العدد 4807 - الأربعاء 04 نوفمبر 2015م الموافق 21 محرم 1437هـ

«موديز»: تركزات ائتمانية عالية في المصارف الكويتية

الوسط – المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إنها تحتفظ بنظرتها المستقبلية المستقرة تجاه القطاع المصرفي الكويتي، الذي تراه مدعوماً بفضل استقرار وتيرة الإنفاق الحكومية رغم انخفاض أسعار النفط ، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الخميس (5 نوفمبر / تشرين الثاني 2015).

وأشارت الوكالة في تقريرها الذي صدر، أخيراً، تحت عنوان «قوة الإنفاق الحكومي ونمو الاقتصاد غير النفطي يعززان النظرة المستقبلية المستقرة» إلى أن نظرتها تعكس توقعات بتطور الجدارة الائتمانية للقطاع خلال الأشهر الـ12 و18 المقبلة.

وأوضحت «موديز» ان الإنفاق الحكومي وتسارع تنفيذ المشاريع البنية التحتية بالإضافة إلى الاستهلاك المحلي القوي ستدعم بيئة عمل مواتية للبنوك، على الرغم من انخفاض عائدات النفط، وأن التوقعات تشير إلى تراجع القروض المتعثرة إلى نحو %3 من إجمالي القروض خلال عام 2016/2015 بالمقارنة مع %4 في نهاية عام 2014، لتعود بذلك المستويات المسجّلة قبل الأزمة العالمية في عامي 2008 و2009.

تركزات المقترض

رغم توقعات الوكالة باستقرار القروض غير المنتجة، فإن جودة أصول البنوك لا تزال معرضة لمخاطر تركزات المقترض العالية، والتي تزيد من مخاطر التعرض لتعثر مقترض واحد كبير. وبحسب تقديرات التقرير، وكمعدل وسطي، تتخطى انكشافات أكبر 20 مجموعة ما نسبته %150 من رأس المال البنوك من المستوى الأول. ورغم أن مثل هذه التركزات اعتيادية في البنوك التي تعمل بمنطقة دول التعاون، فإن هذه المؤسسات ستجد صعوبة في تخفيضها، نظراً إلى سيطرة عدد صغير من التكتلات على اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي.

في غضون ذلك، بلغ مجموع احتياطيات خسائر القروض في البنوك التي يصنفها التقرير نحو %5 من مجموع محافظها حتى نهاية 2014، وتتوقع الوكالة أن تزيد هذه الحصة في الفترة الممتدة.

كما توقعت الوكالة أن تتحسن رسملة البنوك، ولو زاد نمو الائتمان، وقالت إن مستويات رأس المال المرتفعة في البنوك الكويتية من نقاط القوة الرئيسية التي تعزز النظرة المستقبلية المستقرة التي منحتها للنظام المصرفي المحلي.

بالإضافة إلى ما سبق، توقع التقرير أن تحافظ البنوك الكويتية كسائر معظم البنوك الخليجية على الكفاءة العالية للتكلفة. وتوقعت أن تواصل البنوك الكويتية تسجيل معدلات كفاءة أفضل من نظيرتها العالمية. ولاحظت «موديز» أنه كسائر البنوك الأخرى في دول التعاون، تستفيد ربحية البنوك الكويتية من الضرائب المنخفضة المفروضة.

وقال المحلل في الوكالة أليكسيوس فيليبيدوس إن البنوك الكويتية حققت تقدماً كبيراً في ما يتعلق بإعادة تأهيل محافظ القروض، في حين ستساعد فيه الظروف التشغيلية المواتية على احتواء أي قروض قد تتحول إلى التعثر.

وقال فيليبيدوس إن نسبة القروض المتعثرة للبنوك الكويتية بلغت ذروتها في عام 2009 لتبلغ %10.2، كما أضافت الوكالة أن البنوك الكويتية ستبقى عرضة للانكشاف على تركزات عالية وتقلبات في أسواق الأسهم والعقار، مشيرة إلى أن مخاطر تخفيض تصنيف النظرة المستقبلية تشمل، أيضاً، التراجع المحتمل في مستويات الثقة لدى المستثمرين والمستهلكين في الفترات الدورية ربع السنوية المقبلة، والمتوقع أن تكون نتيجة لحالة عدم اليقين بشأن الآثار المترتبة على انخفاض أسعار النفط، مما يؤثر سلباً على البنوك الكويتية، وقد يسفر عن انخفاض أسعار الأصول وتراجع نمو الائتمان لدى القطاع المصرفي.

