قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الأربعاء (11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) إنه يريد من زعماء العالم مناقشة الصراعات في سوريا والعراق خلال قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها بلاده مطلع الأسبوع المقبل وأبدى استعدادا لاتخاذ "خطوات أقوى" في المنطقة بعد نتائج الانتخابات العامة الأخيرة التي عززت مكانة الحزب الحاكم.
ومن المقرر ان يجتمع زعماء مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى ومنها الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا وكندا وأستراليا والبرازيل يومي الأحد والاثنين في منتجع أنطاليا التركي المطل على البحر المتوسط لمناقشة القضايا الاقتصادية العالمية.
لكن تركيا عضو حلف شمال الأطلسي التي تستضيف أكثر من مليوني لاجيء من سوريا والعراق وتواجه خطر امتداد الحرب الى أراضيها تريد من رؤساء الدول أيضا مناقشة الاضطرابات على حدودها الجنوبية.
وقال إردوغان في اجتماع لرجال الأعمال بأنقرة "إضافتنا لقضيتي العراق وسوريا لجدول أعمال مجموعة العشرين لا يناقض الأهداف الرئيسية للمنتدى."
وقال رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو يوم الثلاثاء الماضي إن تركيا سترد جوا وبرا على الأخطار الآتية من سوريا وإن هناك حاجة لإستراتيجية جديدة في البلاد.
ويتوقع أن تضغط تركيا التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين هذا العام لطرح وجهة نظرها بأن السلام الدائم لن يتحقق في سوريا إلا برحيل الرئيس بشار الأسد وستحاول إثناء واشنطن عن منح مزيد من الدعم للمسلحين الأكراد في سوريا الذين يقاتلون تنظيم "داعش" الإرهابي.
وشهدت تركيا الطامحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أسوأ كابوس منذ اندلاع الصراع في سوريا.
ولا تواجه أنقرة خطر "داعش" على امتداد الحدود مع جارتها فحسب وإنما أيضا احتمال بقاء الأسد في السلطة بدعم كبير من روسيا وإيران وأن يحقق الأكراد الذين تؤيدهم الولايات المتحدة مكاسب على الأرض.
وترى تركيا التي فتحت قواعدها الجوية في يوليو /تموز الماضي أمام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" نجاح الأكراد السوريين في منطقة محاذية لتركيا خطرا على أمنها وتخشى أن يذكي هذا نزعات انفصالية بين أكراد تركيا.
واليوم الأربعاء قال إردوغان الذي يؤكد أن تركيا لن تتررد في القيام بعمل عسكري ضد وحدات حماية الشعب الكردية إذا دعت الضرورة "من يؤجج نيران الصراع في سوريا سيحترق بها. هذا تحذير ودي."
وتريد روسيا التي تؤيد الأسد أن تتفق الحكومة السورية والمعارضة على بدء عملية إصلاح دستوري لمدة تصل إلى 18 شهرا تليها انتخابات رئاسية مبكرة وذلك وفقا لمسودة اقتراح حصلت عليها رويترز.
ولا يستبعد الاقتراح الذي وضع قبل بدء مفاوضات دولية بشأن سوريا في فيينا يوم السبت المقبل مشاركة الأسد في الانتخابات وهو شيء لا يحتمل أن تقبل به أنقرة ولا القادة السوريون المعارضون للأسد.
واستعاد حزب العدالة والتنمية الذي أسسه إردوغان الأغلبية البرلمانية التي خسرها منذ خمسة أشهر فقط حين أجرت البلاد انتخابات قبل نحو عشرة أيام.
وقال الرئيس التركي إن هذا يعني امتلاك تركيا الآن لقدرة على الحركة بسلطة أكبر في المنطقة.
وأضاف دون إسهاب "نتائج انتخابات أول نوفمبر أنهت تماما عدم اليقين السياسي في تركيا وتمنحنا فرصة اتخاذ خطوات أقوى في القضايا الإقليمية."
وقالت صحيفة يني شفق المقربة من الحكومة إن تركيا ستعرض "مذكرة معلومات" من 51 صفحة بشأن سوريا في قمة العشرين وستقدم صيغا لمستقبل بدون الأسد وستلح لتطبيق خطة إنشاء "منطقة آمنة" للمدنيين لعشر سنوات في شمال سوريا.
ولطالما سعت تركيا من أجل إنشاء منطقة آمنة في الجانب السوري من حدودها الممتدة بطول 900 كيلومتر لحماية المدنيين المشردين ووقف تدفق اللاجئين وهي استراتيجية عادت لطرحها بعد أن سعى قادة أوروبيون للحصول على دعم أنقرة في احتواء أزمة اللاجئين.
ولم تحظ الفكرة بكثير من التأييد الدولي.
وقالت صحيفة يني شفق أيضا إن قوات التحالف الذي تقوده واشنطن ستبدأ عمليات ضد الرقة معقل "داعش" في سوريا الشهر المقبل وإن تركيا ستضع أيضا عشرة آلاف جندي بطول حدودها لدعم العمليات.
وقال مسؤولان حكوميان كبيران عن ذلك التقرير- الذي بدا وكأنه محاولة لتعزيز وضع تركيا قبل القمة- إنه مبالغ فيه لكنهما أقرا بأن إستراتيجيات جديدة قيد الدراسة.
وحتى الآن تركز أعمال قمة العشرين على مناقشة القضايا الاقتصادية العالمية والاحتمالات بعيدة في تشكيل موقف موحد بشأن سوريا خلال القمة. لكن مسؤولين قالوا إن القضية ستكون موضوعا أساسيا للنقاش في الاجتماعات الثنائية.