وقّع 343 أكاديميّاً بريطانيّاً، على عريضةٍ تطالب بمقاطعةٍ أكاديميةٍ لـ«إسرائيل»، بسبب خرقها القانون الدولي واستمرار احتلالها الأراضي الفلسطينية.
الموقعون على العريضة ينتمون إلى 72 جامعة ومؤسسة علمية بريطانية، من بينها «كامبريدج» و«أكسفورد». وتضمنت العريضة رفض الموقعين العمل مع أيٍّ من الجامعات الإسرائيلية، كما تعهدوا بعدم زيارة «إسرائيل» أبداً ما دامت «اسرائيل» «دولة محتلة». كما أعلنوا أنهم لن ينصحوا أي شخص أو يوجّهوه للتعامل مع أية مؤسسة أكاديمية في «إسرائيل».
هذه العريضة ليست أول مرة، فقد سبقتها مبادرات أخرى في الكثير من الدول، وخصوصاً دول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن دول أميركا اللاتينية، التي تجد نفسها قريبةً من القضية الفلسطينية؛ لما مرّت به من محنٍ وأنظمةِ حكم دكتاتورية متسلطة، واحتلالات لمئات السنين على أيدي المستعمر البريطاني والاسباني والبرتغالي.
أهمية هذه العريضة أنها ضمّت هذا العدد الكبير من الأكاديميين (343)؛ وكونها في بريطانيا، التي تسببت في مأساة الشعب الفلسطيني، بعد إصدارها وعد «بلفور» المشئوم، وتسهيلها عملية الهجرة اليهودية الواسعة إلى فلسطين، حيث قلبت المعادلات الديمغرافية، ومكّنت الصهاينة القادمين من أوروبا وبولندا وروسيا وبقية أصقاع الأرض، من الاستيلاء على أرض سيطرت عليها بريطانيا بالقوة بعد الحرب العالمية الأولى.
دولة «إسرائيل» عاشت على أكذوبةٍ تاريخيةٍ كبرى، وقامت دعائمها على اغتصاب أرض، وقتل سكانها الأصليين وتشتيتهم في المنافي.
وكانت هذه الدولة العنصرية تراهن على ترويج أنها «واحة ديمقراطية في صحراء من الاستبداد»، وأن الأرض لا يوجد بها «سكان أصليون»، وبالتالي يحقّ لها أن تشنّ الحروب العدوانية على الشعوب المتوحشة التي تحيط بها وتهدّد وجودها. كل الحروب التي شنّتها كانت تتم تحت هذا الستار الكثيف من المغالطات وتضليل الرأي العام في الدول الداعمة للنظام الصهيوني. واستمر ذلك الدعم والتأييد حتى غزو لبنان صيف العام 1982.
مع مطلع الألفية الجديدة، تبدّلت المعادلة، فمنذ العام 2000، عام اندحارها من لبنان وانسحابها لأول مرةٍ دون شروط، أصبحت لحروبها كلفة يجب أن تدفعها، ليس في حدود المنطقة فحسب، بل على مستوى الساحات والدول التي ظلت تدعمها طوال نصف قرن. وهنا تكمن أهمية مثل هذه المواقف التي تدعو إلى مقاطعة «إسرائيل»، في قلب دول الاتحاد الأوروبي. فالرأي العام لم يعد يقبل أن تظل دولة خارج القانون، تمارس أعمال القتل والتنكيل بالمدنيين، وانتهاك مقدساتهم ومساجدهم، وهدم منازلهم، أخذاً بأسلوب الانتقام والعقاب الجماعي، وسياسات التمييز والبطش وتكسير الأطراف.
لقد ظلت «إسرائيل» دولةً مدلّلةً على مستوى عواصم القرار العالمي، تمارس ما تريد خارج القانون، دون رقيب. وكان ساسة الغرب يستخدمون الفيتو لحمايتها من الإدانة أمام الأمم المتحدة، ويدافعون عن جرائمها أمام منظمات حقوق الإنسان، ويبررون ما تقوم به من انتهاكات بحق المدنيين بأنه محاربةٌ للإرهاب، ودفاعٌ مشروعٌ عن النفس. الآن المعادلة تبدّلت، والرأي العام استيقظ، والخديعة انتهت فترة صلاحيتها، وبدأت تظهر الحقائق أمام العالم لتعرّي هذه الدولة الشاذة المتستّرة بهذه المزق من الديمقراطية العنصرية، التي لم تعد تصلح للقرن الحادي والعشرين.
العريضة الأخيرة أشارت إلى مقاطعة معهد الأبحاث التكنولوجية في حيفا؛ لأنه يطوّر برامج وأدوات تستخدم لهدم منازل الفلسطينيين، ولا يمكن للمؤسسات الأكاديمية السماح بمثل هذه الأمور. واعتبرتها إحدى الموقّعات على العريضة (البروفيسورة جين هاردي) فرصةً حقيقيةً لانضمام الأكاديميين إلى حركة مقاطعة «إسرائيل» التي يزداد تأييدها في المجتمع الدولي، بسبب استمرار إسرائيل في خرق القانون الدولي وانتهاك حقوق الإنسان.
لقد بدأ العالم ينفر من هذه اللوثة العنصرية التي تصطدم بروح العصر، وإن صبغت وجهها المجعّد بطبقةٍ سميكةٍ من المكياج.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4806 - الثلثاء 03 نوفمبر 2015م الموافق 20 محرم 1437هـ
عنصرية
وتمييز
وكراهية
وحقد
وطائفية
من الشعب البريطاني بعض الأحرار لا يقبلون سياسة بريطانيا العنصرية
سياسة الحكومة البريطانية سياسة عنصرية بامتياز تزرعها اينما حلت