتسرب الأوعية الدموية وتسمى (Anti-VEGF) ويتم حقن هذه الأدوية في الجسم الزجاجي للعين والسائل الزجاجي هو السائل مثل هلام التي تملأ تجويف الأوسط من العين أمام الشبكية. هذه الحقن يقلل من وذمة البقعة الصفراء ويحسن الرؤية . غير أن هذه الإبر تكون فاعلة من شهر إلى 4 أشهر وذلك وفقاً لنوع الإبرة المستخدمة وبالتالي فإنه من اللازم تكرار هذه العملية خلال فترات متقطعة.
وأضاف "أما طريقة العلاج الثلاثة فهي تتم عن طريق الجراحة وهذه الطريقة تأتي خلال التعامل مع الحالات الحادة التي يصعب على الليزر علاجها لوحده أو في حال حدوث مضاعفات كانفصال الشبكية أو نزيف في الشبكية يتم اللجوء إلى الجراحة حيث يتم استئصال زجاجية العين (إزالة هلام العين ) قد يتم استخدام العلاج بالليزر أيضاً في بعض الحالات وذلك في أثناء العملية الجراحية، وقد يتم إبقاء الشبكية في مكانها بحقن غاز أوزيت السيليكون في العين وحيث يتلاشى الغاز بعد عدة أسابيع فيما يتم إجراء عملية أخرى لإزالة الزيت وذلك بعد استقرار حالة المريض".
وحول كيفية الوقاية من اعتلال شبكية العين، قال استشاري أمراض العيون وجراحة الشبكية بمجمع السلمانية الطبي: "إنه بالإمكان ذلك من خلال اتباع مجموعة من التعليمات ومنها السيطرة على مستوى السكر في الدم من خلال الحمية الغذائية و التمارين الرياضية إضافةً إلى الأدوية و السيطرة على الأمراض الأخرى المصاحبة لداء السكري كارتفاع ضغط الدم و الكولسترول، إجراء اختبار اعتلال شبكية العين حال تشخيص إصابة المريض بداء السكري،و فحص المرأة الحامل المصابة باعتلال الشبكية للحد من سوء الحالة خلال فترة الحمل،وإجراء فحص العيون مرة سنوياً على الأقل للمصابين بداء السكري ممن لا يعانون من اعتلال الشبكية و بصفة دورية لمن يعانون منها".