قتل 120 شخصاً على الأقل في "اعتداءات إرهابية غير مسبوقة" استهدفت باريس مساء أمس الجمعة (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) وتخللتها تفجيرات وعملية احتجاز رهائن وإطلاق رصاص، ما دفع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى إعلان حال الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود، بينما أعرب العالم عن إدانته وغضبه.
وأفاد مصدر قريب من التحقيق أن الاعتداءات المتزامنة تسببت بمقتل 120 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 200 بجروح بينهم 80 إصاباتهم خطرة. وأشار إلى أن هذه الحصيلة لا تزال مؤقتة.
وقال المصدر إن "ثمانية إرهابيين" شاركوا في الاعتداءات قتلوا أما برصاص الشرطة وأما بتفجير أنفسهم.
وكان نحو 1500 شخص موجودين في مسرح باتاكلان عندما اقتحمه المهاجمون وبدأو بإطلاق الرصاص. وروى شاهد يدعى لوي لإذاعة "فرانس انفو" أن شباناً كانوا دخلوا المسرح "وبدأوا بإطلاق النار عند المدخل. لقد أطلقوا النار على الجموع هاتفين (الله اكبر)". وأشار إلى انه تمكن من الفرار مع والدته، مضيفاً أنهما نجحا في تجنب الرصاص و "كان هناك الكثير من الناس على الأرض في كل مكان".
وأضاف الشاهد بصوت تخنقه الدموع أن المهاجمين "كانوا مسلحين ببنادق بومب أكشن كما اعتقد... لقد سمعتهم يلقمونها، الحفل الموسيقي توقف، الكل انبطح أرضا، وهم واصلوا إطلاق النار على الناس... اللعنة، كان الوضع جحيما".
وقال شاهد آخر هو مقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون يدعى بيار جانازاك (35 عاما) لوكالة "فرانس برس" إن المهاجمين صاحوا لدى احتجازهم رهائن في صالة المسرح "هذا بسبب (الرئيس الفرنسي فرنسوا) هولاند، لا يجدر به التدخل في سورية"، مضيفاً أنهم "ذكروا أيضاً العراق".
ويقع المسرح على مسافة قريبة من مقر صحيفة "شارلي ايبدو" الساخرة التي هاجمها متشددون في يناير/ كانون الثاني وقضوا على عدد من أعضاء مجلس التحرير والعاملين فيها.
وروى الصحافي جوليان بيرس من إذاعة "اوروبا-1": "دخل شخصان أو ثلاثة غير مقنعين يحملون أسلحة رشاشة وبدأوا إطلاق النار عشوائياً على الجمهور". وأضاف "استغرق الأمر عشر دقائق أو 15 دقيقة. كان الأمر عنيفا جدا، وحصلت موجة من الذعر. هرع الجميع في اتجاه خشبة المسرح، وحصل تدافع، وكان البعض يدوس على الآخرين".
واقتحمت الشرطة المسرح على إثر ذلك لتضع حداً لعملية احتجاز الرهائن، فقتلت ثلاثة من المهاجمين.
وقالت مصادر قريبة من التحقيق أن ستة إلى سبعة اعتداءات وقعت في مناطق مختلفة من باريس بشكل متزامن مساء الجمعة في مناطق تشهد زحمة سهر في بداية عطلة نهاية الأسبوع.
وأفادت مصادر متطابقة فجر اليوم (السبت) أن ثلاثة من المسلحين الأربعة الذين هاجموا مسرح باتاكلان عمدوا اثر اقتحام قوات الأمن المكان إلى تفجير أحزمة ناسفة كانوا يضعونها على أجسادهم، في حين قتل الرابع برصاص الشرطة.
وبين الاعتداءات واحد وقع خارج أستاد فرنسا شمال العاصمة، تخللته ثلاثة انفجارات.
وكان هولاند موجوداً في الملعب يشاهد مباراة ودية بين منتخبي ألمانيا وفرنسا، إلى جانب نحو ثمانين ألف متفرج آخرين، عندما تم إبلاغه بان الانفجارات ليست عرضية وان أحداثا تقع في مسرح باتاكلان، فغادر المكان.
والعملية الانتحارية هي الأولى من نوعها في تاريخ فرنسا الحديث.
وأحصت الشرطة عددا من عمليات إطلاق النار ولاسيما في شارع بيشا وشارع شارون قرب ساحة الجمهورية.
في شارع بيشا، روت فلورانس التي وصلت إلى المكان بعد دقيقة واحدة من إطلاق النار، أن "الأمر بدا خيالياً. كان الجميع أرضاً. عاد الهدوء، ولم يكن الناس يدركون ما حصل. رأيت رجلا يحمل فتاة بين ذراعيه. بدت لي ميتة".
وأعلن مدعي عام الجمهورية في باريس فرنسوا مولان فجر اليوم أن التحقيق الذي فتح في اعتداءات باريس يفترض أن يحدد ما إذا كان هناك من "متواطئين أو مشاركين لايزالون فارين". وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقاً في "جرائم قتل على علاقة بمنظمة إرهابية".
وليلا، دعت الشرطة وبلدية باريس الأشخاص الموجودين في المنطقة الباريسية إلى "تجنب الخروج إلا للضرورة القصوى".
وانتشر 1500 جندي إضافي في شوارع باريس بناء على أمر من هولاند. وقال الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها ليلا ونقلتها محطات التلفزة الفرنسية "شهدت باريس اعتداءات إرهابية غير مسبوقة"، أوقعت "عشرات القتلى والكثير من الجرحى"، واصفا ما جرى بانه "مرعب".
وأعلن أن "حال الطوارئ ستفرض في كل أنحاء البلاد"، وسيتم "إغلاق الحدود"، مضيفاً "علينا أن نضمن أن أحدا لن يتمكن من دخول البلاد لتنفيذ أي عمل، وفي الوقت نفسه إلقاء القبض" على منفذي الاعتداءات إذا حاولوا الخروج من فرنسا.
وأعلن الرئيس الفرنسي "تحريك كل القوات الممكنة في سبيل السيطرة على الإرهابيين".
وتوجه هولاند الليلة الماضية إلى مسرح باتاكلان من دون أن يتمكن من دخوله، إذ أن عملية إجلاء الناس منه كانت مستمرة.
وأعلن في المكان حربا "لا هوادة فيها" ضد الإرهابيين.
ودعي مجلس الوزراء الفرنسي إلى الالتئام ليلاً. وتم تشكيل خلية أزمة في وزارة الداخلية. وقال مصدر قضائي أن النيابة العامة المتخصصة في قضايا الإرهاب بدأت التحقيق في الاعتداءات.
وسارع العالم إلى إدانة الاعتداءات، من الأمين العام للأمم المتحدة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية وعدد من الدول العربية وإسرائيل وتركيا.