أحيا قرار بريطانيا الذي اتخذ على عجل بوقف رحلات الطيران إلى شرم الشيخ بعد تحطم الطائرة الروسية في سيناء مرارات قديمة في مصر حيث يتهم مصريون كثيرون المستعمر السابق بالتصرف بدافع حقد دفين ويشكون في وجود مؤامرة خبيثة تحاك ضد بلادهم.
ويكرر كتاب أعمدة في الصحف ومذيعون في قنوات التلفزيون ومواطنون في الشوارع بل ومواقع الكترونية حكومية يوميا مزاعم بأن بريطانيا استبقت التحقيق حين قالت إن الطائرة اسقطت على الأرجح بفعل قنبلة.
كما جرحت التلميحات بشأن ضعف إجراءات الأمن في مطار شرم الشيخ الكبرياء الوطني.
وقال اللواء مجدي موسى مدير أمن شمال سيناء لصحيفة المصري اليوم هذا الأسبوع "لست ممن يرددون فكرة المؤامرة ولكن هناك مؤشرات لذلك.. فبعد حادث الطائرة بخمسة أيام تم الحديث عن أنه بسبب عمل إرهابي بدون دليل وهذا يؤكد أن هناك بوادر نية سيئة تجاه مصر."
وقال هاني عسل وهو كاتب عمود إن العداء لمصر شاب الصحافة البريطانية منذ عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر في خمسينات القرن العشرين وحتى زيارة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي للندن الأسبوع الماضي.
وكتب عسل بعد الانفجار في صحيفة الأهرام المملوكة للدولة "ارتكب الإعلام البريطاني العشرات من الأخطاء المهنية بداية من الحملة الشرسة التي شنها على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد طرد الاستعمار البريطاني من مصر."
وأضاف "تبقى النتيجة المؤسفة وهي أن الإعلام البريطاني شريك في خطة كبيرة جدا بدأت بزيارة الرئيس وربما لم تنته بعد."
وواجهت الولايات المتحدة انتقادات بدورها وهي التي قالت أيضا إن تنظيم الدولة الإسلامية يقف على الأرجح وراء إسقاط الطائرة. وقال عنوان رئيسي لملف صحفي بصحيفة الأهرام اليوم الخميس "الإعلام الأمريكي وحادث الطائرة.. أكاذيب لا تنتهي". وحملت صحيفة الجمهورية وهي أيضا مملوكة للدولة عنوانا يقول "الطائرة والمؤامرة."
* حتى أنت يا بوتين..
تركزت معظم الانتقادات للغرب في وسائل الإعلام حول حقيقة أن روسيا ذهبت أبعد من بريطانيا بمنع جميع الرحلات إلى مصر وهو قرار يرجح أن يستمر لأشهر.
لكن صحيفة المصري اليوم وهي كبرى الصحف المستقلة في مصر لخصت الصدمة من القرار الروسي في عنوان بصفحتها الأولى يقول "حتى أنت يا بوتين."
كثيرا ما أشاد الإعلام المصري بالرئيس الروسي كحليف قوي لمصر في معركتها ضد المتشددين ولتحقيق توازن أمام الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
وقال مدرب غطس في شرم الشيخ طلب عدم ذكر اسمه "انجلترا هي إللي خلت روسيا تلغي.
"الانجليز لغوا الرحلات وبوتين كان شكله وحش. يعني بلد تانية تلغي وانت اللي المفروض صاحب المشكلة مالغتش؟ يعني قلبك مش على ناسك."
وانتقد وزير الخارجية سامح شكري بريطانيا والولايات المتحدة لعدم مشاركة مصر في معلومات مخابراتية يقول البلدان إنهما حصلا عليها وتشير لوقوع تفجير. وأيدت وزارة الخارجية المصرية تفسير وزيرها في موقعها الإلكتروني.
ونشرت صفحة الوزارة على موقع فيسبوك افتتاحية صحفية تقول "مصر في حرب ضد الإرهاب خلال السنوات القليلة الماضية دون أدنى قدر من المساعدة من القوى التي تتحدث الآن باستهانة عن أوجه القصور والخلل لدينا."
وأضاف المقال "سوء النية الموضوع تحت غطاء رقيق ظهر من بين تكهنات سابقة لأوانها من قوى غربية."
* أهل الشر..
وتحظى فكرة أن مصر تواجه مؤامرة كبرى بدعم رئاسي على ما يبدو. وعندما سئل السيسي عن قرار وقف رحلات الطيران ألقى باللائمة على قوى تعمل لإضعاف مصر.
وقال خلال زيارة قصيرة لمطار شرم الشيخ أمس الأربعاء "دي ضغوط كبيرة جدا.. وأهل الشر بيحاولوا يعرقلوا كل النجاح اللي مصر حققته خلال الفترة اللي فاتت".
ويستخدم السيسي تعبير "أهل الشر" بشكل دائم وكانت أبرز المرات خلال حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس آب حين أشار بهذا التعبير للإخوان المسلمين الجماعة التي أطاح بها السيسي من الحكم في 2013 بعد احتجاجات حاشدة.
وتحظى فكرة دعم حكومات غربية للإخوان المسلمين ومعارضتها لعزل السيسي للرئيس السابق محمد مرسي القيادي بالجماعة بشعبية في وسائل الإعلام المصرية وفي بعض قطاعات المجتمع المصري.
وقال السيسي وهو يلوح بقبضته في الهواء للتعبير عن فكرته إن المصريين يجب أن يردوا بالاصطفاف.
وأضاف "إحنا ما ناكلش وهنبني بلدنا. مش هناكل؟.. ما ناكلش.. هنجوع يعني؟.. نجوع.. إيه المشكلة يعني. لكن بلدنا بسلام وأمان وبنطلع لقدام والنجاح واضح ولسه هيستمر.. ما تقلقوش."