واردفت الوكالة قائلة ان: «النظام المصرفي الكويتي سيحتفظ بقدرته الكبيرة على امتصاص الخسائر مستمداً الدعم من مستويات الرسملة العالية وفقا لمعايير اتفاقية بازل الثالثة، حيث الجانب الرئيسي من رأس المال يمثل %14.8 كما في نهاية عام 2014 لدى البنوك المصنفة، فضلا عن تحسن المخصصات الاجمالية لمواجهة خسائر القروض التي تعادل حوالي %5 من اجمالي محافظ القروض لدى النظام المصرفي مقابل تغطيتها بنسبة %125 لاجمالي القروض المتعثرة كما في نهاية عام 2014.

وتتوقع الوكالة ايضا ان تستعيد ربحية البنوك الكويتية عافيتها تدريجيا على خلفية تقلص اعباء مخصصات الديون المتعثرة في ظل تحسن مؤشر العائد على متوسط الاصول الى اكثر من %1.5 خلال الفترة تحت الدراسة..

وقال فيليبيدس: «إن نمو القروض سيكون بوتيرة بطيئة، وقد وضعت البنوك الكويتية بالفعل مخصصات عامة كبيرة وحققت تقدما مهما على صعيد شطب الديون المتعثرة القديمة».

علاوة على ذلك، قالت الوكالة ان النظام المصرفي الكويتي سيبقى معتمداً على الودائع كمصدر رئيسي للتمويل، حيث بلغت %81 من التمويل غير المتعلق بالاسهم، كما في نهاية يونيو 2015، وستستمر في بناء ارصدة سائلة مريحة للغاية. مع ذلك، توقعت الوكالة تباطؤ تدفق الودائع الحكومية في ضوء تدني اسعار النفط، مما يجعل بعض البنوك تزيد من اعتمادها على السوق المحلي في الحصول على التمويل اللازم.

وتوقعت وكالة موديز ان تتصدى الحكومة لتوفير الدعم للبنوك إذا ما دعت الضرورة، لا سيما في ضوء قدرة الحكومة على استدعاء الاحتياطيات السيادية الخارجية، والتي يقدر حجمها بأكثر من ثلاثة اضعاف حجم الناتج المحلي الاجمالي للبلاد.

البيئة التشغيلية

واضافت ان الظروف التشغيلية للبنوك الكويتية لا تزال مشجعة في الاشهر الــ 12 و18 المقبلة، مع استمرار دفع الانفاق الحكومي لعجلة النمو الاقتصادي، مما سيطرح امام البنوك فرص اقراض وجني رسوم، ويعزز الشروط الائتمانية المحلية، من جانبه، توقع صندوق النقد الدولي ان يبلغ نمو الناتج المحلي الاجمالي بعيدا عن القطاع النفطي حوالي 3 في المئة هذا العام وفي 2016، اما معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي فسيزيد الى %4 بعد 2016 حيث سيستشعر الاقتصاد اثر الاستثمارات الكبيرة المنفذة في 2015.

في غضون ذلك وبعد سنوات من تكديس الفوائض المالية الكبيرة، تقدر احتياطيات الكويت عند 590 مليار دولار كما في يونيو 2015 اي ما يساوي اكثر من ثلاثة اضعاف الناتج المحلي الاجمالي، في حين ان مستويات الدين الحكومية متدنية وتبلغ %7 من الناتج المحلي الاجمالي كما في نهاية 2014، الامر الذي يتيح باستمرار المحفزات المالية حتى لو ظلت اسعار النفط منخفضة خلال الفترة الممتدة، اما بالنسبة لسعر نقطة التعادل المالية للكويت فيبلغ حوالي 47 دولارا للبرميل، وهو الادنى بين دول التعاون، ولا يزال اقل بشكل طفيف من توقعات الوكالة لاسعار خام برنت والمرجح ان تكون بين 55 دولارا و53 دولارا في 2015 و2016 على التوالي، وبناء على ما سبق، تتوقع «موديز» ان تكون الكويت الوحيدة خليجياً التي ستسجل فوائض مالية هذا العام وفي 2016.

كما توقعت الوكالة أن يبلغ نمو الائتمان المحلي حوالي %8 خلال الفترة المتوقعة، على أن يكون التضخم المتوقع ما بين 3 إلى 4 في المئة. وتأتي التصورات على خلفية ارتفاع معدل تنفيذ المشاريع واستمرار الإنفاق الاستهلاكي. كما سيساعد إطار العمل الجديد لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وترويج الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد على دفع عجلة التقدم بالاستثمارات الخاصة والطلب على الائتمان من الشركات. أما أجور القطاع العام المرتفعة والزيادة الثابتة لموظفي القطاع الحكومي وتوظيف العمالة الوافدة الماهرة فسيزيد الطلب على القروض الاستهلاكية، رغم ان سرعة النمو ستكون معتدلة.

في حال اقترضت الحكومة الكويتية محلياً لتمويل الإنفاق على الميزانية خلال الفترة الممتدة المتوقعة، من المتوقع أن يكون لهذا الأمر أثر إيجابي على ربحية البنوك، وقد يساعد في تطوير أسواق المال المحلية.

خطة التنمية

 

قال التقرير انه في حين تمت الموافقة على الكثير من المشاريع بشكل فردي أو كجزء من خطة التنمية الأولى، فإن وتيرة العمل على تنفيذ المشاريع محلياً في تصاعد وستساعد في تحريك التسهيلات الائتمانية الجديدة وتوليد دخل للبنوك من الرسوم، وتنويع الاقتصاد المحلي. ولفتت الوكالة في هذا الصدد إلى أن الكويت تتخلف عن دول التعاون الأخرى في ما يتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ولا يزال الاقتصاد يعتمد كثيراً على دخل قطاع الطاقة، الذي يساهم بحوالي %80 من إيرادات الحكومة وأكثر من %60 من الناتج المحلي الإجمالي في 2016، وهي الأعلى بين دول التعاون.

في غضون ذلك، وبفضل وجود مجلس أمة تصالحي إلى حد ما، وطرح عدد من الإصلاحات الهيكلية وغير ذلك في مجال الحوكمة في ما يتعلق بطرح المشاريع تحسنت عملية تنفيذ المشاريع في العام الماضي.

وارتفعت قيمة المشاريع التي تمر في مرحلة التخطيط أو الترسية أو التنفيذ في البلاد إلى 247 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2015، ليبلغ نموها على الأساس السنوي %9. كما سجلت الكويت رقماً قياسياً في قيمة العقود التي تمت ترسيتها منذ بداية العام وحتى الآن، حيث بلغت 30 مليار دولار، وكان أغلبها في شهري يوليو وأغسطس. وترى الوكالة ان هذا النشاط المرتفع في الأشهر القليلة الماضية ساهم في تعزيز الثقة بقطاع أنشطة الأعمال في البلاد.

المخاطر

قالت وكالة موديز ان أبرز ما يواجه النظرة المستقبلية للبنوك من مخاطر هو تراجع ثقة المستثمرين والعملاء، بسبب عدم الوضوح الذي يلف أسعار النفط المنخفضة، مما قد يؤدي الى تراجع أسعار الأصول والنمو الائتماني للبنوك. وترى الوكالة ان أي خلاف متجدد بين الحكومة والبرلمان، والذي قد يعطل الإنفاق الرأسمالي ومساعي تخصيص الإنفاق العام على الاستثمارات، قد يؤدي إلى تخفيض توقعات النمو، لا سيما في ما يتعلق بالنمو الائتماني للشركات. كذلك لفتت «موديز» إلى المخاطر الجيوسياسة في المنطقة كاحدى النقاط المقلقة. مع ذلك، يعتقد التقرير ان الاحتياطيات المالية الكبيرة وأسعار نقطة التعادل المالية المنخفضة ستخفف من المخاطر على النظرة المستقبلية للبنوك.

