العالم العربي يُعيد إنتاج المعنى الحقيقي لـ «الدخول في المجهول»؛ وليس من المبالغة القول، إن العالم العربي، ومعه العالم الإسلامي، هُما في ذمَّة الله والتاريخ منذ فشل قيام الدولة الوطنية بحق، بعد الانسحاب الظاهري والتدريجي للاستعمار الحديث؛ وخصوصاً من البلدان التي خضعت له منذ مطلع القرن العشرين؛ وتعمّق أكثر بغلَبة القبيلة والعشيرة والحزب الواحد على حساب تمييع وتغييب مفهوم الدولة وواقعها.
لذلك مقدمات ومُسبِّبات تبدَّت بعد وقت قليل من انسحاب قوى مُهيمنة بشكل مباشر على المنطقة، فمع غياب واقع الدولة الوطنية في العالم العربي، صار اللعب على ضرب التعدُّد في تلك المجتمعات لازمة وضرورة. التهويل من التعدُّد في الأوطان العربية من قبل أطراف - غالباً يتم العمل عليه بالوكالة - يترك لتلك «الدولة» حرية التحرك في الفضاء الذي تحدده، والأدوات التي تلجأ إليها في استثمار تلك الورقة كلما أطلَّت فضيحة أو برزت أزمة.
بالفهم البسيط والواقعي أيضاً، أن الخوف من التعدُّد هو الذي عمل على نفي المجتمع الواحد. الواحد بمعنى تقبُّل كل طرف لآخر، على مستوى الأفكار والمعتقدات والقيم ومن ثم الوجود. الواحد بتذويب ما يُشيع الفرقة فيه لا العمل على تجذُّرها وجعلها أسلوب تعاطٍ ونظر، وأداة تمهد لاحتراب يأكل الأخضر واليابس. المجتمع الواحد في استقراره، تفرُّغاً للتنمية المُستدامة، والإبداع، والإسهام في الحِراك المعرفي الذي لا يهدأ في الجانب الآخر من العالم.
وسؤال من نحن؟ لا ينفصل عن الطرْحين السابقين. «نحن الهشَّة» اليوم، لا تعدو كونها تضخُّماً في الذات، وغروراً وتعالياً من فراغ. وأكثر ما يُبرز العزة بالإثم، تجده في المجتمعات التي عملت ثرواتها المفاجئة على الإيمان بأن لها الحق في إعادة ترتيب خريطة العالم، ولها الحق في إعادة بناء وتركيب معتقدات كل سكَّان الكوكب. «نحن» الضائعة تتجاوز... تهرب من نفسها... من واقعها، بحثاً عن دور هو أكبر منها بملايين السنوات الضوئية.
بعيداً عن تلك البيئات التي حظيت بالثروات المفاجئة، ولكنها تظل ضمن النطاق الجغرافي، تظل الـ «نحن» حنيناً إلى التاريخ فحسب. حنيناً إلى ما تم وأنجزه آخرون وإن كانوا آباء أو إخوة؛ أو حتى غرباء انتسبوا إلى هذا الجزء من العالم في فترة تاريخية كانت معافاة بعض الشيء. نجترح الإقامة في الهامش. كأنه يلائمنا. كأننا نشبهه، وقد يأتي وقت لا نجد لنا مكاناً في ذلك الهامش. كأن الكيانات العربية في هيئات الدول - وليست هيئة واحدة - تمارس دورها من منطقة ما قبل العدم، بكل هذا التشطير والتدمير والنزوع إلى القبيلة والعشيرة والحزب الواحد، تغييباً وتدميراً؛ بل ورفضاً قاطعاً لقيام الدولة بمفهومها الشامل والجامع.
من نحن؟ في الاستجلاء الوجودي للتساؤل، بعيداً عن الشوفينية التي طبعت عدداً من البلدان، وهي التي كانت تمارس عليها ذات السياسات ما قبل ظهور الثروات، وحتى ما بعدها. فثمة من سيأتي من العدم ليشغل ذلك الهامش، ربما انطلاقاً إلى القريب من المتن بتجلِّي الدرس.
من نحن؟ في ما آلت إليه أمور العرب، تفرُّجاً على التحولات في عالمهم. في التصدِّي؛ تبرُّعاً للقيام بأدوار ومخططات التقسيم والتدمير، وتحويل دول ذوي القربى إلى نماذج فاقعة وحاضرة وشاخصة ومُقرِّبة لمفهوم «الدول الفاشلة»، من دون الحاجة إلى استدعاء أساطيل، وأشكال الاستعمار القديم من وراء الحدود.
لابد من العودة إلى بودلير، ففي بعض رؤاه تشخيص لأمم الأرض، والعرب كانت أمة؛ كأنه كُتب لها هذا المعنى بكل الكثافة التي تحويه، وبكل التعرية التي تصدر عنه «الأمم مثل العائلات: ينشأ فيها الرجال العِظام غَصْبَاً عنها». وما تبقَّى من إضاءات وجودية اليوم لا يعدو كونه «غصْباً» عن السائد، والمسار الذي ارتأته «أمم» العرب لا «الأمة» الواحدة. «غصْباً إما بفعل الهجرات، وإما الانزواء بصمت في زوايا مُعْتِمة في بعض الأوطان اشتغالاً على مشاريع لا يلتفت إليها أحد، ولكنها ستترك فعلها وأثرها وربما دويَّها في المستقبل. المستقبل الذي وضعت «أمم» العرب متاريس تحول دون وصول أحد من رعاياها إليه، ما لم يكن خارج دائرة تصحُّرها وهوسها بالماضي الذي درَس، والثروات التي هي في طريقها إلى النهاية، ليبدأ فصل جديد من التوحُّش في صورته الظاهرة الفاقعة، قبل أن يكون توحُّشاً بالمعنى العميق، سلوكاً ونظراً وتعاطياً مع البشر والعالم، واتِّكاء على ثروات ستنضب، لم تزدْها إلا جفافاً وتوحُّشاً وشهوة للدمار والفوضى!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4811 - الأحد 08 نوفمبر 2015م الموافق 25 محرم 1437هـ
اسباب
اسباب دمار الاوطان هى امريكا وحلفائها استغلت النفوس الضعيفة ابتاع الهوامير العرب وسحبت من ميزانيات بلدانهم اموال طائلة لتدمير الاوطان وبث الفتن الطائفيه وسفك الدماء البريئه وتشريد الناس من اوطانهم اريد اعرف ماذا استفدتون بقتل الابرياء على ايدى لاتخاف الله وهم الدواعش اريتون قتلو 200 طفل باطلاق الرصاص عليهم الا تخافون الله يا مجرموون لاكن الله لكم بالمرصاد مافى مفر من النار
73 فرقه
73 كلهم باطل فرقه واحده فقط على حق منطقيا من ههي الفرقه فكل واحد يدعي انه هو له الحق فنفكر بما يرضي الله
هذا هو الواقع الحقيقي
كما كتبته وصغته كان العالم ملك لهم يقومون بالقتل الابرياء ويصنعون الحروب ليكون لهم هيبه ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين