عاشت باريس أمس الأول (الجمعة) صبيحة السبت ليلة دامية، حيث وقعت ستة هجمات إرهابية متفرقة في وقت متزامن، تبناها تنظيم “داعش”، خلفت الهجمات 128 قتيل وأكثر من250 مصاب، 99 منهم في حالة خطر، وحالات الوفاة مرشحة للازدياد، وصف الأمر الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند بأن بلاده تعيش حالة “حرب”، فتم إعلان حالة الطوارئ وانتشرت قوات الجيش والشرطة في أرجاء الجمهورية الفرنسية، حسبما نقل موقع "ساسة بوست".
خلف الحادث حالة من الذهول والصدمة وسط الرأي العام الفرنسي شبيهة بما كان في أحداث “شارلي إيبدو”، ولا شيء يشغل حديث الصحافة الفرنسية والمواطنين الفرنسيين سوى هجمات باريس، ننقل لكم أبرز ردود الرأي العام الفرنسي حول هذه الهجمات.
«Le figaro»: الحرب المفتوحة في باريس
“الحرب مفتوحة في باريس” هكذا عنونت، لوفيجارو صفحتها الرئيسية، الصحيفة قالت: إن مجرد ساعتين كانت مدة كافية لقتل أكثر من 120 شخص.
و قد أوردت لوفيجارو في موقعها الإلكتروني بأنه تم حظر التجمعات والمظاهرات بكامل التراب الفرنسي حتى يوم الخميس القادم، وذلك بموجب قانون الطوارئ الذي قد تم الإعلان عنه من قبل الرئيس فرانسوا هولاند، كما قالت إن المدارس والجامعات ستبقى مغلقة حتى إشعار آخر.
وقالت لوفيجارو “إن المهاجمين الذين قاموا بالحادث الإرهابي، قد خططوا للواقعة منذ مدة، والأماكن التي استهدفوها، لم تكن عشوائية”.
ذكرت أيضا بأنه يجري العمل حاليا ب”البرنامج الأبيض” في المستشفيات، وهو خطة يتم استعمالها خصيصا في أوقات الأزمات الكبرى والحروب، حيث تبلغ الخدمات الطبية والإغاثية لإنقاذ المصابين أقصى درجات التأهب، وفعلا قد تضاعفت الكوادر الطبية بالمستشفيات الفرنسية إلى أربع مرات، حيث تم استدعاء الأطباء المتقاعدين والممرضين.
«Le parisian»: إنها الحرب
أما صحيفة لوباريزيان فقد كتبت في الصفحة الأولى بخط عريض: “هذه المرة، إنها الحرب”، واصفة الحادث بأنه شكل “صدمة” لفرنسا.
أوردت الصحيفة على موقعها الإلكتروني خبرا، مفاده أن قوات الأمن الفرنسي أوقفت سيارة بها 4 أشخاص مسلحين على الطريق، وقالت أيضا إنه تم إيقاف شخص في ألمانيا مشتبه به في أن تكون له علاقة بهجمات باريس.
ونقلت الصحيفة عن أحد الناجين “كانوا ينظرون في أعيننا ثم يطلقون الرصاص”. أما آخرون فقد عبروا عن الحادث بأنه كان “مجزرة مروعة”.
«Libération»: مذبحة في باريس
“مذبحة في باريس” هو العنوان الذي غطى صحيفة لبيراسيون لعدد اليوم، معلقة: “موجة هجوم غير مسبوقة”.
أوردت الصحيفة بأنه تم العثور على جواز سفر مصري بالقرب من ملعب “ستاد فرانس”، حيث فجر انتحاريان نفسيهما عند البوابة”.
“اعتقدنا في البداية أنها ألعاب نارية كجزء من العرض”، هكذا علق أحد الناجين من هجوم مسلحين على صالة العرض “باتاكلان”، حيث قتلوا هناك 100 فرد بعد احتجازهم كرهائن.
كما ذكرت ليبراسيون في مقال لها، بأن هناك أربعة أسئلة لا تزال معلقة لحد الساعة بدون جواب، وهي، هل تم إيقاف كل «الإرهابيين» أم لا زال هناك فارون؟ وما هي هوياتهم؟ لماذا اختاروا تلك الأماكن التي استهدفوها بالتحديد؟ وهل تكشفت هويات جميع ضحايا الهجوم؟
«20 minute»: ليلة رعب حقيقي
وصف الموقع ليلة البارحة في باريس بأنها “ليلة رعب حقيقي”.
الموقع الإلكتروني الفرنسي ذكر أن مصالح التحقيقات قد تعرفت على جسم أحد المهاجمين الانتحاريين في صالة العرض، وقالت بأنه شخص فرنسي الجنسية، ولم تذكر اسمه.
كما حذر الموقع من خلال توقعات مصادر أمنية بانتظار مزيد من الهجمات، حيث يحتمل وجود متواطئين فارين، وخلايا نائمة لها علاقة بالتنظيمات المتطرفة.
«L’expresse»: سياسة أمنية ضعيفة
اعتبرت الصحيفة في مقال على الموقع بأن الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند يعاني ضعفا في سياسته الأمنية، وقد بدا ذلك واضحا من خلال هجومات باريس، التي خلفت عددا مهولا من القتلى و الإصابات.
وذكرت بأن هناك دعوات؛ للسماح لأفراد الأمن والشرطة بحمل السلاح حتى في فترات عدم العمل، لتعزيز الأمن.
وذكرت في تقرير الإجراءات المترتبة على العمل بقانون الطوارئ الذي أعلنه فرنسوا هولاند، حيث سيتم تحديد حركة السير والتجول، ويسمح بالرقابة على الإعلام، كما يتيح إمكانية توقيف المشتبه بهم والقيام بمداهمات للبيوت بدون إذن قضائي، كما يضع المشتبهين والمشكوك فيهم أو المبحوث عنهم تحت الإقامة الجبرية داخل التراب الفرنسي، وإمكانية القبض على من يقوم بأعمال يشتبه في تهديدها للأمن القومي، وسيستمر العمل بقانون الطوارئ لمدة 12 يوما، ويمكن تمديده وفق الظروف الأمنية.
«Le monde»: تكثيف الحملة العسكرية
تمكن أحد صحافيي صحيفة لوموند الفرنسية من تصوير اللحظات الأولى لهروب بعض الحاضرين بشكل مفزع للغاية في صالة العرض “باتاكلان”، حيث كان يحتجز ثمانية مسلحين المئات ممن حضروا؛ لمشاهدة عرض موسيقي، وقد قتل هناك 100 شخص وأصيب العشرات. يمكن مشاهدة الفيديو من هنا.
رصدت أيضا لوموند أجواء الشوارع الباريسية صباحا، وقالت: إن هناك هدوء حذرا يسود، مع تكريم المواطنين الموتى بالشموع والورود على أرصفة الشوارع، كما أن مختلف أفراد الفرق الأمنية ينتشرون بأرجاء الجمهورية.
كما ذكرت بأن فرانسوا هولاند سيزيد الحملة العسكرية قسوة ضد داعش في سوريا ردا على الهجمات التي نفذتها في باريس، كما نقلت عن مصادر مسئولة بأن فرنسا لن تلغي القمة العالمية للمناخ المزمع عقدها في فرنسا، خلال نهاية الشهر الجاري، بعد رواج إشاعات تشير إلى إمكانية إلغائها بسبب الأحداث الأخيرة في باريس.
«Rue 89»: حرب المسلمين ضد الغرب
اعتبر الموقع الإلكتروني اليميني ما وقع يوم أمس “حربا يشنها المسلمون ضد الغرب”، وحذر من أن هناك “المزيد من الأعداء داخل فرنسا يعيشون بيننا”، ودعا إلى تسليح المواطنين لما سماه ب”حالة حرب” التي يعيشونها.
كما حذر الموقع من خطر المهاجرين وما يمثلونه من تهديد للقيم الفرنسية والأمن الأوروبي، وعنون تقريرا لما حدث ب “ضربة من الإرهاب في قلب باريس”.
مواقع التواصل الاجتماعي
سبب وقع الحادث على المواطنين الفرنسيين نوعا من الهلع، ولا سيما أن العاصمة باريس تعتبر أحد المناطق الأكثر أمانا في العالم: حيث تخلو من ظواهر الإجرام، والمخدرات والاعتداءات، وقد كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور فعال ليلة أمس؛ حيث تم تدشين العديد من الهاشتاجات تضامنا مع ضحايا الهجمات.
وسم rechercheparis ، استعمل هذا الهاشتاج خصيصا لتعرف البعض ممن فقدوا أقاربهم وأصدقاءهم على مفقوديهم ليلة الحادث أمس.
وسم «Porteouverte»، “بيتنا مفتوح” كان وسما منتشرا ليلة أمس على الشبكات الاجتماعية، حيث دعت السلطات الأمنية المواطنين إلى البقاء في أماكنهم وعدم التحرك، مما حال دون وصول البعض إلى بيوتهم، فكان يتم المكوث في أقرب بيت من خلال إيجاده عبر هذه الطريقة.
وسم «prayforparis»، تم مشاركته أكثر من 3 مليون مرة في ظرف 7 ساعات، كتعبير عن التضامن مع عائلات ضحايا هجمات باريس.
وسم «je suis paris» على طريقة التضامن الخاص ب”شارلي إيبدو” دشن رواد شبكات التواصل الاجتماعي حملة تضامن مع باريس، كما تم تلوين مجموعة من المآثر العالمية بالعواصم العالمية بألوان العلم الفرنسي من خلال الأضواء.
أيضا ابتكر رواد التواصل الاجتماعي رسومات كطريقة للتضامن مع ضحايا الهجمات بباريس.
بدوره قام فيسبوك ليلة أمس خصيصا للفرنسيين بتفعيل خدمة safety check، حيث بواسطتها يطمئن الأشخاص عائلاتهم وأصدقاءهم ويعلمونهم بوجودهم في مكان آمن.
وقد تناقل النشطاء منشورات على الشبكات الاجتماعية، يزعمون من خلالها أنها تحذير لهجمات باريس قبل وقوعها، أحدها يظهر صورة شخص يقول أسفلها، “حينما ترون هذه الصورة على قناة بي إف إم سيكون الأوان قد فات”.
هذا ولاتزال تداعيات الحادث مستمرة على الصعيدين: المحلي والدولي.