جودة الأصول

يقول التقرير إن القروض المتعثرة بلغت %4 من اجمالي القروض في ديسمبر 2014 بالنسبة للبنوك التي تصنفها الوكالة، بينما وبحسب البنك المركزي، فقد هبطت القروض لمستوى قياسي بلغ %2.3، من القروض الكويتية المحلية فقط حتى نهاية 2014، مع استمرار شطب البنوك، والتوصل لتسويات بخصوص القروض المتعثرة التي وصلت لمستويات عالية في عام 2009. في غضون ذلك، كانت القروض التي يصنفها البنك المركزي على انها «قروض تحت المراقبة» ضئيلة للغاية، مما يشير إلى امكانية ضعيفة لتشكل قروض متعثرة جديدة.

الانكشاف على العقار

لفت التقرير الى ان القروض الاستهلاكية المنظمة الاقل من حيث المخاطر كانت الدافع الرئيسي للنمو الائتماني خلال الاعوام الاربعة الماضية. وزاد مجموع هذه القروض في اجمالي محافظ القروض المحلية للبنوك الى %31 في نهاية 2014 من اقل من %22 قبل 5 سنوات، الامر الذي يعزز من جودة الاصول بشكل عام. تستهدف هذه القروض موظفي الدولة، اذا يعمل حوالي %90 من الكويتيين في القطاع الحكومي، وتستقطع اقساطها الشهرية مباشرة من الحسابات المصرفية للمقترضين، ونظرا الى الامن الوظيفي في الكويت، ونظام الرعاية الاجتماعي الشامل، يعد اداء هذه القروض تاريخيا افضل من الانواع الاخرى، كما تساعد ايضا على تحسين جودة دفاتر القروض المركزة في البنوك الكويتية على خلاف ذلك.

مع ذلك، لا يزال التقرير يرى مستويات مخاطر اعلى من المعدل الوسطي في تمويل البنوك للقطاع العقاري، وشركات الاستثمار الكويتية (بما فيها المؤسسات المالية غير المصرفية)، والقروض الشخصية لتمويل شراء الاوراق المالية. هذه القطاعات كانت سبب معظم القروض المتعثرة في 2008 و2009، ورغم ان الظروف الاقتصادية الراهنة مشجعة، الا ان هذه الانكشافات قد تواجه ضغوطا متجددة عند عودة دورة التقلبات الاقتصادية. كما تشكل هذه القطاعات الثلاثة مجتمعة %40 من قروض النظام المحلي، كما في نهاية 2014، اقل مما كانت عليه في 2009 حين بلغت آنذاك %49. ولفت التقرير الى ان انكشاف البنوك على شركات الاستثمار الآن يشكل %3 فقط من مجموع الاقراض، مقارنة مع %9 في 2009. ورغم استمرار نمو اقراض القطاع العقاري المتقلب، فإن المعايير الحصيفة الشاملة التي فرضها البنك المركزي في 2013 تخفف جزئيا من المخاطر.

إلى جانب أن انكشاف القروض محليا يشكل معظم محافظ قروض البنوك الكويتية (%71 من اجمالي القروض في نهاية 2014)، تم توجيه قروض نحو مناطق اخرى عديدة، وتشكل اوروبا ودول التعاون الحصة الاكبر منها بنسبة %11 و%10 على التوالي. وعززت بعض البنوك الكويتية توسعها في مناطق تشغيلية ذات معدلات تقلب مرتفعة في شمال افريقيا والشرق الاوسط.

أرباح الشركات

يقول التقرير ان مجموع ارباح الشركات المدرجة في بورصة الكويت باستثناء البنوك، في النصف الاول من العام الجاري، كانت بصورة عامة بمستويات العام السابق، ومستويات ما قبل انخفاض اسعار النفط. والاهم من هذا، استمرار تراجع الخسائر، اذ انخفضت بنسبة %42 على الاساس السنوي، الامر الذي يعزز من توقعات الوكالة بتشكيل قروض متعثرة منخفضة. مع ذلك، وبحسب بيانات صادرة عن بنك الكويت الوطني، لا تزال اسعار العقارات مستقرة هذا العام. وتلاحظ «موديز» ان سوق العقار الكويتي يتصف بمحدودية الاراضي المعروضة وثبات الطلب على الوحدات السكنية من التركيبة السكانية المتنامية. ويستخدم العقار كضمان على نطاق واسع في الكويت. لهذا، فإن استقرار أسعار العقار سيساعد البنوك على استرداد القروض. 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً