العدد 4807 - الأربعاء 04 نوفمبر 2015م الموافق 21 محرم 1437هـ

«غونكور» العام 2015 تتجه إلى «بوصلة» الفرنسي ماتياس إينار

كشْف القائمة النهائية في تونس دعماً للديمقراطية الوليدة...

إينار يجيب على أسئلة الصحافيين بعد حصوله على الجائزة
إينار يجيب على أسئلة الصحافيين بعد حصوله على الجائزة

مُنِحت أقدم وأعرق جائزة أدبية في فرنسا (غونكور)، إلى الروائي الفرنسي ماتياس إينار (43 عاماً) عن روايته «بوسول» (بوصلة)، ولم تأتِ روايته هذه المرة بعيداً عن اهتمامه وولعه بالشرق، واشتغاله على محاولات التقريب بين العالمين، وهو الذي تلقَّى تعليمه في معهد اللغات والحضارات الشرقية بباريس، وأتقن اللغتين: العربية والفارسية، وأتاحت له إقامته في الشرق ردْحاً من الزمن، تلك القدرة على اقتناص موضوعاته وشخصياته، والقيم التي يريد تمريرها، في أعماله اللافتة التي حصد من خلالها الجوائز منذ العام 2003.

ذلك ما كشف جانباً من تفاصيله كيم ويلشير، من «الغارديان» البريطانية، في تقرير من العاصمة الفرنسية (باريس)، في اليوم نفسه لإعلان الجائزة يوم الثلثاء (3 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)، من قبل أكاديمية غونكور من خلال لجنة التحكيم التي تكونت من عشرة أعضاء. وحصد إينار أصوات ستة من أعضاء اللجنة البالغ عددهم عشرة، ويصور في روايته الشرق بما يختلف عن الصورة النمطية السائدة عنه في الغرب. وشكَّك بعض في إمكان فوزه بسبب الموضوع الذي تتناوله الرواية.

اختيار إينار هذا العام، دفعه إلى القول بعد تلقيه نبأ الفوز بالجائزة بعد غداء تقليدي من حساء الضأن والزيتون في مطعم Drouant بالقرب من أوبرا غارنييه في باريس، إن هذا العام هو المُفضَّل لديه لتلقِّي الجائزة.

تروي رواية «بوصلة» قصة فرانتز ريتر، عازف الموسيقى النمساوي المؤرَّق على فراش مرض غير مُحدَّد في العاصمة النمساوية (فيينا). هنا، حيث يقضي أيامه ولياليه الطوال ممعناً التفكير في عدد من القضايا بما في ذلك حب بلا مقابل لامرأة فرنسية، وكذلك العلاقة بين أوروبا والشرق الأوسط.

الرواية الفائزة تأتي في الترتيب التاسع من الأعمال المنشورة لإينار، وتم وصفها من قبل الناشرين بأنها «مديح شعري لتاريخ طويل من التبادلات الثقافية بين الشرق والغرب».

وتمنح الجائزة، لأفضل عمل نثري إبداعي للعام»، من قبل أكاديمية غونكور. وتضم قائمة الفائزين السابقين مارسيل بروست، سيمون دي بوفوار، أندريه مالرو، مارغريت دوراس، جوناثان ليتل وميشال ويلبك.

ولا تكمن أهمية التكريم بالجائزة في قيمتها النقدية التي تبلغ 10 آلاف جنيه إسترليني، وهو المبلغ نفسه للجائزة التي انطلقت في العام 1903، ولكن في المبيعات الضخمة التي تضمنها؛ ما يجعل المؤلف صاحب ثروة.

وقد كشفت القائمة النهائية من قبل لجنة التحكيم في تونس كدليل على دعم الديمقراطية الوليدة في ذلك البلد، بعد الهجوم على متحف باردو، في مارس/آذار 2015، عندما قتل جهادي مسلح 21 سائحاً وضابط شرطة.

وتطرَّق الأربعة المتنافسون على الجائزة إلى علاقة الغرب المضطربة مع الإسلام والعالم العربي. والأربعة هم: التونسي هادي قدور عن كتابه «المتفوِّقون»، ماتياس إينار «البوصلة»، توبي ناتان «هذا البلد الذي يشبهك كثيراً»، إضافة إلى المرأة الوحيدة التي بقيت في السباق وهي الفرنسية ناتالي أزولاي صاحبة كتاب «تيتوس لا يحب برنيس».

وكان الخيار المفضَّل لبعض أعضاء لجنة التحكيم، في وقت مبكّر، مُوجَّهاً إلى رواية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (2084)، وهي رؤية بائسة لمستقبل الخلافة الإسلامية، ويبدو جلياً أن الرواية في مقاربتها ومقارنتها، تنحو نحو الرواية الشهيرة للبريطاني جورج أورويل (1984). ومع ذلك، فإن صنصال، الذي تلقى دعماً من فائز سابق بالجائزة، لم يبلغ الدور قبل النهائي من القائمة.

إينار، المولود في نيور في جنوب غرب فرنسا، قضى سنوات طويلة من السفر في منطقة الشرق الأوسط بعد دراسته، واستقر في برشلونة العام 2000؛ حيث كان يعمل مترجماً، وقام بتدريس اللغة العربية في جامعة برشلونة.

روايته الأولى التي صدرت في العام 2003، تركِّز على قنَّاص في أثناء الحرب الأهلية، تدور أحداثها في بلد لم يكشف عن اسمه، ويعتقد أنها تتركَّز في ليبيا، كما تكشف الرواية عن هاجس إينار مع الموت. وتلقت الرواية إطراء نقدياً في استعراضها، محققة جائزة اللغة الفرنسية.

في العام 2008، نشر روايته «نطاق»، والتي تتكوَّن من 500 صفحة وهي عبارة عن مونولوج يكشف من خلالها عن القسوة الأوروبية، ونالت إشادة مماثلة من النقاد، وحققت ثلاث جوائز أدبية.

يذكر، أن جائزة غونكور، معنيِّة بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية، تمنحها أكاديمية غونكور سنوياً «للعمل النثري - عادة ما يكون رواية - الأفضل والأخصب خيالاً في العام». تم إنشاؤها وفقاً لإرادة ووصية أدموند دي غونكور. وتمنح الأكاديمية 4 جوائز أخرى هي: جائزة غونكور للرواية الأولى، وجائزة غونكور للقصة القصيرة، وجائزة غونكور للشعر، وجائزة غونكور لأدب السيرة الذاتية.


... والأسترالية جوان لندن تنال جائزة باتريك وايت

تم منح الكاتبة الأسترالية جوان لندن، الجائزة الأدبية التي أطلقها الكاتب الأسترالي الحائز جائزة نوبل في الآداب العام 1973، الراحل، باتريك وايت للعام 2015، لمساهمتها الدائمة في الإضافة النوعية التي تحقَّقت للأدب الأسترالي بفضل إصداراتها في مجال القصة القصيرة والرواية.

جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية يوم الخميس (29 أكتوبر/تشرين الأول 2015)، كتبته نانسي غروفز.

وتأسَّست الجائزة من قِبَل وايت، الذي دشَّن صندوقاً استثمارياً يكون بمثابة وقف على الجائزة، مصدره جزء من قيمة جائزة نوبل في الأدب التي حصل عليها العام 1973. وتمنح جائزة باتريك وايت بشكل سنوي لكتَّاب الروايات، القصص القصيرة، الشعر، أو المسرحيات؛ وخصوصاً لأولئك الذين لم يحظوا بالتقدير أو الاعتراف الواجب بمساهماتهم وأعمالهم.

وقالت لندن، مؤلِفة ثلاث روايات، ومجموعتين في القصة القصيرة، إنه تمَّ تكريمها بعُمق وهي بصدد قبول «الجائزة من قِبَل كاتب زميل». وأضافت أنها «جائزة جذبت انتباهي دائماً، مُجسِّدة، كما يبدو لي، أعمقَ قيم باتريك وايت نفسه، الذي كان يعرف كل شيء عن المستويات العالية، أو تلك الهابطة في فضاء الكتابة، وكذلك القلق والشكوك؛ وخصوصاً تلك التي تكون مكينة فقط، والمُراجعات اليومية التي يُمكنها أن تساعد في التغلُّب على المعوِّقات والاحباطات التي تُوَاجه الكاتب في هذا الحقل».

مُوضحة، أن وايت «كان يعلم أيضاً أهمية الاستفادة من العيش الآمن الذي يُمكِّن الكتَّاب من خوض تجربة الكتابة، وتحمُّل المخاطر، وإعطاء الاهتمام والوقت اللازم لعملهم» وتُعدُّ هذه المرة الثالثة التي يحالف فيها الحظ جوان لندن هذا العام؛ إذ كانت أحدث رواياتها «العصر الذهبي» على القائمة القصيرة لمرشَّحي جائزتي: ستيلا، ومايلز فرانكلين.

وكان يُنظر إليها على أنها الأكثر استحقاقاً وتفضيلاً لجائزة مايلز فرانكلين، والتي ذهبت في نهاية المطاف إلى صوفي لاغونا عن روايتها «عين الخراف».

عصر التغيير في أستراليا

وتتناول رواية «العصر الذهبي» قصة صغيريْن يُعانيان من مرض شلل الأطفال في برث الأسترالية، الأولى: إلسا، والثاني: فرانك، وهو طفل من اللاجئين اليهود المجريِّين؛ يقعان في الحب.

وكان مصدر إلهام جوان لندن، حانة تحمل الاسم نفسه في مدينة برث الداخلية، والتي تم تحويلها إلى منزل نقاهة للأطفال الذين يعانون من شلل الأطفال في فترة ما بعد الحرب، وقد قامت بالبحث عن تفاصيل لقصتها في مكتبة «Battye JS».

وكتبت جوان لندن مقالاً في صحيفة «غارديان أستراليا» جاء فيه «أردت أن أكتب عن فترة الخمسينات من القرن الماضي، زمن طفولتي، عندما كانت المدارس مكتظة بالأطفال العاملين».

وأضافت «إنهم ينتمون إلى عصر التغيير الكبير في أستراليا، عصر استرداد وصوغ الهوية الخاصة بنا، تحصيناً لها من تأثير موجات الهجرة من أوروبا وآسيا، لكسر النموذج الاستعماري الإنجليزي، وكذلك تحطيم المواقف الأخلاقية التي كانت عليها الأجيال السابقة».

وعلى رغم أن جوان لندن درست في جامعة ويسترن بأستراليا، وعاشت في فريمانتل لما يقرب من أربعة عقود، إلا أنها ظلَّت مركِّزة اشتغالها في ما تكتب على موضوعات السفر». وقالت عضو لجنة تحكيم جائزة باتريك وايت الأدبية، برناديت برينان: «ينفتح نثرها الشعري الهادئ والرصين على العالم؛ وعلى حدٍّ سواء، ذلك الواقعي منه والخيالي؛ بتناوله موضوعات السفر، والرغبة، وفقدان الحب».

وأضافت برينان «شخصيات جوان لندن التي هي في ترحال (الشخصيات البدوية) تُسافر عبر الفضاء والوقت مؤكدة من خلال ذلك الترحال علاقاتها وتاريخها الإنساني والعالمي المتنوع».

ضوءان... لندن... وايت

يُذكر، أن جوان إليزابيث لندن، كاتبة أسترالية، ولدت في 24 يوليو/تموز 1948، في مدينة برث، وهي عاصمة ولاية أستراليا الغربية، وهي المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكَّان، وتُعدُّ رابع أكبر مدن أستراليا النائية من ناحية عدد السكان.

