«في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995، أي قبل 20 عاماً بالتمام والكمال، أوصلنا المنامة بالعالم عبر الشبكة العنكبوتية، حيث دشنت شركة بتلكو أول خدمة للمستهلكين للوصول إلى «الإنترنت»، وكنت أنا مهندس هذا المشروع»، هكذا اختصر المهندس علي الأعرج التاريخ والزمان والمكان وحتى التكنولوجيا، وقرر أن يسجل اسمه في محرك البحث «غوغل» كمهندس لمشروع إدخال الانترنت في البحرين.

وفي حديثه إلى «الوسط» سرد الأعرج أبرز المحطات في سبيل ولوج البحرين إلى عالم الانترنت، وكيف استطاعت بجهود مواطنيها أن تسبق دول الخليج الأخرى في إيصال الانترنت للمستهلكين، وكيف بدأ التحضير والتنسيق والتدشين لخدمة باتت أعظم ما وهبته التكنولوجيا للإنسان في عصرنا الحالي.

وفيما يلي نص الحديث معه:

ماذا يعني لك يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1995؟

- يصادف هذا اليوم، الخامس عشر من نوفمبر من العام 1995 اليوم الأول الذي دخلت فيه البحرين عالم الانترنت عبر شركة بتلكو، ونحن اليوم أمام الذكرى السنوية العشرين لتدشين خدمة الانترنت رسميا في البحرين.

وفي نفس هذا التاريخ من العام 1995 أتاحت شركة بتلكو للأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة في البحرين خدمة الدخول على شبكة الانترنت، وذلك عن طريق ربط أجهزة الكمبيوتر الشخصي والشبكات المحلية من خلال مزود رئيسي للخدمة أطلقت عليه اسم (آينت)، ولاختيار هذا الاسم وتفضيله على المقترحات الأخرى قصة، حيث يتم الربط عبر الهاتف الأرضي ومن ثم الإبحار في فضاء الشبكة العنكبوتية العالمية.

وكما توقعت، فإن شركة بتلكو التي كانت لها الريادة في إدخال هذه الخدمة، لم تلتفت إلى هذه المناسبة التاريخية، ولكن لكوني مهندس المشروع وصاحب أول إيميل في البحرين، فقد قررت أن أتذكر وأوثق هذه المناسبة على طريقتي الخاصة.

حدثنا عن التفاصيل الأولى لدخول البحرين عالم الإنترنت.

- يحتاج الأمر إلى تفصيل أكثر للوصول إلى هذا الموضوع، فلا بد من الحديث أولا عن التحضيرات لإدخال هذه الخدمة للبحرين، حيث بدأت تلك التحضيرات قبل التدشين الرسمي بأكثر من عام، حيث تم في نوفمبر من العام 1994 تشكيل أول فريق لاختيار أفضل الحلول المتوافرة.

وكان ذلك الفريق بقيادة راشد عبدالله وبمساندة مباشرة من وكيل وزارة المواصلات وعضو مجلس إدارة بتلكو آنذاك رشيد المعراج، ومدير الشئون التسويقية والمبيعات عادل الديلمي، وعلي الأعرج مهندسا للمشروع، وسمير كازروني لشئون المشتريات والعقود.

وكان يساند الفريق مجموعة من المهندسين والإداريين طيلة فترة عمل الفريق.

حدثنا أكثر عن هذه التحضيرات.

- في شهر يناير/ كانون الثاني من العام 1995، استفادت بتلكو من إقامة معرض الشرق الأوسط للاتصالات «ميكوم» في البحرين، وأقامت جناحا خاصا لتعريف كبار المسئولين والجمهور بالإنترنت بصورة تفاعلية، حيث تم ربط أجهزة الكمبيوتر في الجناح بشبكة الانترنت لأول مرة والسماح للزوار بتجربتها، وكان الإقبال على الجناح منقطع النظير ومن كل شرائح المجتمع البحريني والخليجي ومن المقيمين والزوار لمعرض (ميكوم).

