العدد 4809 - الجمعة 06 نوفمبر 2015م الموافق 23 محرم 1437هـ

مناسبة أممية جديرة بالاحتفاء

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

في مناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين الذي صادف الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني، حيا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ذكرى الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين قتلوا أثناء أدائهم واجبهم وذكر في كلمته التي نشرتها أغلب وسائل الإعلام أن ما يزيد على 700 صحافي قتل خلال العقد الأخير لمجرد قيامهم بتقديم الأخبار والمعلومات إلى الجمهور، وذكر أنه من بين كل 10 جرائم ترتكب ضد الصحافيين فإن واحدة فقط يجري التحقيق فيها و7 في المئة من هذه الجرائم تجد طريقها للحل، رأى الأمين العام أن هذا الشكل من الإفلات من العقاب يعمق شعور الصحافيين بالخوف ويمكن الحكومات من تفادي المساءلة بشأن رقابتها عليهم، لذلك يقترح مضاعفة الجهور لمكافحة تيار الإفلات من العقاب وضمان بيئة يستطيع فيها الصحافيون نقل الأخبار بحرية وإلا يضطرون إلى ممارسة الرقابة الذاتية خوفاً على أرواحهم، ولدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة دور تؤديه من أجل إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين ضمن خطة عمل تتعلق بسلامة الصحافيين أولاً والإفلات من العقاب معاً وهي جهود جماعية تشتغل عليها وكالات الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام، واختتم بالقول «يجب علينا أن نعمل معاً على إنهاء حلقة الإفلات من العقاب وأن نصون حق الصحافيين في قول الحقيقة».

مر عامان منذ انطلقت هذه المبادرة الأممية التي أريد لها أن تمنح الصحافيين بعض الأمان وتذَكر سلطات الضبط والمنع والقمع في كل الأرض العربية بعدم الاستهانة بهم، فحقوقهم ستظل محفوظة ومكفولة ضمن الأعراف والمعايير الدولية وليس ضمن تشريعات بلدانهم الشديدة التضييق على الحريات، وهي حقوق لن تسقط بالتقادم، وسوف يصار إلى إعادة المحاكمة ولو بعد حين، وأي ظلم أو عقاب يقع عليهم سيجد طريقه إلى النشر والعرض والمطالبات محلياً ودولياً.

وقد جاء الربيع العربي قبل إصلاح منظومة الصحافة العربية التي ظلت تتبوأ الدرجات الدنيا في الحريات ضمن مقاييس المنظمات الدولية كـ «مراسلون بلا حدود» و «بيت الحرية» و «لجنة الصحافة العالمية» و «تقارير الاتحاد الدولي للصحافة العالمية» وحتى «اتحاد الصحفيين العرب» التابع للجامعة العربية، جاء الربيع الذي جرى تخريبه والتآمر عليه وقوانين الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع تجيز معاقبة الصحافيين وحبسهم وتغريمهم، وقد جرى قتل الصحافيين والمصورين والمدونين واعتقالهم وتعذيبهم وفقاً لقوانين الإعلام الجائرة وتحت مزاعم تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام، ولاتزال هذه القوانين بعيدة عن روح العصر ومقتضاياته، لذلك يجنح الصحافيون في هذه المنطقة من العالم إلى ممارسة أقصى درجات الرقابة الذاتية خوفاً على حياتهم وأرزاقهم، إن اليوم الأممي للإفلات من العقوبات على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين لم يشر إلى محاربة الصحافيين في مصدر رزقهم وإبعادهم وفصلهم من أعمالهم عقاباً لهم على ممارسة حرية التعبير المكفولة دستورياً والمنتهكة على أرض الواقع، أو التضييق عليهم أثناء ممارسة أعمالهم أو حجب المعلومات عنهم أو إبعادهم عن حضور الأنشطة والفعاليات المتصلة بعملهم وهذا أمر يحدث لمراسلي الصحافة العالمية الذين يحرمون من التراخيص أو من تجديدها فتضطر هذه الجهات للاستغناء عنهم أيضاً.

إن الصحافة الحرة المستقلة لم يعرفها العالم العربي بعد، ولم تجرؤ صحيفة عربية واحدة على نشر الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين منذ انطلاق الربيع العربي، إن توثيق الانتهاكات ضد الصحافيين نجده في المدونات والإعلام الإلكتروني الذي يُلاحق هو الآخر ويزٌج بأصحابه في السجون، وأما محاكمات المتهمين بقتل الصحافيين أو تعذيبهم فتصنّف في ثلاث حالات، أما تعليق وتطويل محاكماتهم، أو تجميدها إلى ما لا نهاية، أو براءة القتلة والمعذبين.

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 4809 - الجمعة 06 نوفمبر 2015م الموافق 23 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً