أرسل ضابط الشرطة الأردني أنور أبو زيد رسالة إلى أصدقائه قبل أيام من الهجوم الذي قتل فيه 5 أشخاص بإطلاق النار عليهم في مقصف خلال استراحة الغداء قال فيها إنه ذاهب في رحلة إما إلى الجنة وإما إلى النار، حسبما قال أصدقاء ومصادر أمنية، وذلك حسبما أفاد موقع "بوابة الشرق" اليوم الخميس (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015).
وربما تحمل الرسالة في طياتها خيوطا للشرطة الباحثة عن دافع للاعتداء الذي وقع يوم الاثنين وقتل فيه أميركيان وأردنيان ومواطن من جنوب إفريقيا في مركز لتدريب الشرطة.
ووصف أقارب أبوزيد نقيب الشرطة البالغ من العمر 29 عاما، بأنه متدين لكنه ليس متطرفا فقد كان يؤدي صلاة الفجر كل يوم في المسجد بقريته الواقعة في ريف شمال الأردن.
علامات التشدد
غير أن 2 من المسئولين المطلعين على المسائل الأمنية وأقارب لأبو زيد قالوا إن الأدلة كانت تتزايد بوجود تأثيرات للتشدد على أبو زيد، وأشار مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته إن الرسالة التي بعث بها لأصدقائه المقربين تؤكد هذه الفكرة.
ونقل المصدر عنه قوله "حينما نجهز متاعا لسفر؟.. نخاف أن ننسى شيئا ولو يسيرا.. وكلما كانت مدة السفر أطول كان الحرص أشد فما بالك بإقامة .. إما جنة وإما نار".
ووقع الهجوم في مركز الملك عبد الله للتدريب الذي تموله الولايات المتحدة، ويقع بالقرب من عمان في الذكرى السنوية العاشرة لتفجيرات انتحارية نفذها تنظيم القاعدة واستهدفت 3 فنادق فاخرة في العاصمة الأردنية سقط فيها 57 قتيلا.
كان القتيلان الأمريكيان من رجال الجيش الأمريكي السابقين، وقد تعاقدا على تدريب قوات الشرطة من الدول الحليفة في المنطقة مثل العراق والأراضي الفلسطينية. وكان القتيل الجنوب إفريقي مدربا أيضا بينما كان الأردنيان مترجمين.
وذكرت عدة روايات من مسئولين على اتصال بقوى الأمن أن أبو زيد قام بتهريب بندقية هجومية ومسدسين إلى المجمع في سيارته إذ لم يكن يتم تفتيشه وهو يدخل باعتباره ضابطا.
وقالت المصادر الأمنية، إنه اقتحم المقصف عقب صلاة الظهر وهتف الله أكبر ثم أطلق ما لا يقل عن 50 طلقة.
وأضافت المصادر، أنه خرج عقب ذلك وقتله قناص من الشرطة برصاصة في الرأس، بالقرب من البوابات الخارجية للمجمع بعد أن رفض الانصياع لأوامر بالاستسلام.
خلايا نائمة
قال مسئول وثيق الصلة بالمسائل المتعلقة بالاستخبارات، إن المحققين لم يتوصلوا حتى الآن لمعرفة ما إذا كان أبو زيد يتصرف بمفرده أو ما إذا كان عضوا في خلية نائمة من الجهاديين.
وكان لأبو زيد طفلان ووظيفة محترمة وكان يتمتع بامتيازات يحلم بها كثير من الأردنيين.
لكن المصادر الأمنية قالت إنه طلب تسريحه مبكرا من الخدمة وقال إن ذلك يرجع "لأسباب خاصة" غير أن طلبه تعطل لأنه لم يكمل 10 سنوات في الخدمة.
وقال أحد المقربين من أبو زيد إنه كان يشعر شعورا متناميا بالمذلة والغضب لأنه يعمل في وظيفة كان مدربون أميركيون يعتبرون "أعداء للإسلام يدنسون فيها بلادي".
وقال خبراء أمنيون، إن انتماء أبو زيد لإحدى القبائل التي تشكل عماد قوات الأمن في الأردن يمثل لطمة بصفة خاصة للأسرة الهاشمية الحاكمة في المملكة.
الصراع العربي الإسرائيلي
يمثل الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ عشرات السنين وما صاحبه من اضطرابات على امتداد حدود الأردن مع إسرائيل أرضا خصبة للتشدد، كما أن الانحياز الأميركي البادي تجاه إسرائيل عمل على تغذية الارتياب في الغرب.
والأردن الآن حليف لواشنطن في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على تنظيم "داعش" الذي يحتل مساحات كبيرة من سوريا والعراق.
وقد أغضب دوره العسكري في تلك الحملة الكثيرين في الأردن ممن يعتقدون أنه يخدم أعداء الدين الإسلامي. ويخشى آخرون أن يؤدي التدخل العسكري الصريح إلى رد فعل عكسي من جانب المتشددين داخل البلاد.
كما أيقظ هجوم يوم الاثنين مخاوف قديمة من أن يكون أنصار "داعش" قد جندوا أردنيين لضمهم إلى خلايا نائمة قد تخرج للعلن ذات يوم وتشن هجوما وكذلك الخوف من أن تضم هذه الخلايا أي شخص من الفنيين المتخصصين في الكمبيوتر إلى أساتذة الجامعات.
وعزز مثل هذه المخاوف قول أحد الأعضاء البارزين في البرلمان الشهر الماضي إنه علم من وسائل إعلام مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية أن ابنه نفذ هجوما انتحاريا في محافظة الأنبار العراقية.
ويسلم بعض المسئولين بتنامي الخطر الذي يمثله على نحو متزايد شبان غاضبون تحت تأثير العنف المتصاعد في العراق وسوريا والحرب الطائفية المتصاعدة وكذلك معاملة إسرائيل للفلسطينيين.