كم كانت سرعة أول خط انترنت في البحرين؟

- اختارت شركة بتلكو في 7 فبراير 1995 شركة (أومنس)، ومقرها في مدينة هيوستن بالولايات المتحدة الأميركية وهي شركة تمتلكها شركة البرق واللاسلكي مناصفة مع شركة (شلمبرجيه) النفطية، من اجل تزويدها بمنصة متكاملة لتوفير خدمة الانترنت للأفراد والشركات في البحرين عن طريق شبكة الهاتف الأرضي وبسرعة لا تتجاوز 14.4 كيلوبت بالثانية.

وتحضيرا لإطلاق الخدمة، تكونت عدة فرق مهمتها تجهيز الجوانب المتعلقة بالخدمة قبل التدشين، حيث سافر راشد عبدالله وعلي الأعرج إلى هيوستن من اجل استكمال الجانبين الإداري والتقني، وفي ذات الوقت، واصلت الفرق الأخرى كالمبيعات وخدمات الزبائن والعلاقات العامة وغيرها مهامها قبل التدشين.

متى أصبحت صاحب أول «إيميل» في البحرين؟

- في شهر يونيو/ حزيران من ذات العام (1995) تم إنشاء أول بريد إلكتروني على شبكة إنترنت بتلكو وهو ali@batelco.com.bh في هيوستن، تبعته عدة إيميلات للقائمين على المشروع من إداريين ومهندسين.

وقبل ذلك، تم توفير خدمة الاتصال عبر المودم مباشرة إلى هيوست لعدد قليل من الأفراد من اجل التعرف أكثر على الانترنت ومن اجل التواصل مع إداريي ومهندسي الشركة المزودة للمشروع.

ألا تجد أن من المنطقي أن توثق هذه الأحداث بشكل موسع أكثر؟

- هذه نبذة مختصرة جداً عن تاريخ انطلاقة خدمة الانترنت في البحرين لكنها ليست كل القصة، التفاصيل موثقة في كتابين غير منشورين لغاية الآن باللغتين العربية والإنجليزية، ومازلت ابحث عن ناشر لهما وفيهما إجابات على تساؤلات عديدة منها: ماذا كان موجودا قبل توفير بتلكو الخدمة؟ وما علاقة جامعة البحرين بالإنترنت؟ وما تأثير أحداث التسعينات السياسية في البحرين على مشروع الانترنت، وما هي الإجراءات التي اتخذت من اجل عدم عرقلتها للمشروع؟ هذا بالإضافة إلى يوميات المشروع بالصور والوثائق والمراسلات المتبادلة، وأسماء كل من شارك في المشروع بشكل مباشر، وأسماء الشركات التي قدمت عطاءات لتوفير الخدمة، ولماذا تم استبعادها واختيار شركة أومنس التي تم تسجيلها رسميا في أميركا قبل يومين فقط من إرساء العطاء عليها.

ويتطرق الكتابان أيضا إلى خدمة (آينت iNet) الاسم التجاري لخدمة الانترنت، وكيف تم اختياره من بين عدة أسماء مقترحة، ومن اقترح ذلك الاسم؟ ويقدم نسخا من أول الرسائل الالكترونية على الشبكة وصور أول موقع محلي على الانترنت.

ويسرد الكتابان قصة أول اختراق للشبكة قبل الانطلاق وبعد تركيب برنامج الحماية بساعات؟ ما هي سياسة فلترة المواقع وحجب غير المرغوب فيها، وما اسم البرنامج الذي تم اختياره لهذه المهمة، وما هي الدولة الوحيدة التي كانت تنتجه؟ والتنافس بين دولة الإمارات والبحرين على سبق إطلاق أول شبكة إنترنت عمومية في الخليج.

وسرد تفصيلي لخطوات التجارب الرسمية للشبكة قبل الانطلاق بأيام، مرورا بالتدشين وما صاحبه من نجاحات وتحديات، ودخول الانترنت في وزارات الدولة كأول الوزارات على مستوى الخليج، وتزويد اليمن وشرق المملكة العربية السعودية بخدمة الانترنت عبر خدمة (الآينت)، وغيرها من التفصيلات الدقيقة والقصص المتعلقة بمجريات تنفيذ المشروع، وكلها مدونة في الكتابين وسأحرص على الإسراع في نشرهما قريبا.