تكتب القصة والرواية والسيناريو. تخرَّجت من جامعة ويسترن الأسترالية، متلقية دراسات في اللغة الإنجليزية والفرنسية، ودرست اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

تعيش في فريمانتل، بأستراليا الغربية، مع زوجها جيفري. لجوان لندن مجموعتان قصصيتان، الأولى، «أخت السُّفن»، وفازت بجائزة كتاب العصر في العام 1986، والثانية، «رسالة إلى قسطنطين»، وحصلت على جائزة رود ستيل وجائزة رئيس وزراء غرب أستراليا للكتب غير الخيالية، في العام 1994. أصدرت ثلاث روايات: «جلجامش»، الأمهات والآباء الطيبون»، و «العصر الذهبي». لها من القصص إضافة إلى ما تمَّت الإشارة إليه: «عصر الظلام الجديد».

يُشار إلى أن الروائي الأسترالي باتريك وايت، ولد في 28 مايو/أيار 1912، وتوفي في 30 سبتمبر/أيلول 1990 في مدينة سيدني. درس اللغات الحديثة في جامعة كامبردج.

خدم في أثناء الحرب العالمية الثانية في سلاح الجو الملكي، عاد بعدها إلى أستراليا ليستقر فيها، وتخلَّلت ذلك فترات إقامة متقطعة في كل من إنجلترا والولايات المتحدة. صدرت أولى مؤلفاته في العام 1935، وله 27 كتاباً. حصل على جائزة نوبل في الأدب العام 1973.

أولى رواياته «الغريب» وصدرت في العام 1989، وتحوَّلت إلى فيلم من إخراج جون بول دافيدسون العام 1990. من أشهر رواياته «العنكبوت»، وصدرت في العام 1990، وحوَّلها المخرج ديفيد غرونينبرغ إلى فيلم العام 2001، ورواية «المصحَّة» وصدرت في العام 1996 وحوَّلها ديفيد ماكنزي إلى فيلم في العام 2005 ورواية «الصدمة».

أصدر مجموعتين قصصيتين هما: «الدم والماء وحكايات أخرى»، وصدرت في العام 1989 و «المدينة الشبحية»، وصدرت في العام 2005.

جوائز اليانصيب الأديبة!

مقابل ذلك الأداء، وتلك الممارسة في الغرب، بتخصيص أموال وأوقاف لاستمرار وقيام مزيد من الجوائز الأدبية والعلمية أيضاً، تبدو المنطقة العربية نموذجاً للتصحُّر في هذا المجال. علاوة على الجوائز التي تُخصِّصها الدول في منطقتنا؛ ويظل عدد كبير منها ليس بريئاً من تُهَم المحاباة والمحسوبية والولاء الأعمى. وتبقى الجوائز التي يتم تخصيصها من قبل أفراد ومؤسسات؛ قاصرة هي الأخرى، في شكل أو آخر، بتجنُّب بعضها النأي عن الأسماء التي ترى أنها مصدر صداع وقلق، ومحسوبة على تيار الفتن والمعارضات في أوطانها؛ فقط لموقف اتخذته، أو عمل يمسُّ بنية وعمق المنظومات السياسية المتحكِّمة بأرضها وبشرها وحتى السماء التي تعلوها، من خلال الإدلاء بآرائها فحسب.

الأدهى من ذلك، أن بعضاً من الدول في الجغرافية العربية، أعلنت عن جوائز للكتَّاب والمبدعين المحليين، زهيدة في قيمتها المادية وسرعان ما اختفت؛ تماماً مثل عدد من المطبوعات، وفي الوقت نفسه لم تجد حرجاً أو بأساً في تدشين جوائز مخصَّصة لما وراء البحار، وبعض تم تخصيصه لجنسية بعينها، في سابقة لم يعرفها تاريخ الجوائز الأدبية في العالم؛ وحتى جوائز اليانصيب!

جوان لندن
جوان لندن
باتريك وايت
باتريك وايت




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً