حتى وقت قريب، لم يكن أسطورة كرة القدم الألماني فرانتس بيكنباور الملقب باسم «القيصر» يتردد في التعليق بشأن أي أمر يتعلق بكرة القدم في بلاده، لكنّ الوضع اختلف الآن بشكل كبير وبات القيصر يفضّل الصمت، على الأقل في العلن، عندما يتعلق الأمر بقضية كأس العالم 2006 التي استضافتها بلاده.
فعندما استهدفته وسائل الإعلام من جديد للحديث عن القضية التي أثيرت مؤخراً حول المونديال، ردّ بيكنباور بلهجته البافارية قائلاً: «لماذا تسألونني أنا دائماً؟».
ففي الوقت الحالي، توحّدت رغبة كل الألمان في أن يتحدث بيكنباور، الذي ترأس لجنة ملف طلب استضافة مونديال 2006 واللجنة المنظمة للبطولة، بشأن القضية المثارة حول الحصول على حق استضافتها. ولكن يبدو أنّ بيكنباور أدرك أنه يجب عليه توخي الحذر في أي تصريحات يدلي بها في ظل التحقيقات الجارية، ويرجّح أن مدير أعماله ماركوس هوفل وصديقه فيدور رادمان لعبا دوراً مهماً في ذلك.
فمنذ أن ترددت أنباء قبل أيام حول توقيع بيكنباور وثيقة مع المسئول السابق بالاتحاد الدولي للعبة «الفيفا» جاك وارنر قبل التصويت على اختيار البلد المنظمة لمونديال 2006 في العام 2000، لم يزد رد الفعل عن بيان قصير من مكتب إدارة أعمال بيكنباور الأربعاء.
وذكر البيان «لا يزال فرانتس بيكنباور يواصل تعاونه مع الهيئات المعنية، وبالتالي لن يدلي بأي تصريحات عامة».
واعتبرت الوثيقة التي تشمل «خدمات متنوعة» محاولة رشوة على الأقل، وقد وقع بيكنباور النسخة النهائية بينما حملت المسودة توقيع رادمان.
وذكر رادمان (71 عاماً) في تصريحات لصحيفة «دي زايت» الأسبوعية قائلاً: «أقسم بحياة أبنائي الستة بأنني واثق تماماً من أننا لم نقدم رشوة لأحد».
وكان رادمان بمثابة المدبر، خلف الكواليس، لعدة أمور على مدار عقود من الزمن، وكان له دور في العمل بدورة الألعاب الأولمبية لعام 1972 في ميونيخ وكذلك مع شركة «أديداس» الشهيرة للمنتجات الرياضية ومجموعة «كيرش» الإعلامية ولجنة ملف سالزبورغ لطالب استضافة أولمبياد 2014 ولجنة أستراليا لطلب استضافة مونديال 2022. كذلك كان رادمان ضمن اللجنة المنظمة لمونديال 2006 ورحل عنها في 2003 بسبب تضارب في المصالح، لكنه رافق بيكنباور في جولته الترحيبية الشهيرة للمنتخبات الـ31 الأخرى المشاركة في مونديال 2006، في رحلات جوية بلغ إجمالي مسافاتها 132 ألفاً و276 كيلومتراً.
ولا تزال نشاطات رادمان مستمرة، فقد شارك على سبيل المثال في مؤتمر «كامب بيكنباور» الرياضي الذي انعقد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في كيتزبويل بالنمسا، بتنظيم شركة «ام.اتش»ام» المملوكة لهوفل، والذي جذب شخصيات رياضية بارزة على مستوى العالم مثل رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ والمستقيل قبل أيام من رئاسة الاتحاد الألماني لكرة القدم فولفغانغ نيرسباخ والرئيس التنفيذي لشركة أديداس هيربرت هاينر. وتردّد أنّ رادمان استفاد خلال مسيرته من كونه قريباً من بيكنباور الذي فاز بكأس العالم لاعباً ومدرباً وقاد بايرن ميونيخ للعديد من الألقاب.
ويتشابه الحال بالنسبة لهوفل المتزوج من بطلة التزلج الأولمبية المعتزلة ماريا هوفل-ريش، التي لعبت دوراً تسويقياً لمصلحته لنحو 10 أعوام. وقال هوفل في تصريحات لتلفزيون «إيه.آر.دي» بمناسبة احتفال بيكنباور بعيد ميلاده السبعين: «أعتقد أنّ الحدس هو أبرز قدراته. دائماً ما كانت لديه القدرة على تجميع الأشخاص المناسبين حوله».
ولا تعد إدارة الأزمة نيابة عن بيكنباور أمراً جديداً على هوفل، فقد سبق له القيام بعمل مشابه في العام الماضي عندما فرض الفيفا الإيقاف على بيكنباور لمدة 90 يوماً بسبب عدم امتثاله لتحقيقات من قبل لجنة القيم. واعترف هوفل بأنه كان قد استهان بشكل كبير بتلك القضية، وهو خطأ لا يمكنه ارتكابه مجدداً في ظل السيناريو الحالي.
العدد 4816 - الجمعة 13 نوفمبر 2015م الموافق 30 محرم 1437هـ