قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن صحفيا مستقلا معروفا بانتقاده للحكومة الجزائرية يقبع رهن الاحتجاز منذ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2015. على السلطات الجزائرية الإفراج عن الصحفي حسان بوراس، 45 عاماً، أو تقديمه في غضون مهلة معقولة إلى محاكمة عادلة وعلنية.
في 2 أكتوبر/تشرين الأول، اقتحمت الشرطة منزل الصحفي وفتشته، ويقع المنزل ببلدة البياض، على بعد 500 كيلومتراً إلى الجنوب من الجزائر العاصمة. في 4 أكتوبر/تشرين الأول، وجه المدعي العام بمحكمة البياض الابتدائية إلى بوراس تهم "إهانة مؤسسات الدولة" و"الاعتداء بغرض قلب نظام الحكم". وفي اليوم نفسه، أمر أحد قضاة التحقيق باحتجازه.
قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن احتجاز حسن بوراس والتهم القمعية الموجهة إليه تندرج ضمن الجهود المبذولة لترهيب منتقدي الحكومة. مرّ على احتجاز بوراس شهر كامل، ولكنه لم يُخطر، على ما يبدو، بسبب اعتقاله، ولم يطلع على الأدلة المستخدمة ضدّه".
كان بوراس ينتقد الحكومة بما في ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي. وقد سبق للسلطات الجزائرية استهدافه نظرا لكشفه عن الفساد المحلي في البياض.
قال نور الدين أحمين، أحد محامي الدفاع عن بوراس، لـ هيومن رايتس ووتش إن قاضي التحقيق لم يستدع شهودا إلى الآن، ولم يقدم أدلة تؤيد التهم، ولم يحدد موعدا للمحاكمة. كما قال أحمين، الذي حضر جلسة بوراس في 4 أكتوبر/تشرين الأول، إنه لا ممثل الادعاء ولا قاضي التحقيق قد أبلغا بوراس بأساس التهم التي تلياها عليه. على السلطات أن تكشف لبوراس فورا عن أي أدلة ثبوتية بحقه، وعليها أيضا أن تلغي مواد قانون العقوبات التي تجرم التشهير بمؤسسات الدولة.
بموجب المادة 77 من قانون العقوبات الجزائري فإن كل من يقوم "باعتداء يكون الغرض منه إما القضاء على نظام الحكم أو تغييره، وإما تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو ضد بعضهم بعضا، وإما المساس بوحدة التراب الوطني" قد يواجه عقوبة الإعدام. تعمل المادة 146 من قانون العقوبات على تجريم "إهانة" مؤسسات الدولة، بعقوبة تصل إلى السجن لمدة 5 سنوات.
بوراس عضو في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن مناطق الجزائر الجنوبية، كما أنه عضو في "جبهة الرفض"، وهي ائتلاف من عدة جمعيات أنشئ في مارس/آذار 2014 للاحتجاج على استخراج الغاز الصخري في الجزائر. وقد دأب على تقديم المساهمات للقناة التلفزيونية ذات الملكية الخاصة "المغاربية"، التي تكرر انتقادها للحكومة الجزائرية وكشفها للفساد ، كما كتب لصحيفة "الخبر" الوطنية المستقلة.
في 2003 حكمت إحدى المحاكم على بوراس بالسجن لمدة عامين بموجب المادة 146 من قانون العقوبات، والتي جرمت التشهير بمؤسسات الدولة وإهانتها. بعد 25 يوماً من الاحتجاز أمرت محكمة الاستئناف في سعيدة بالإفراج عنه وحكمت عليه بغرامة.
في 2008، حكمت محكمة البياض الابتدائية على بوراس بالسجن لمدة شهرين وغرامة قدرها 40000 دينار جزائري (380 دولار أمريكي) بتهمة التشهير و"إهانة مؤسسات الدولة" في أعقاب شكوى مقدمة من عمدة البياض.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الظروف المحيطة باعتقال بوراس الأخير تعزز بواعث القلق من أن تكون التهم الجنائية الموجهة إليه ذات دوافع سياسية. قالت زهرة بوراس، شقيقة حسان، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في نحو الساعة 5:45 من مساء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2015، قام أكثر من 27 من عناصر الشرطة، بعضهم بثياب مدنية والباقون بزي رسمي يعلوه شعار "فرع الاستعلامات والتحقيقات"، بكسر باب منزلهما والدخول. أحاط عدد من هؤلاء بشقيقها وقيدوا يديه:
أخرج أحد عناصر الشرطة هراوة تشبه الصاعق الكهربائي وصدم حسان بها في صدره. فتش الباقون المنزل بأكمله. ذهبوا إلى غرفة حسان وأخذوا نقوده ودفتره والكاميرتين الخاصتين به وحواسبه وهاتفيه وبطاقات اتصال، وجواز سفره وبطاقته الشخصية.
كما دخل بعض عناصر الشرطة غرفتي. ألقوا بكل شيء على الأرض، بل وفتشوا درج ملابسي الداخلية وألقوه على الأرض بدوره! أخذوا حاسبي المحمول وهاتفي.
طلبت منهم أن يستظهروا بتصريح التفتيش. قال أحدهم إن لديهم تعليمات من "سلطات رفيعة المستوى" باعتقال شقيقي. صاح آخر في وجهي: "أنت تعملين معه! أنت ناشطة على فيسبوك!". لم يغادروا المنزل إلا الساعة 7:40 مساءً.
في قرار بشأن الجزائر تم تبنيه في 28 أبريل/نيسان، لاحظ البرلمان الأوروبي تزايد التضييق الحكومي على النشطاء الحقوقيين، وأبدى قلقا من "إساءة استخدام القضاء كأداة لخنق المعارضة في البلاد". واستحث السلطات الجزائرية على تعزيز استقلال القضاء، وتقديم ضمانات فعالة للحق في المحاكمة العادلة،عملا بالدستور الجزائري والمعايير القانونية الدولية.
من العناصر المحورية في المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير ـ وبوجه خاص في مجال الحكومة والشأن العام ـ ألا يجوز لهيئات الدولة ومؤسساتها أن تتقدم بدعاوى التشهير، ولا أن تقبل رفع تلك الدعاوى نيابة عنها.
أما مبادئ وتوجيهات الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا، التي تبنتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في 1999، فتنص على أنه "ما لم تكن هناك أدلة كافية تستوجب منع الشخص المعتقل بتهمة جنائية من الفرار، أو التأثير على الشهود، أو تهديد الغير تهديدا واضحا وخطيرا، فإن على الدول أن تضمن عدم استبقائه رهن الاحتجاز في انتظار المحاكمة".
وتُلزم المبادئ نفسها السلطات بإخطار الشخص المعتقل بتفاصيل التهم أو القانون المنطبق عليه، والوقائع المزعومة التي استندت إليها التهمة، بما يكفي لتبيان فحوى الشكوى المقدمة بحق المتهم. كما تمضي تلك المبادئ لتقول إنه يجب إخطار المتهم على النحو الذي يسمح له بإعداد دفاعه، واتخاذ خطوات فورية لتأمين الإفراج عنه.