تسببت كوارث الصراع والنزاعات المسلحة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في نزوح موجة من «اللاجئين الصغار» نحو مناطق أخرى للبحث عن ملاذات آمنة، على أمل أن يحققوا فيها بعض أحلام طفولتهم وبراءتهم والمستقبل.
وكانت دول القارة الأوروبية، ذات الأنظمة السياسية المستقرة والقوانين الحقوقية والإنسانية والثروات الاقتصادية الهائلة، قياساً على كل العالم، هي مقصد هؤلاء الأطفال، الذي فقد بعضهم عوائله نتيجة التشرد، أو التصفية الجسدية، أو الغرق في «قوارب الموت» أو غير ذلك من أسباب التعسف والقهر. ورغم بلوغهم ضفاف السواحل الأوروبية، تصدت لهم تداعيات أزمة اللجوء، التي تعاني منها دول الاتحاد الأوروبي، وقطعت على غالبيتهم أو بعضهم على الأقل، سبل الاستقرار في المناطق التي كانوا يفضلونها.
وقالت الصحف البريطانية، التي تطرقت لمعاناة اللاجئين الأطفال في بريطانيا وعموم أوروبا، بأن هناك أكثر من 750 طفلاً، يتقدمون يومياً بطلبات حق اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، وكان لبريطانيا وألمانيا النصيب الأوفر من كل هذه الطلبات، التي يأمل أصحابها تحقيق حلمه بالاستقرار وبناء المستقبل، وإن كان تحقيق ذلك الأمل أمراً بالغ الصعوبة، في ظل كافة الأجراءات الصعبة والمشددة، التي تفرضها حكومات دول الاتحاد الأوروبي، بعد تفعيل كافة الإجراءات المتعلقة بقوانينها الجديدة.
وبحسب تقرير جديد لمنظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة، أشارت إليه صحيفة «الاندبندنت» البريطانية، فإن أكثر من 190 ألف طفل، تقدموا بطلبات حق اللجوء في بريطانيا، خلال الفترة ما بين ديسمبر/ كانون الأول 2014 وسبتمبر/ أيلول من العام 2015 مقارنة بـ 98 ألفاً فقط، في العام 2014.
وأما في ألمانيا، فإن هناك أعداداً تكاد تكون، شبه قياسية لطلبات اللجوء المقدمة من جهة الأطفال اللاجئين القصر، في مختلف مقاطعات الفيدرالية الألمانية، وإن غالبية هذه الطلبات، لاتزال قيد الدرس، بسبب الروتين الممل في العديد من دوائر الهجرة واللجوء في ألمانيا.
وضمن هذا المجال ـ بحسب صحيفة «الاندبندنت» - حثت يافيت كوبير رئيسة فريق العمل الخاص باللاجئين في حزب العمال البريطاني، الحكومة البريطانية على قبول المزيد من طلبات لجوء الأطفال، الذين «يعانون الآن بشدة من أزمة اللجوء» التي تزداد يوماً بعد يوم في أوروبا، في وقت يتعرضون فيه إلى فترة شتاء قاسية وعصيبة. مضيفة، أن قبول بريطانيا لـ 4000 لاجىء في هذا العام، لا يعادل مستوى الحجم الهائل من طلبات اللجوء، التي تنتظر الردود السريعة، وعليه فإنه يتوجب على السلطات المختصة بقضايا الهجرة تحمل مسئولياتها القانونية تجاه تلك الأوضاع «لأننا لا نريد أن نندم في يوم ما، على السماح «بموت الأطفال من دون أدنى الأسباب».
وقالت عدة منظمات حقوقية وإنسانية وخيرية أوروبية، إنه يتوجب على جميع حكومات دول الاتحاد الأوروبي، التي تربطها التزامات المفوضية الأوروبية لشئون الهجرة، مواصلة السعي لإيجاد الحلول الكفيلة بمعالجة الأسباب الكامنة وراء أزمة اللجوء في أوروبا، حتى لا يصبح الأطفال القصر أوعائلاتهم، الذين يعانون اليوم من موجات البرد القارس، ضحايا الصراع على تقاسم حصص المهاجرين واللاجئين، حيث إن رعاية كل هؤلاء والمحافظة على سلامتهم وتوفير الملاذات الآمنة لهم، هو حق أصيل من حقوق الإنسان، الذي كفلته الدساتير الوطنية والأوروبية، وكذلك الأعراف والمواثيق والقيم والمبادئ الروحية والأخلاقية والإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4810 - السبت 07 نوفمبر 2015م الموافق 24 محرم 1437هـ
الله لهم ..ما بيدي حيلة
لا حول ولا قوة الا بالله