بلغ عدد الأفلام العربية المشاركة في مسابقة المهر للأفلام الروائية التي يطلقها مهرجان دبي السينمائي الدولي، ثمانية عشر فيلما طويلا. وتنظم الدورة الثانية عشر من المهرجان في الفترة من 9 إلى 16 ديسمبر/كانون الأول 2015.
وتستعرض هذه الأفلام ثقافات تراثية وتقاليد عائلية عريقة محتفية بواقع الحياة عاكسة تنوع هذا الواقع الحافل. وتحمل الدفعة الأولى من الأفلام، التي أعلن عنها المهرجان، أسماء لمخرجين مشهورين أمثال المغربي هشام العسري، والمخرجة مي المصري والمخرجة اللبنانية دانيال عربيد.
العسري يعود إلى المهرجان هذا المرة ليروي قصة خروج سياسي سابق وذي نفوذ من مخبئه، وذلك في فيلم «جوّع كلبك»، الذي شارك في «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي». في الفيلم يعترف السياسي بجرائمه في استوديو مهجور، عبر مقابلة تعتزم مخرجة سينمائية معتزلة العودة إلى الأضواء من خلالها. لكن ما يحدث هو أن المقابلة تدور في حلقة مفرغة ولا يبدو أن أحداً سيتوصل إلى أية نتيجة.
المخرجة مي المصري تعود إلى مهرجان بعد رحلتها إلى «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، حيث لقيت الكثير من الترحاب، لتقدم هذه المرة أول فيلم روائي لها بعنوان «3000 ليلة» وذلك بعد تاريخ حافل بالأفلام غير الروائية التي أنجزتها. فيلمها هذا حصل على دعم من صندوق «إنجاز»، وهو مُستوحى من قصص حقيقية لأطفال وُلدوا في السجون الإسرائيلية، ولفتيات يكبرن خلف القضبان. ويقدم الفيلم قصة الفتاة الفلسطينية ليال، التي تكتشف أنها حامل، بعد أن يُحكم عليها ظلماً بثماني سنوات في السجن. وتقرر ليال الاحتفاظ بالطفل، لكن هذا القرار يصبح رهناً بفوضى عارمة، إذ تقرّر مجموعة من السجينات معها التمرد ضد إدارة السجن.
أما دانييل عربيد، المخرجة اللبنانية الحائزة على جوائز، والتي شارك فيلمها الجديد «باريسية» في «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، فتعود هنا بفيلم تدور أحداثه في التسعينات من القرن الماضي، حيث تهرب الفتاة الشابة لينا من جحيم الحرب الأهلية في لبنان إلى باريس، لتعاني من الوحدة والضياع، وعلى رغم ذلك تكافح في سبيل الحصول على ما يمكن أن يشجعها على المضي قُدماً في الحياة، بخلاف دافع الخوف والحفاظ على الذات. وبفضل إصرارها على تجاوز دور الغريبة في هذه المدينة، تبحث لينا عن ما تعتقد أنه مستحيل الوجود في موطنها؛ الحرية.
وتتضمن قائمة الأفلام الطويلة ومخرجيها كل من المخرج العراقي المولد هالكوت مصطفى، الذي يأخذ الجمهور في رحلة عودة إلى جذوره الكردية، في العرض العالمي الأول لفيلمه «كلاسيكو»، الذي تلقى دعم صندوق «إنجاز» لعمليات ما بعد الإنتاج، من مهرجان دبي. وتدور أحداث الفيلم في شمال العراق، ويتناول قصة فريدة عن تفاؤل الشباب، إذ يقرر أخوَان شابان القيام برحلة محفوفة بالمخاطر، ومغادرة وطنهما من أجل لفت انتباه نجم الكرة العالمي كريستيانو رونالدو.
المخرجة اللبنانية نورا كيفوركيان، صاحبة الفيلم الوثائقي الحائز على جوائز «وكشف النقاب»، تعرض فيلمها «23 كيلومتر»، بدعم من صندوق «إنجاز». ويتناول الفيلم حكاية رجل أرمني يدعى باركيف، يعاني من مرض «الرعاش» (باركنسون)، في مرحلة متقدمة، ويقوم برحلته الأخيرة على طريق دمشق في وادي البقاع اللبناني، فيسافر الفيلم بالمعنى الواقعي والمجازي إلى الماضي والمستقبل، سواء بالنسبة لهذا الرجل أو لوطنه لبنان؛ البلد الذي أنهكه الانقسام الطائفي.
ومن الجزائر يتقدم سالم الإبراهيمي بفيلمه «حكاية الليالي السود» المُقتبس عن الرواية الأخاذة التي كتبها أرزقي ملال. يدور الفيلم حول صراع الجزائر مع الشيوعية الأصولية، ويتناول الخسائر الكبيرة التي تخلفها الفوضى السياسية، حتى ضمن البيت الواحد. ويقدم الفيلم أخوين، هنا: ياسمينة ونور الدين، يضطران إلى ممارسة حياتهما اليومية في مواجهة ضغط هائل من أمهما القاسية من جهة، والفوضى التي يعيشها بلد ليس فيه نظام حاكم يمكنه تدبير الأمور في تلك الفترة، من جهة أخرى.
ويقدم المخرج الجزائري عبدالله بادس فيلمه «عطر البيوت»، في عرضٍ عالميٍ أول. ويسرد الفيلم قصة الارتباط القوي بين رجل ووطنه الأم، الذي ما زال يحمل ذكريات الطفولة فيه. يقرر عمر البالغ من العمر 50 عاماً العودة إلى وطنه الجزائر، لتتكشف امامه الصعاب، لكن العناية الإلهية تُرسل له طفل لإرشاده. وفي خيط رفيع يفصل بين الواقع والخيال، يظهر هذا الماضي في لقطات من الأرشيف. لكن الغريب أن هذه الرحلة تقود عمر إلى التعلق بأرض بالكاد يعرفها، وتتيح له العودة إلى كنف عائلته المبعدة.
ومن المغرب، يعود المخرج حكيم بلعباس مع فيلم «ثقل الظل» في عرضه العالمي الأول، وذلك بعد أن حصد فيلمه «شي غادي وشي جاي» بجائزة أفضل سيناريو في مسابقة «المهر للأفلام الروائية» في دورة العام 2011. يروي «ثقل الظل» قصة أب وأم متقدمين في العمر، يعيشان على أمل معرفة مصير ابنهما الذي اختُطف قبل 35 سنة، خلال ما عُرف وقتها بسنوات الرصاص في المغرب.
وفي معرض تعليقه عن المجموعة الجديدة من الأفلام المميزة، قال مسعود أمرالله آل علي، المدير الفني للمهرجان «منذ انطلاقة المهرجان، ومهمته الأساسية تقديم المواهب المميزة في المنطقة. توفر مسابقة المهر للأفلام الطويلة منصةً مثالية للمواهب المبدعة، والاتجاهات الثقافية الفريدة، التي يعمل المخرجون في المنطقة على تقديمها. لقد وقع اختيارنا على بعض أهم المخرجين وصانعي الأفلام في مسابقة هذا العام، وأنا على ثقة أن الجمهور سيجد المتعة بما سيقدمه هؤلاء المخرجون لعشاق السينما».
وبدوره قال أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي في المهرجان «انطلقت مسابقة المهر للأفلام الروائية في العام 2006، ومع كل سنة تمرّ من عمر هذه المسابقة تصبح المنافسة أشدّ وأقوى، وذلك بفضل مشاركة مخرجين قادرين دائماً على تقديم كل ممتع ومثير، والخوض في تقاليد المنطقة الغنية، وتاريخها الفريد. نشعر بالحماس لوجود هذه الكوكبة من المخرجين الموهوبين الذين ستترك إبداعاتهم تأثيراً لا يمحى من أذهان الجمهور».